انتخابات لبنان: “حزب الله” يشتري الذمم و”الشيوعي” يقسم المعارضة
حسين عطايا
لا شك بأن ما بعد الرابع من نيسان تاريخ إقفال باب تسجيل اللوائح، أظهر مشهدية مختلفة عما كان عليه الوضع في انتخابات العام ٢٠١٨، من حيث تعداد اللوائح والقوى المتداخلة فيما بعضها البعض، نتيجة دخول عامل جديد على اللعبة السياسية والانتخابية في آنٍ معاً.
ففي العام ٢٠١٨ في دائرة الجنوب الثانية: صور – الزهراني، كان لقوى الاعتراض لائحة واحدة، مقابل لائحة الثنائي امل – حزب الله، بينما اليوم فهناك ثلاثة لوائح اعتراضية مقابل لائحة الثنائي، هذه اللوائح اليوم، مغلفة بوعاء قوى الاعتراض وقوى التغيير والتي نبتت او ازداد تعدادها ما بعد انتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩، مما أدى بالبعض الى رؤية خياله كبيراً منتفخاً فأخذته افكاره إلى أنه اصبح حالةً كُبرى في التمثيل الشعبين بينما هو غير قادر على إيجاد عشرة مندوبين ليُراقبوا صناديق الاقتراع، فيما يُسمى ماكينة انتخابية.
وفي المقابل دخل على خط الدائرة الثانية في انتخابات هذا العام، مجموعة جديدة تحت مُسمى “مواطنون ومواطنات في دولة” التي يقودها شربل نحاس الشيوعي اليساري المغمور والذي في غفلة من الزمن اصبح وزيراً عونياً ثم تم طرده من الوزارة فيما بعد، ليعود ليساريته المشكوك فيها اصلاً كون بعض المعلومات تُشير الى ارتباطاته بأجهزة استخبارات دولة شقيقة جارة، والبعض الاخر يقول ان له علاقات مع استخبارات الام الحنونة بالنظر لعلاقاتها مع ايران وحزب الله، مما يجعل منه صلة وصل او عامل تقاطع فيما بينهم جميعاً. هذا المغمور رشح عن حركته اربعة مرشحين هم بالاصل من مدينة صور ومنطقتها لكنهم غائبون عنها بحكم التعليم او العمل في بيروت وغيابهم جعلهم بعيدون عن اهل مدنيتهم ومنطقتهم وليس لهم أي نشاط سياسي او اجتماعي قبل إعلان ترشيحهم.
وهناك دور مشبوه للحزب الشيوعي اللبناني، الذي اوردت بعض المعلومات عن توافق شيوعي ــــ نحاسي، تم السعي وعبر المسؤولين الشيوعيين في الدائرة الثانية والثالثة على إدخال مرشحين تابعين لــ “شربولة” الى كل من اللائحة الثانية “رؤى الفارس” والثالثة “نزار رمال”. المهم في هذا الامر ان شربل وحركته المواطنية ترشح في كل منطقة الحد الادنى المطلوب لتشكيل لائحة ومن هنا تبدأ عملية التفاوض على إدخال أحد مرشحيه ويجري سحب الاخرين، والعامل المساعد له هو بالطبع حليفه الاساس “الحزب الشيوعي”، والذي لعب فيما مضى حصان طروادة في تقسيم المعارضة وشكل لوائح مما سهل عملية فشل المعارضات في حينها واليوم بدل دوره من تشكيل لوائح الى اللعب على اللوائح لإدخال مرشحين هنا وهناك، على الرغم من انه بالاساس كان للحزب الشيوعي تصريحاً بأنه لن يكون له مرشحين في لوائح الجنوب. ه
ذا الأمر دفع بمن تم إقصائهم الى اتخاذ قرار بتشكيل لائحة أخرى تنافس لائحة “معاً للتغيير”، وبالتالي هذا الامر جعل من الانقسام حالة تُميز قوى المعارضة مما يُبنى عليه في العمل السياسي في المستقبل. هذا من جهة الدائرة الثانية، بينما في الدائرة الثالثة ادى ايضاً تخاذل الذين يديرون العملية الانتخابية الى استسلامهم ودخولهم في بازار المساومات فأدخلوا البعض وتم اقصاء البعض الاخر، مما جعل الاخرين والذين تم إقصائهم الى تشكيل لائحة ثانية، واصبحت المعارضات لها لوائحها وللثنائي لائحته والتي تستفيد من انقسام المعارضات فيما بينها.
يُضاف الى كل ما تقدم، بأن الثنائي في مناطق الجنوب خصوصا ولا سيما في الدائرة الثانية، عمد الى الدخول في بازار شراء الذمم من خلال توزيع المال السياسي تحت مسميات مساعدات رمضانية، وذلك بناء على ما يتم رصده من عدم حماسة المواطنين للإقتراع في الخامس عشر من ايار، وتحسباً لإنخفاض نسبة الاقتراع، كما بدأت عملية توزيع المال الانتخابي على المواطنين، وهنا اسر لنا مصدر موثوق في منطقة صور ونقلاً عن قيادي في حزب الله، بأن الحزب وخلال الاسبوع الاول من شهر رمضان الحالي قام بتوزيع مبلغ يوازي الخمسمائة مليون ليرة لبنانية على عائلات في منطقة المساكن الشعبية تتراوح الدفعة مابين خمسمائة الف ليرة وصولاً الى مليوني ليرة لبنانية حسب عدد افراد العائلة وسيستكمل توزيع مبلغ موازي في الاسبوعين القادمين ايضا في الحي ذاته.
كما ان حركة امل والتي لا تمتلك الامكانيات المالية التي يمتلكها الحزب، ايضاً رصدت مبلغ مئة مليون ليرة لتوزيعها في الاسبوع المقبل، يُضاف اليها المساعدات الاستشفائية وغيرها من الامور. كل ذلك، يدل على أن المعركة الانتخابية في مناطق الجنوب تحديداً وعلى الرغم من الانقسام التي تشهده قوى الاعتراض والتغيير فإن الامر يكتسب اهمية لدى الثنائي مما يُظهر حالة الخوف التي يعيشها حزب الله تحديداً نتيجة انخفاض نسبة الحماسة لدى المواطنين الجنوبيين للمشاركة في عملية الانتخاب، وخصوصاً ان هذا الامر مدفوعا بعملية زيادة الوعي لدى المواطنين الناتج عن مرحلة مابعد ١٧ تشرين، يُضاف اليها ما نتج عن الأزمات التي يعيشونها كباقي المواطنين على مساحة الوطن بدءاً من ازمة اقتصادية وكهرباء واسعار الاشتراك الشهري، عدا عن الشح بالماء وخصوصا لدى الطبقة الوسطى والتي كانت سابقاً تُشكل غالبية من المواطنين الجنوبيين، والعامل المساعد حالياً والتي يُبقي بعض الأمور مستقرة هو نسبة الاغتراب الجنوبي خصوصاً في صور ومنطقتها ومايقوم به المغتربين من رعاية عائلاتهم واقاربهم.
لهذا، لو قُدر لهذه المنطقة نُخبة سياسية تتقن العمل السياسي ومعها مجموعات سياسية واحزاب وطنية فاعلة لكان مقدراً لها ان تُحقق نتائج ايجابية جدا في العملية الانتخابية التي ستجري في الخامس عشر من الشهر القادم.
والى ذلك التاريخ نُراقب ونستشرف ما سيحصل.