فشل لبناني في إقناع المجتمع اللبناني بالرد الرسمي…

أحمد مطر
في زيارته الاخيرة، كتب توم باراك ما دام الحزب يحتفظ بالسلاح، فإن الكلمات لن تكفي. على الحكومة والحزب الالتزام الكامل والتصرّف فوراً. وخلال زيارته الأخيرة للبلد ردد أن مسؤوليّة حصرية السلاح بيد الدولة في لبنان هي لبنانيّة. مفيد الكلام أن على لبنان أن ينزع شوكه بيده، أي أن تتولّى الدولة نزع سلاح الحزب بقواها، الناعمة أو الخشنة أو الاثنتين معًا.
لم تكن مواقف الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك قبل مغادرته بيروت، سوى اعتراف بأنه قد فشل في مهمته الأساسية وهي إقناع لبنان بكامل بنود وتفاصيل المقترحات الأميركية لتنفيذ مندرجاتها حول حصرية السلاح وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، ذلك ان التعابير التي استخدمها مثل ان الموقف اللبناني مخيب للآمال، وانه باراك لا يعرف نهاية للمشكلة القائمة، وان لبنان سيكون متروكاً، وان الإدارة الأميركية لا يمكنها أن تضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات والإنسحاب من الجنوب، دلّت على رفض أميركي وطبعا إسرائيلي، للرد اللبناني، وأيضا والأهم رفض مقترحات الرئيس نبيه بري. ومن هنا جاءت تسريبات محلية لمصادر يُشتبه بأنها أميركية بعد مغادرة باراك لبيروت، مفادها أن لبنان تلقّى رسائل دولية برفض مقترحِ رئيس مجلس النواب، الذي يحظى بموافقة حزب الله، مقابل الإصرارِ الدولي، على ضرورة التزام لبنان بالأجندة الدولية وسحب السلاح كاملاً وعاجلاً، وأن الرسائل التحذيرية تصل إلى لبنان حول إمكانية إقدام إسرائيل على ضربة في الأيام المقبلة للضّغط على لبنان لتنفيذ شروط حصر السلاح .
تريث المسؤولين بتنفيذ ما وعدوا اللبنانيين بتحقيقه، في خطاب القسم والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، ولاسيما حصر السلاح بيد الدولة دون سواها، بدأ يقلص من نظرة المواطنين اليهم، ويثير موجة من التساؤلات عما يمكن ان يؤدي اليه هذا التريث من نتائج وتداعيات على الدولة كلها، في حال لم تبادر إلى اتخاذ القرارات المطلوبة، لحل هذه المشكلة، والانتقال منها إلى مرحلة إزالة آثار الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، وبعدها إطلاق ورشة حل الأزمات والمشاكل والنهوض بلبنان نحو الأفضل.
ليس مشكلة نزع سلاح حزب الله، هي المشكلة الوحيدة، التي تواجه الدولة اللبنانية في هذا الظرف الملبد بالغيوم السوداء فقط، بل هناك مشاكل عديدة تلوح بالافق، وتهدد بالتمدد إلى لبنان في حال استمرت الدولة في تراخيها، والتردد في اظهار جديتها وحزمها، ببسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية، بما فيها، المربعات والجزر الامنية، الممنوع على الدولة الدخول اليها في السابق.
الاحداث في الجنوب السوري وتداعياتها الدموية مؤخرا، على النحو الخطير الذي حصلت فيه لم تكن في حسابات المسؤولين اللبنانيين، وكذلك تمدد مفاعيلها على الداخل اللبناني ايضا، لولا مسارعة الاطراف السياسية والدينية إلى تطويقها، ومنع اي محاولات لاثارة الفتنة، والانجرار إلى رغبات بعض الموتورين لاستغلالها باشعال نيران مماثلة بالداخل اللبناني .
هناك الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة باستمرار على لبنان، ولم تتوقف منذ اتفاق وقف الاعمال العدائية في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وتستهدف كوادر وعناصر الحزب ومستودعات سلاحه، وتمنع كل محاولات اعادة الاعمار والترميم، ولو بجهد فردي، ليتمكن المواطنون من العودة إلى مناطقهم وقراهم، ما يُبقي الاوضاع غير مستقرة، ومطالب المواطنين، لاسيما اعادة الاعمار وتأمين متطلبات العيش اليومي عاملا ضاغطا على الحكومة والمسؤولين اللبنانيين.
وحول جلسة مجلس الوزراء، ليس محسوماً ما إذا كانت جلسة الحكومة المقبلة الثلثاء المقبل، ستبحث في موضوع حصرية السلاح بيد الدولة وحدها، مع أن ما تسرب بهذا الشأن يشير إلى هذا الاتجاه، بانتظار عودة رئيس الجمهورية جوزاف عون من الجزائر، والذي ستكون له سلسلة مواقف على قدر كبير من الأهمية، غداً، عشية الأول من آب . وفيما شدد رئيس الحكومة نواف سلام، على التمسّك بجوهر اتفاق الطائف، خصوصاً لجهة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، معتبراً أن هذا المبدأ منصوص عليه بوضوح في الدستور ولا يمكن لأي جهة داخلية أو خارجية المساس به، فإن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا يبدو متحمساً كثيراً لعرض موضوع حصرية السلاح على جلسة خاصة لمجلس الوزراء، باعتبار أنه سبق لبيان الحكومة الوزاري أن تطرق إلى هذا الموضوع . وسرت معلومات أن الفترة الفاصلة عن جلسة الثلاثاء، ستشهد سلسلة اتصالات رئاسية بهدف إزالة التحفظات من جانب الثنائي بشأن طرح ملف حصرية السلاح في الجلسة الحكومية، تفادياً لأي خضة وزارية ليست في الحسبان، في ظل الظروف البالغة الدقة التي يمر بها لبنان، وعلى وقع ارتفاع منسوب الضغوطات المتصلة بالسلاح، وضرورة نزعه من حزب الله وكافة الفصائل المسلحة .
ختامًا كل هذه العوامل والوقائع، تفرض على المسؤولين، التحرك بفاعلية وحزم، لقطع الطريق على اي محاولة، لعرقلة تسليم سلاح حزب الله والتنظيمات الفلسطينية، للدولة اللبنانية تحت اي ذريعة كانت، بعد أن فقد هذا السلاح أي تأثير له في منع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وحزب الله ايضا، كما اظهرت الوقائع على الارض، والمبادرة فورا إلى تنفيذ القرارات المتخذة، لتسليم السلاح للدولة.
وبهذه الإجراءات في حال تنفيذها، تسحب الدولة كل الحجج، التي تتذرع بها إسرائيل، لإبقاء احتلالها لمناطق جنوبية واستمرار اعتداءاتها على المواطنين جنوباً وبالداخل اللبناني.
كما تؤكد الدولة جديتها للمجتمع الدولي، بتنفيذ القرارات التي تحفظ الامن والاستقرار، وتساهم بتسريع المساعدات الموعودة عربيا ودوليا، لإعادة الإعمار وحل الأزمات المالية والاقتصادية التي تواجه لبنان.