كيف تحيي منصات التواصل الاجتماعي الآداب الكلاسيكية وهي رميم؟!!

تولوز- المعطي قبال
يبقى فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي بلا منازع وبامتياز الكاتب اللعين للقرن التاسع عشر. تكالب عليه سوء الحظ بسبب إدمانه على القمار الذي أغرقه في الديون وتسبب في هربه إلى أوروبا. على الرغم من ذلك اعترف له الفلاسفة والأدباء بحدة الذكاء، حس المغامرة، فرادة الإبداع في الكتابة وهي تجارب بصمت مساره عبر تجارب البؤس والفقر والخيانة ثم السجن بسبب أفكاره التقدمية التي تسببت في منفاه إلى سيبيريا، حيث نظمت له بعد محاكمته عملية صورية رميا بالرصاص، زرعت في ذهنه ووجدانه لسنوات خوفا عميقا.
توفي دوستويفسكي عن سن 59 بعد أن ألف تحفا أدبية شهد له أصدقاؤه وخصومه بعبقريتها وتمكنه من فنون السرد والحكي. نذكر من بين هذه التحف «الجريمة والعقاب»، «الإخوة كارامازوف»، «الشياطين»، «المقامر»، «الأبله».
أشاد كتاب وفلاسفة أتوا من بعده بهذه العبقرية والنبوغ الفني والإبداعي. من بين هؤلاء: نيتشه، جيمس جويس، ألبير كامي، أندريه جيد، جان – بول سارتر الخ…
إن كان كافكا، الذي توفي منذ قرن خلا، يعتبر أحد «زعماء حركة» تيك – توك، وقد التحق به راينر ماريا ريلكه، على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن ديستويفسكي أصبح مرجعا أدبيا بالنسبة لأجيال شابة. من وراء صحوة صاحب «الجريمة والعقاب» قصة قصيرة كتبها عام 1848 في عنوان «الليالي البيضاء»، والتي تربعت على رأس مبيعات النصوص الكلاسيكية الأكثر مبيعا منذ 2024 ببريطانيا وبعض الدول الأوروبية.
تتناول القصة حكاية شاب في 26 من عمره، يعيش بسان بيترسبورغ يعاني من الوحدة. يقع في غرام فتاة لا تتقاسمه نفس العواطف. على بساطة موضوعها تبقى هذه القصة شديدة التركيب والحبكة. تعرف الشباب على أنفسهم في أحداثها. وقد نشرت القصة في سلسلة بانغوان الشهيرة. وصدرت ترجمتها الفرنسية عن منشورات آكت سود. كما بلغت مبيعاتها 50,000 نسخة.
إن لم تكن منصة تيك – توك من وراء الإقبال على ديستويفسكي وقصته، فإن منصة أخرى في اسم بوك – توك هي التي صنعت هذا الاهتمام. وتقوم سياسة هذه المنصة على تبادل الرأي والتوصيات في مجال الأدب إلى درجة أن بعض المشاركين تحولوا إلى مؤثرين أدبيين.
لا زلنا في المراحل الأولى من «تكتكة» الأدب، (نسبة إلى تيك توك)، هذه الظاهرة التي سيكون لها تأثير بالغ الخطورة على ماهية الكتاب، الكتابة والقراءة.