المستحيل الذي يسعى إليه خامنئي
حسین عابديني
لئن کان القادة والمسؤولون في النظام الإيراني يبذلون کل ما بوسعهم، من أجل درء الأخطار والتهديدات عن النظام وإيجاد السبل الکفيلة بضمان خروجه من الأزمة المتجذرة التي يعانيها، لکن بطبيعة الحال ليس هناك من بين قادة النظام ومسؤوليه من يجد نفسه معنيا بإيجاد السبل الکفيلة لإبعاد کل المخاطر المحدقة بالنظام کما هو الحال مع خامنئي، هذا الرجل الذي يعتبر المسؤول الأول أمام الشعب الإيراني عما آلت إليه الأوضاع وصيرورة أکثر من 70% منه يعيشون تحت خط الفقر.
خامنئي ومن فرط خوفه وتوجسه على مستقبل النظام وعلى مصيره شخصيا، فإنه حتى لايهمه مايعانية من أمراض ومشاکل خاصة بقدر مايهمه المحافظة على النظام وضمان عدم انهياره وسقوطه، خصوصا وأن انتفاضة 16 سبتمبر 2022، قد جعلته يعلم بأن النظام لم يعد بوسعه تحمل ضربة أخرى مماثلة، ولذلك فهو يريد أن يسلك دربا وأسلوبا جديدا من أجل الحيلولة دون أن يهب الشعب مرة أخرى بوجه النظام ويصب عليه جام غضبه الهادر.
مهما يفعل خامنئي ومهما بذل من جهود، فإنه في نهاية المطاف يجد نفسه محصورا بدائرة نظرية ولاية الفقيه، التي هي کالنسبة الثابتة ولاتقبل أي تغيير، ولذلك فإنه شاء أم أبى فإنه يدور في حلقة مفرغة، وحتى يبدو کمن ينتظر معجزة لکي يخرج نظامه من المحنة والأزمة العويصة التي يقبع في قعرها بسلام.
الدرس والعبرة غير العادية التي يجد خامنئي نفسه أمامها وجها لوجه، هو أنه ومنذ انتفاضة 28 ديسمبر2017 وحتى انتفاضة 16 سبتمبر2022، فإن بصمات منظمة مجاهدي خلق على مسار الأحداث والتطورات تتوضح بصورة أقوى وأکثر تأثيرا من السابق، وهذا يعني بأن الشعب الإيراني قد ضرب بکل تلك الحملات السياسية والإعلامية والفکرية والنفسية ضد مجاهدي خلق في سبيل تشويه صورتها، عرض الحائط، وأن تزايد دور ونشاط وحدات المقاومة في سائر أرجاء إيران دليل على أن الشعب الإيراني يضع کل أمله في مجاهدي خلق وينتظر منها أن تکون عاملا في التعجيل بعملية إسقاط النظام کما فعلت مع نظام الشاه سابقا.
فشل خامنئي والنظام الإيراني في عملية فك الارتباط الجدلي بين الشعب وبين منظمة مجاهدي خلق، هو في الحقيقة بمثابة تکرار لسيناريو فشل الشاه المقبور وجهاز سافاکه القمعي بنفس السياق، وهذا يعني بأن الجمر المتوقدة باقية تحت الرماد، وأن ألسنة اللهب ستندلع في أية لحظة.
الأزمة الخانقة والمتجذرة التي يعاني منها النظام، ولا سيما بعد فضيحة التصريحات الصادمة لسجاد بادام، المدير العام للتأمينات الاجتماعية، بخصوص سوء الأوضاع الاقتصادية، وأن النظام على مشارف الإفلاس والتي قال فيها بأن الأوضاع قد وصلت إلى “نقطة يتعين علينا فيها بيع جزيرتي قشم وكيش ومحافظة خوزستان لدفع رواتب المتقاعدين”، وتأکيده على أنه حتى لو تم رفع العقوبات الدولية وتم بيع 3 ملايين برميل من النفط من دون عقوبات، فإن ذلك لن يحل أزمة النظام العويصة. مع ملاحظة أن رئيسي قد قام بإقالته فورا من منصبه على إثر هذه التصريحات.
خلاصة الأمر، إن خامنئي يبدو في نهاية المطاف کدون کيشوت، وإنه يعيش وهم إخراج النظام من الأزمة المتجذرة، لکن وکما يبدو واضحا فإن ذلك هو المستحيل بعينه!