الفرنكوفونية.. تلك السيدة العجوز الخرساء

الفرنكوفونية.. تلك السيدة العجوز الخرساء

باريس – المعطي قبال

   تقام في كل البلدان الناطقة بالفرنسية ما بين 18 و 26 مارس، النسخة 28 لأسبوع اللغة الفرنسية. ويشمل البرنامج عروضا فنية، مسابقات في الإملاء، مبارزات في القراءة والفصاحة، محاضرات وعروضا لأفلام ولقاءات مع كتاب. وستنظم عشرات التظاهرات حول تيمة «في كل الأزمنة» بالمكتبات، الخزانات والمراكز الثقافية.

   يخلف البرنامج المقترح انطباعا بنشاط متكرر وسطحي لسبب بسيط هو ان الفرنكوفونية أضحت سيدة عجوز بلا نفس ولا طاقة. بمعنى أن اللغة الفرنسية في ظل المتغيرات الراهنة والتي تشهد زحفا كاسحا للغة الانغلوساكسونية، لم تعد قادرة على تجديد ذاتها من الداخل. كما أن تطور اللغة يبقى مشروطا بالظرف الجيوسياسي الذي لا يلعب لصالح فرنسا. ففي شمال إفريقيا كما في دول الساحل توجد اللغة الفرنسية في وضع لا تحسد عليه، وذلك بسبب السياسة الفرنسية النيوكولونيالية. وفي أكثر من بلد إفريقي ثمة دعوات إلى التخلي عن اللغة الفرنسية لأجل اللغة الإنجليزية، وهو خيار عفوي وعاطفي. فاللغة سياسة والسياسة لغة. فليس من شأن الحديث باللغة الأنجلوساكسونية، إصلاح أوضاع الأفارقة.

   وحسب تقرير للمنظمة العالمية للفرنكوفونية أجري عام 2022 ، يبلغ عدد الفرنكفونيين 321 مليون متحدث باللغة الفرنسية، مما يجعل من هذه اللغة خامس لغة في العالم. ولتقوية سلطتها الناعمة استحدثت فرنسا مجموعة مؤسسات مثل الوكالة الجامعية، منظمة العمداء الفرنكفونيين، الرابطات الفرنسية الخ…

   على المستوى الثقافي يعتبر الكتاب صلة وصل رئيسية تعبر عن حالة ووضع الفرنكوفونية في البلاد الناطقة بها. ويمثل سوق الكتاب 5 بليون يورو ناتجة عن مبيعات الكتب اي ما يعادل 5 في المائة من مبيعات الكتب في العالم عام 2020. وتمثل فرنسا لوحدها 85%، تتبعها كندا، بلجيكا، ساحل العاج، سويسرا، الكاميرون، السينغال ثم المغرب في المرتبة الأخيرة. لكن قطاع الكتاب يواجه عدة مشاكل من بينها الأمية، عدم تصدير الكتب المحلية، غلاء الكتب الفرنسية المستوردة، القرصنة، غياب انسجام الأطر الإدارية الوطنية، التحولات الرقمية الخ…تتكهن بنك ناتيكسيس للاستثمار بأنه في أفق 2050، ستصبح اللغة الفرنسية أكثر لغة استعمالا في العالم. لكن في انتظار أن يتفوق موليير على شكسبير، ستجري تحت القناطر أنهار ووديان كثيرة !

شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *