الإسلام جائع في غزة!
عبد العلي جدوبي
انتفضت كل شعوب العالم ضد الغطرسة الإسرائيلية، وضد تجويع أهل غزة، في أبشع عملية إبادة جماعية شهدتها البشرية خلال القرن الواحد والعشرين، وحصار دام ثمانية عشر سنة، تم خلاله إغلاق المعابر بما فيها معابر الدولتين الإسلاميتين مصر والأردن! وهذه هي الطامة الكبرى..
انتفضت كل شعوب العالم عبر مظاهرات حاشدة في كبريات عواصم الدول الغربية وفي المغرب وبعض الدول العربية، ولم نسمع صوت مليارين من المسلمين، ولم نعد نسمع أيضا حتى صيحات البعض منهم الداعي بـ”الموت لإسرائيل” في خطب الجمعة؛ فقط جامعتهم العربية “نددت” ومنظمتهم الإسلامية “ستنكرت”!
يا أمة المليارين من المسلمين.. كفار قريش في حربهم مع النبي (ص) أطعموا المسلمين، أليس فيكم مشرك من قريش يطعم أطفال غزة؟
الآن الجميع يسأل: من هم أهل الباطل؟
أهل الكهف ماتوا واستيقظوا.. وأنتم نيام منذ ألف وأربعمائة سنة ولم تستيقظوا بعد!!
يا أمة المليارين من المسلمين.. سجلوا أن احفادكم سيقرؤون أن أكبر عملية تجويع للمسلمين حدثت في زمانكم، وصدق من قال إن المسلمين بحاجة لمن يوقدهم بلطف قبل أن يسحقهم تيار الخذلان!
لماذا أنتم محنطون مغيبون.. قطاركم خرج عن السكة؟ وضحايا أهل غزة بين شهيد وجريح ومفقود وجائع؟!
تقولون إن لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف مسجد، وأنتم بنيتم سبعة ملايين مسجد في أوطانكم يؤطرها آلاف الشيوخ والفقهاء، يتحدثون فيها عن عذاب القبر، وعن حجاب المرأة، وعن الحيض والنفاس!!
خمسمائة مليون منكم يحيطون بمليونين من المجوعين، ولا أحد منكم استطاع تقديم كسرة خبز لهم أو قنينة ماء – باستثناء لجنة القدس بمبادرة ملكية مغربية إنسانية قل نظيرها – أدخلت برا مساعدات غذائية وطبية وغيرها إلى مخيم البريج..
كيف نصدق أن الخليفة المعتصم بالله خرج بجيش قوامه تسعون ألف مقاتل لتحرير امرأة؟
خدعتمونا بتاريخ مزور عن شيم العروبة والشجاعة والشهامة والمروءة!
كذبتم علينا حينما قرأنا أن المسلم يحمي جاره، بل ويغرف له من طعامه إذا ما شم رائحته!
كذبتم علينا أن شيم الوفاء وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم أمانة في عنق المسلم.. تبكون حين تسمعون أن إمرأة دخلت إلى النار فقط لأنها حرمت قطة من الطعام!! وتصمون آذانكم عن سماع أنين الأطفال والنساء والمجوعين في قطاع غزة
لقد اعتاد البعض منكم على مشاهدة ومتابعة مآسي أهل غزة، وصور البطون الخاوية التي تزحف فوق أديم الارض، عبر قنوات تلفزيونات العالم.. حتى صارت هذه الكوارث الإنسانية من الأمور المعتادة لدى فقهاءنا وشيوخنا أصحاب الدعوات إلى الزهد والقناعة! وأصبح القادة العرب يترقبون إلى القادم من المآسي في غزة!!
أما آن لقلوبكم أن تهتز؟ أما آن لضمائركم أن تصحوا؟ أما آن لدموعكم أن تنهمر؟
وهل أصيبت النفوس بالجبن والخذلان في غزة؟!
الموت له طيف يمزق الأمعاء الخاوية، يحطم ما تبقى من الأرواح المنهكة في أروقة المساعدات الممنوعة، التي تسقط من صناديق كقنابل موقوتة، تصيب كل من اقترب إليها في مساحة شديدة الاكتضاض، بسبب إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مساحة كبيرة من القطاع التي تبلغ 365 كلم مربع منطقة عسكرية محظورة.
يقول منسق الطوارئ الاقليمي في منظمة “أطباء بلا حدود”، أن تساقط المساعدات الإنسانية بطرق عشوائية عبر الإنزالات الجوية، طريقة مذلة تحط من الكرامة الإنسانية، تبوح برائحة الإذلال، والأكثر عبثية في التاريخ..
جيش الاحتلال الإسرائيلي حاصر قطاع غزة لثمانية عشر عاما، وشدد على أهلها الخناق، وقام بشن ثلاثة حروب كبرى وبآلاف الغارات، وأسقط آلاف الأطنان من القنابل، ولم يكتف بذلك فقط، بل نهج عملية تجويع ممنهجة لتهجير ما تبقى من أهلها الأحياء في إبادة جماعية…
غزه تستغيث… فهل من مغيث؟ هل سمعتم بطفل أوروبي أو أمريكي أو من إحدى دول الخليج مات من الجوع؟
يا أمة الإسلام، يا من تصرخون كل جمعة “اللهم أنصر الإسلام وأعز المسلمين”… ها هو الإسلام جائع في غزة.. فأين العزة؟!
