مرارة نظرة محمد اليازغي

مرارة نظرة محمد اليازغي

إسماعيل طاهري

        بدا محمد اليازغي في صحة جيدة خلال خروجه الإعلامي الأخير. وبدا كذلك صوته رخيما قريبا من الوجدان. وكعادته بدا متقنا فن الجلوس بهدوء ” الساق على الساق والى ربك المساق” ولكن مرارة ما تتدفق من عينيه. سخط ما يتدفق ينز كالليزر في برزخ بياض وسواد عينيه. 

فماذا يريد أن يقول لنا اليازغي؟

في الواقع افتقدنا الى هذا النوع من السياسيين الذين يمتلكون ذاكرة قوية. ويخلطون بمهارة بين حوادث التاريخ والمواقف السياسية الساخنة، ويوظفون مهارات وكاريزما لا بأس بها.

وعلى علاتهم أين هم؟

 يبدو لي السيد اليازغي منذ التسعينات أنه لم يخلق الا لأختلف معه. فمواقفه يلفها غموض وجزء منها يتركه لما وراء الستار. ولكن ذلك لا يمنعنا من احترام اختياراته. وصدق طويته وحرصه على الدفاع على مواقفه بقفازات ناعمة وصبره الكبير على تحمل الضربات والخسارات وتبعات أخطائه التي لا يستوعبها الآخرون ولا يعرفون خلفياتها الا بعد فوات الأوان.

واليازغي يتقن فن التعايش مع الذين يختلفون معه ولا يعطيهم فرصة للإجهاز عليه. لقد قاوم اليازغي محمد باهي عندما عاد من فرنسا لإصلاح جريد الحزب ” الاتحاد الاشتراكي” مما تسبب في أزمته القلبية ووفاته. وخرج منها اليازغي بدون تهمة.

لقد عرقل عودة محمد الفقيه البصري وقلل منها حزبيا وإعلاميا وفي النهاية مات البصري على هامش مؤتمر الحزب. وخرج منها اليازغي بدون تهمة.

ولكن لمحمد اليازغي مكانة خاصة في قلوبنا من الناحية العاطفية. ولا ننسى أنه تعرض في سنوات الرصاص الى محاولة اغتيال بواسطة رسالة بريدية مفخخة لازالت آثارها بادية على وجهه. كما قاد صحافة الحزب في عز مشمشها. ودافع عن الكتلة الديمقراطية وساندها رغم نكاية تيار اليوسفي بها. كما أن قصة توزيره وزير دولة بدون حقيبة في حكومة اللامنهجية ديمقراطية في عهد حكومة إدريس جطو جعلتنا نسخط عليه لأنه رضي بالإهانة وهي “لم ترضى به” كما يقول المثل. كما لم نعهد فيه ارتداء ملابس غير رسمية تليق بـ” صاكادو”، وحينها بدا اليازغي محاصرا ولم يفهم ما يجري حوله، لم يملك الحيلة للدفاع  عن أهمية ” وزير دولة” في هندسة الحكومة (يتدخل في كل شيء وليس بيده شيء). وحتى عدم احتجاجه على الإقالة المهينة له من منصب الكاتب الأول للإتحاد الإشتراكي جعلته يظهر كجثة سياسية تقود حزبا لم يع فعلا (ولم نع معه ولو من الخارج كمراقبين) أنه مات عندما افتقد الى جرأة الانسحاب من الحكومة التي قادها القصر عبر إدريس جطو. الحكومة التي مهدت لاغتيال الإنتقال الديمقراطي المأمول. وعوض أن يموت المخزن كما قال اليازغي، مات العرض السياسي لليازغي داخل جثة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

فماذا يريد أن يقول لنا اليوم اليازغي بعد سنوات طوال من السبات الطويل في منزله؟

روابط اللقاء الإعلامي:

https://www.facebook.com/share/v/1N3QMYTz45/

https://www.facebook.com/share/v/1JvcEGxxA1/

https://www.facebook.com/share/v/1AuyUNtRWV/

شارك هذا الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!