الكتاب الصوتي الغائب في الثقافة المغربية

مراكش – المعطي قبال
تعتبر قراءة وسرد الكتب على مختلف أنواعها وأشكالها (رواية، قصص قصيرة، حكايات، دراسات فكرية وفنية) أحد مكونات الثقافة الحديثة في الغرب. غير أنه في تطورها وتنوع هذه الكتب، تمكنت منها التكنولوجيا لتدخل عليها مادة مضافة هو العامل الصوتي. هكذا أصبح الكتاب الصوتي جمهور خاص ، هم إما مسنون، أو أناس فقدوا البصر ولا يقدرون على القراءة، او أناس فقدوا التركيز بسبب آفة نفسية الخ…
تركن هذه الشرائح الاجتماعية إلى صوت كوميدي أو قاريء محترف لـ «قراءة» أهم كتب التراث الأدبي أو المعرفي مثل «بحثا عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست أو «الطاعون» لألبير كامي أو «العاشق» لمارغريت ديراس أو بعض نصوص لينين أو غرامشي والقائمة مفتوحة بين كتاب كلاسيكيين أو حداثيين . وقد غطت القائمة أهم المثقفين الفرنسيين إن نحن اقتصرنا على هذا البلد. هذا مع العلم أن القائمة تشمل وتغطي مجمل الثقافة العالمية. فإنه عام 2024، بلغ عدد استهلاك هذه الكتب الصوتية 10000 كتاب وهذه النسبة تعرف وتيرة متزايدة. فقد بلغت النسبة بالولايات المتحدة الأمريكية 25 في المائة عام 2021 وذلك حسب النقابة الوطنية للنشر. أما في فرنسا، فقد بلغت هذا العام أزيد من 10 ملايين قاريء صوتي. كما ارتفعت نسبة عناوين الكتب ، تخصصاتها أو تيماتها. وأمكن ملاحظة هذه الوثبة المتزايدة بكل من النرويج، إسبانيا، إيطاليا، إسلندا. أما بالولايات المتحدة الأمريكية فإن الأوديو-بوك يمثل 20% من سوق الكتاب.
هل سيعوض الكتاب الصوتي بقية أنواع الكتب الأخري مثل الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني؟
يجمع الخبراء على أن ذلك مستبعد بحيث لا زالت النسبة الكبيرة تستعمل وتلجأ إما الكتاب الورقي أو الكتاب الرقمي. وهي نسبة تناهز 55 في المائة. لذا فإنه من الصعب أن يزيح الكتاب الصوتي بقية أشكال الكتب الأخرى عن أمكنتها الريادية. ويشكل الكتاب الصوتي فرصة جديدة لتنويع الناشر والمؤلف لنتاجاتهم.
وتأتي على رأس الإصدارات القصص القصيرة بـ3212 كتاب مسجل. و 1819 رواية. أما، حكايات الأطفال فقد بلغت 1059 تسجيل. الشعر 596 تسجيل. الفلسفة 596. التاريخ 560 تسجيل. الدراسات 557 . أدب بوليسي 458، سير ذاتية 429. ديانة 237 ، رحلات 107 عنوان. لغة فرنسية 10 تسجيلات وغيرها من النصوص القديمة والحديثة التي بفضل مؤسسة Audible تحولت إلى كتب صوتية. وتكلفت هذه المنصة بتسجل آلاف النصوص وتحويلها إلى كتب صوتية. بالمغرب ثمة مفارقة صارخة وهو أنه لا وجود للكتب الصوتية. موقعة لا من طرف مؤلفين لغتهم العربية أو لغة كتابتهم الفرنسية . يكاد حضورهم في مشهد الكتاب الصوتي شبه منعدم، اللهم باستثاء بعض روايات ونصوص طاهر بنجلون المحسوب على الأدب الفرنسي. لذا لا يتوفرون على خزانة صوتية لكتبهم ولا يعرفهم القارئ سوى بنصوصهم الورقية . وبما أن الكتب الصوتية تنتمي بنوع ما إلى الأدب الشفوي، (القراءة، الحكي)، وبما أن ثقافتنا ثقافة شفوية، فكان بالإمكان ومن دون عناء أن تساعد القاريء المحتمل على الاستئناس بالقراءة والتعود عليها كأداة انفتاح على العالم. لكن إن كان المؤلف نفسه لا يقرأ تبعا لأن هناك بعض الكتاب الكسالى الذين لا يقرأون على مدى العام ولو كتابا واحدا، فكيف لهذا السلوك أن يكون نموذجيا في مجال الثقافة؟!