إسبان يحذرون من اهتزاز ثقافة التسامح!

إسبان يحذرون من اهتزاز ثقافة التسامح!

فالنسيا: عبد العلي جدوبي

           نظمت نقابات إسبانية محلية، ومنظمات حقوقية، وجمعيات مغربية في مقدمتها جمعيات (صوت المغرب) و(دار المغرب) و(فالنسيا من أجل المهاجرين)، يوم الجمعة 18 يوليو 2025 بساحة البلدية بمدينة فالنسيا، وقفة احتجاجية بعد تصاعد خطاب الكراهية ضد المهاجرين والملاحقات في بلدة طوري باتشيكو التي شهدت اعتداءات على بعض أفراد الجالية المغربية من على اثر التصرف المعزول والمرفوض والعدواني الذي قام به ثلاث شبان من المهاجرين غير النظاميين في حق مواطن اسباني مسن (68 عاما)، وأعرب المحتجون من المواطنين الاسبان والمغاربة المهاجرين ومن مختلف الجنسيات، عن قلقهم من تصاعد الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين في بلد ديمقراطي.

صحيفة “ال.دياريو” أعادت إلى الأذهان الجدل حول العلاقة بين بعض المهاجرين المتهورين غير النظاميين والسكان المحليين، وأضافت في مقال لها أن هذا الحادث الفردي والمعزول وجده حزب فوكس المتطرف فرصة ليصب الزيت على النار، مما زاد من حدة التوتر في بلدة طوري باتشيكو، التي شهدت تعزيزات أمنية مكثفه من طرف الحرس المدني الاسباني.

فيما اتهم الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم زعيم حزب فوكس (أنخيل انتيلو) بربط الهجرة بالجريمة  في خطاباته  وظهوره الإعلامي وفي منشوراته على منصة (إكس) التي تم إغلاق تطبيقها، ويعتمد خطاب حزب فوكس المعادي للهجرة والمهاجرين بالأساس على خصائص سياسية قومية، يحمل المهاجرين تبعات الأزمات الاقتصادية بالبلاد، ويتهمهم بارتكاب الجرائم في حق المواطنين الإسبان “الأصليين” وهذا ما يمهد لهم الطريق – حسب أحد قيادي الحزب الاشتراكي – في الانتخابات القادمة، لاستقطاب عدد من الناخبين المتطرفين المعادين للمهاجرين، بالرغم من معاداة أحزاب ذات القوميات التاريخية، خصوصا في كتالونيا وإقليم الباسك لحزب فوكس.

وتشير مصادر أمنية إلى أن الشرطة ببلدة طوري باتشيكو أعلنت أنها أوقفت 14 شخصا من المهاجرين من المشتبه بهم، وتم تقديمهم للنيابه بتهم الضرب والاعتداء على شخص مسن، كما تم أيضا اعتقال أفراد إسبان بتهم تتعلق بالكراهية بالتمييز العنصري والإخلال بالنظام العام.

وفي خطوة لتهدئة الأوضاع تعهد رئيس منطقة مورسيا المحافظ (فيرناندو لوبيز ميراث) بمعاقبة المتورطين في تلك الاعتداءات، مطالبا السكان التزام الهدوء. ومن جهته دعا رئيس بلديه طوري باتشيكو (بيدرو انخيل روكا) سكان المدينة إلى الهدوء وإلى الالتزام بالقوانين الجاري بها العمل، مطالبا بعدم الخلط بين المجرمين والجالية المغربية تحديدا التي جاءت إلى  اسبانيا من أجل العمل .

ووفق صحيفة (لوبينيون دي مورسيا) قام متطرفون إسبان مدججون بأسلحة بيضاء بالتجوال في شوارع البلدة لمواجهة المهاجرين، تصدت لهم قوات من الشرطة المحلية. ومن جهتها انتقدت وزيره الشباب الإسبانية (سيرا ريغو) الملاحقات العنصريه ضد المهاجرين، متهمة اليمين المتطرف بالوقوف وراء أعمال الشغب وخطاب الكراهية .

وتعد  بلدة  طوري باتشيكو  من البلدات التي تضم نسبة كبيرة من المهاجرين، حيث يشكلون نحو 30% من مجموع السكان،  معظمهم مغاربة يعملون في القطاع الزراعي، وتعد الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا أكبر جالية، بمجموع 930 ألف شخص، يليهم الرومانيون بنحو 620 ألف، وفق بيانات المعهد الوطني الإسباني للإحصاء .

في تعليقها على خطابات الكراهية ضد المهاجرين، شددت وزيرة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الاسبانية (إلما سايز) على أن ما يجري أمر خطير، معتبرة أن التجريد من الإنسانية واستخدام لغة عنيفة ومشفرة والتحريض على العنف ضد المهاجرين، أشكال مرفوضة ، مضيفة أنه لا يمكن السماح للكراهية بأن تصبح أمرا عاديا  في مجتمع حر وديمقراطي مثل اسبانيا كما أن هذه الأزمة تعكس تراجعا تراجع منسوب التماسك الاجتماعي، واهتزاز ثقافة التعايش في بعض المناطق الإسبانية في ظل الازمات الاقتصادية وتنامي  الخطابات الشعبوية التي تلقي باللوم على المهاجرين وتصورهم كتهديد مباشر لنمط الحياة الأوروبية..

ووفقا لتقرير المرصد الاسباني لمناهضة العنصرية  وكراهية الأجانب التابع لوزاره الادماج والضمان الاجتماعي والهجرة، فقد تم تسجيل 54 ألف خطاب كراهية خلال شهر يونيو الماضي فقط، وأبرز ما ورد في التقرير ارتفاع نسبة الرسائل العدوانية الموجهة للأشخاص المنحدرين من شمال افريقيا والتي بلغت 81% من مجموع الخطابات المبلغ عنها، وهو ما يؤكد العداء الموجه إلى هذه الشريحة دون غيرها.

شارك هذا الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!