لجنة الإفلات المؤقت من العار: سباق الفشل والندم في أولمبياد الاعتذارات

لجنة الإفلات المؤقت من العار: سباق الفشل والندم في أولمبياد الاعتذارات

 عبد الرحيم التوراني

           بقدر سرعة انتشار فيديو المداولات “المافيوزية” للجنة المؤقتة لقطاع الصحافة، تحول اسمها في أذهاننا المنهكة، إلىاللجنة الدائمة للاعتذار.. أو ربما “فرقة الإنشاد الجماعي للندم”..

 لقد أطلق هؤلاء “الأبطال” سباقًا محمومًا يذكرنا بـ”أولمبياد المفترسين” حيث يتنافس الأعضاء بشراسة دموية على تقديم أجود وأسوأ أنواع الأسف المعلّب…

 في مستهل هذا الكرنفال الساخر، خرج علينا رئيس ما يُسمى قسرًا بلجنة الأخلاقيات (السيد محمد السلهامي).. وطبعًا، الأخلاقيات منه ومن أصحابه في اللجنة بريئة، براءة “الذئب من دم ابن يعقوب”، لكن هؤلاء لعلهم أشد شراسة وأقل حياءً من الذئاب.

رئيس اللجنة، العاشق لنصائح كبار مدربي كرة القدم، قرر أن يطبق قاعدة “الهجوم خير وسيلة للدفاع”.. فنزل بكل ثقله محاولًا تسجيل “الهدف القاتل” في آخر ثانية من الوقت بدل الضائع.. (ليجعلنا ننسى مضمون التسريب المسيء)، مستغلًا عضلاته لنهش الزميل الصحفي المهداوي..

 يا للخيبة.. لقد نسي “الزميل” السلهامي أن يغطي عورته، (القصد منطقة دفاعه)، ليتلقى هو “الهدف المرتد والمميت”، ليكتشف أن أنيابه ليست سوى أطقم أسنان مكسورة لا تجدي نفعًا.

 ثم سيفاجئنا بطل “التشيطين” السيد خالد الحري، متحدثًا بلغة التحري “الإش إش”، التي لا يستطيع فك رموزها إلا عبر قراءة “العيون الزهرية” لزميلته فاطمة الزهراء الورياغلي…

 كأنه أحد فقهاء سوس المتخصصين في فتح كنوز الإعلام عبر قرابين دم الجسم الصحفي…

جاء اعتذاره مغلفًا بمحاولة “إعادة الاعتبار لشخصه” أكثر من أي شيء آخر…

 يا له من مسكين! يظن أن اللجنة لا تزال تتمتع بـ”قسط ضئيل” من الاعتبار لدى الرأي العام وضمنه الصحفيين..

ربما هم يعتقدون أننا شاهدنا فيلمًا وثائقيًا دعائيا عن منجزات مجلسهم “العظيم” ولجنتهم “الأخلاقية”.. وليس تسريبًا موثقًا لفشلهم.

التنسيق هنا كان “مافيوزيًا” بامتياز، فقد قرروا عدم الخروج دفعة واحدة، بل بالتقسيط المريح.. اعتذار تلو اعتذار، لخلق ضجيج متتابع يغطي على الضجة الأصلية للفضيحة…

 وها هو يونس مجاهد، الرئيس الفعلي لـ “لجنة الإفلات من العقاب المؤقتة”، يطلّ بـاعتذاره الرسمي”… لا للصحافة التي انهارت تحت يده، ولا للرأي العام المشمئز، بل للسيد نقيب المحامين… يا له من تحول دراماتيكي في مسرحية “كرامة المؤسسات”!

 يا سيادة الرئيس المؤقت، بعد فضيحة التسريبات التي كشفت حقيقة أخلاقياتك ومستوى تأدب لجنتك، هل تظن أن رسالتك المزركشة، بتاريخ 27  نونبر 2025 (وكأن التاريخ سيمنحها مصداقية)، يمكن أن تُغطي على رائحة العفن؟

(أعرب مجاهد عن أسفه لما تداولته بعض المنابر الإعلامية، مؤكدًا أن المجلس يتابع الموضوع بكامل الجدية)…

أسف”؟ يا لك من كاذب بارع…

 أين كان هذا “الأسف” وتلك “الجدية” عندما كانت شؤون المهنة تُدار في جلساتكم السرية بأسلوب عصابات الأحياء المظلمة والدروب الخطيرة؟

 الآن فقط تتذكرون أن هناك “ضوابط مهنية وأخلاقية”؟

الآن “لجنة أخلاقيات المهنة” (يا للكوميديا السوداء!) باشرت تحقيقًا داخليًا!

