عودة إلى إحياء تيار الصهيونية!

عودة إلى إحياء تيار الصهيونية!

عبد العلي جدوبي 

                  يبدو أن الخدعة الايديولوجية التي أطلقها اليهود منذ احتلالهم لأرض فلسطين وفق مقولة “الشعب المختار” لترميم التاريخ اليهودي المتداعي، يبدو أن التاريخ الآخر بدأ من جديد مع وصول نتنياهو إلى سدة  الحكم في إسرائيل، فقد أعاد إحياء تيار الصهيونية تبعا لمدرسة زائيف جابو تنسكي الأب الروحي لتيار الليكود نحو مشروع أوسع لضم المزيد من الأراضي العربية وفق الخطة المرسومة لقيام “إسرائيل الكبرى” في حدود موسعة تشمل أجزاءا من الأردن ولبنان وسوريا ومصر والعراق والسعودية.

تصريحات نتنياهو للقناه الثانية عشرة الإسرائيلية، كما قال، تستند إلى تفسيرات دينية قديمة، وهكذا تتداخل القناعة الإيديولوجية مع الحسابات السياسية في خطاب ترك الباب مفتوحا أمام جميع السيناريوهات المحتملة، وهذا يعني التنصل  النهائي من فكرة حل الدولتين، كما أن تصويت الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون ضم الضفة الغربية  لإسرائيل، مهد  الطريق أمام رئيس وزراء الكيان الصهيوني ليجعل من إسرائيل الكبرى امتدادا لفظيا لسياسة الضم الزاحف على الاراضي منذ سنوات كمرحلة اولى لتحقيق المشروع الاكبر لاحقا!

يقول معارضو السفاح نتنياهو أن هذا الأخير أراد بتصريحاته الإفلات بجلده من الضغوطات الداخلية والخارجية، لتلميع صورته المنهارة بعد فشله في عدم تحقيق أي هدف من الأهداف الأربعة التي أعلن عنها في بداية حربه على قطاع غزه.

فبعد  توسعها الكبير خلال حرب 1967، أعادت إسرائيل سيناء لمصر بموجب اتفاقيه كامب ديفيد لعام 1979، لكنها ضمت القدس الشرقيه والجولان السورية، أما الضفة وقطاع غزة فبقيا تحت الاحتلال مباشره وعززت سياسة الاستيطان.

نتساءل: هل مشاريع التطبيع العربية مع إسرائيل وفرت للمطبعين ومن معهم حماية او مكسبا؟ وفي أية خانة يضع المهرولون تصريحات نتنياهو الآن؟ وهل كانت اتفاقية أوسلو محطة خداع  إسرائيلية – أمريكية مقصودة لترك الباب مفتوحا أمام إسرائيل لتعبث بكل شيء؟!

الكيان الصهيوني بنى توسعه الاستيطاني على منطق احتلال أراضي الغير، والتلويح بالقوة! فلو كان لأسطورة القوة أن تصمد لما اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية كرمز للسطوة الاقتصادية، والنفوذ العسكري الذي انحنى العالم أمام جبروته، أن تنسحب من العراق وأفغنستان، وقبل ذلك فيتنام! فقد أذعنت لواقع أنها قوة احتلال، لأنه ما من شيء يستطيع أن يوقف حركة التاريخ في تصاعدها ضد القهر والاحتلال والاستعباد..

العقيدة الإسرائيلية راسخة حول العداء للعرب وهي تنظر إلى كل من حولها أنه يسعى إلى تدميرها، ولا تلتفت أبدا إلى كونها اتخذت من تدمير الآخرين سياسة قائمة الذات.. فإسرائيل الكيان الوحيد الذي لا حدود ثابتة لديه، ولا يستطيع العيش بلا حروب يساعده في ذلك غياب الضمير العالمي وفتور مجلس الأمن، والاكتفاء باستجداء وقف إطلاق النار عندما تكبر المأساة عند العرب والمسلمين، الذين ما يزالون يرفعون شعار “التنديد اللفظي!!

العربدة الإسرائيلية في غزة تمثل جوهر العقيدة في الإفراط في استخدام القوة، فقد جرب الكيان الصهيوني في مرات عدة إخضاع قطاع غزة لسياسته دون جدوى.. مارس الحصار لثمانية عشرة سنة  في أقصى درجات القسوة التي تشمل التجويع والقتل البطيء وتحويل المنطقة إلى سجن كبير بلا أبواب، ولا نوافذ، ومنع وصول المساعدات التي تضم الغذاء والدواء، وحين لم ينفع كل ذلك في إخماد جذور انعتاق، أمر جيوشه باِستباحة البشر والحجر.

لقد أفضت نظرية الأمن الإسرائيلي إلى التصاعد المضطرد في عملية عسكرة المجتمع الإسرائيلي بأسره، وتبني سياسة الحرب الدائمة. كما أن المستوطنات بكافة أنواعها ما زالت في قاعدة التشكيل العسكري.. وعندما يصعد هذا (النتن ياهو) من خطابه المتعنت، ويعلن للملأ رغبته في فكرتة في إحياء “إسرائيل الكبرى”، فإن ذلك يعبر بحق تحديا سافرا للمجتمع الدولي وللقرارات الأممية.

والملاحظ أنه منذ اتفاقيات أوسلو لم تلتزم إسرائيل ولو ببند واحد بأمانة، بل أنها استغلت الاتفاقيات الموقعة حتى تنفتح على العالم وعلى العرب بالخصوص، وتخترق خصوصياتهم  وتقرب لها أعدادا من  المطبعين، وقد استفاد الكيان الصهيوني من امتيازات لم يكن يحلم بها من قبل وانفرجت علاقاته الخارجية.

فهناك طور جديد الآن من تاريخ إسرائيل يقوم على احتواء مخاطر وهمية قادمة، وشن حروب بالمنطقة كمحاوله لتحقيق وهم “إسرائيل الكبرى”!

شارك هذا الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!