تحقيق داخلي؟ هل ستحققون في غياب أخلاقياتكم أم في كيفية تسرب فضيحتكم المدوية؟

 يا للعار! لجنة الأخلاقيات نفسها هي من تحتاج إلى لجنة للتحقيق في شرعيتها!

وجاء في نص الرسالة (أن اللجنة لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات اللازمة، في حال ثبوت أي إخلال بأخلاقيات المهنة)…

حقًا؟ لن تتوانوا؟ أنتم تتوانون في حماية المهنة يوميًا… وهل بقيت لكم ذرة صلاحية لاتخاذ أي “إجراءات” أصلاً؟ صلاحيتكم انتهت كالخبز البايت، وأي إجراء تتخذونه الآن هو مجرد محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى من ماء وجه غرق في بحر التصريحات المسيئة والتدبير الفاشل…

فجأة، مهنة المحاماة أصبحت “شريكًا أساسيًا في منظومة العدالة” وتستوجب “الاحترام العميق”…

 أين كان هذا الاحترام عندما كانت الكلمات تُطلق جزافًا وكأنها رصاص من فوهة مسدس؟

لا تحاول رمي اللوم على “المواقف الفردية لبعض الصحافيين”.. أنتم القدوة الفاشلة، والجسم المهني تلوثت سمعته تحت إدارتكم…

ولن ننسى لكم، سيدي الرئيس المؤقت، فضيحة المتاجرة في الذمم بالبطاقات المهنية، أو فضيحة الابتزاز في بطاقات القطار… إنها لعنة القطار السريع الذي مر سريعاً فوق عهدكم المريع، مروره بسرعة قطار “البراق”!

 لم تكتفوا بالبطاقات المهنية، بل حولتم حتى بطاقة القطار إلى غنيمة ومنطقة صراع ومتاجرة رخيصة…

 هذه الفضائح كلها، تؤكد أنكم لم تديروا شؤون الصحافة، بل كنتم تديرون “سوقًا سوداء” صغيرة، وكل محاولاتكم للترميم لا تساوي قيمة تذكرة ذهاب بلا إياب.. تذكرة قطار مُسرَّبة…

 الآن، نحن في حالة انتظار مشوقة… هل سيصل دور اعتذار مدام فاطمة الزهراء الورياغلي والسيد عبد المنعم الديلامي؟

وماذا عن الصامت المتخفي السيد عبد الله البقالي، الذي وإن لم يحضر الجلسة “المافيوزية”، فهو بالتأكيد ليس بريئًا من “جرائم” المجلس واللجنة المؤقتة؟

أما الختام فهو مع البيان السوريالي للسيد حميد ساعدني.. الذي أعلن عن تجميد عضويته في سطرين.. تجميد عضويته يبدو مثل تجميد “الكاشير” المهرب الذي انتهت صلاحيته منذ فترة وباعوه في جوطية درب غلف… اللجنة أصلاً انتهت صلاحيتها، فما معنى تجميد شيء ميت؟

(وختم رئيس اللجنة المؤقتة مراسلته بالتأكيد على انفتاح المجلس على التعاون والحوار..)…

التعاون والحوار”!.. بعد كل هذا الفشل والاعتذارات، تتذكرون لغة الانفتاح؟ انفتحوا على الحقيقة مرة واحدة، واعترفوا بأن مسرحية التسيير المؤقت قد طالت أكثر من اللازم!

كفى من هذا التلاعب اللفظي! ارحلوا بأسفكم المزور، فالأخلاق لا تشتريها رسالة رسمية، وصلاحيتكم انتهت!

وكما يقول المغاربة “الما والشطابة”…

شارك هذا الموضوع

عبد الرحيم التوراني

صحفي وكاتب مغربي، رئيس تحرير موقع السؤال الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!