استسلام إيران نووياً ليس كافياً! ما هي الشروط الأميركية الإضافية؟

استسلام إيران نووياً ليس كافياً! ما هي الشروط الأميركية الإضافية؟

 سمير سكاف

           عرض أميركي واحد على إيران لا غير: الاستسلام! ولكن حتى استسلام إيران بمعنى قبولها بالتفكيك الطوعي لبرنامجها النووي لن يكون كافياً لوقف الحرب!  إذ عند الاستسلام فقط يمكن أن تبدأ المفاوضات التي ستشمل: قطع إيران، بنفسها، لأذرعها كلياً، وقف تمويل ما يعتبره الأميركيون إرهاباً، وبعدها ستتركز المطالب على تغييرات في الداخل الإيراني.

وهذه التغييرات تعني فعلياً إنهاء سلطة وقدرات الحرس الثوري الإيراني. قد لا يكون التغيير إنقلاباً ولا عودة قريبة لابن شاه إيران رضا بهلوي إلى الحكم. بل قد يتمّ نقل سلطات الحرس الثوري إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وإلى فريقه “الإصلاحي”، إذا ما استمر في الحكم!

وهذا يتماشى مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمام مستشفى سوروكا في بيرشيفا، التي استهدفتها إيران، منذ يومين أن إسرائيل ستقوم بتغيير الشرق الأوسط والعالم. والمقصود بالطبع هو تغيير النظام في إيران! وفي هذا الإطار، تتجه إسرائيل إلى التصعيد عسكرياً ضد أهداف استراتيجية أخرى. قد يكون أبرزها محاولة اغتيال المرشد الإيراني السيد علي الخامنيئي.

وإذا ما نجحت إسرائيل باغتياله، فهي ستعمل على اغتيال أبرز الشخصيات الإيرانية التي يمكن أن تخلفه. والردود الإيرانية، في حال اغتيال الخامنيئي، لن تتغير كثيراً، على الأرجح، عما تقوم به إيران حالياً من توجيه ضربات للداخل الإسرائيلي.

إن الأسلوب الإسرائيلي في التعاطي الحربي مع إيران يشبه إلى حد كبير أسلوبها في التعاطي مع حزب الله في الحرب الاخيرة؛ من ضرب قدرات عسكرية (ونووية إيرانية)، وضرب الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ، وتنفيذ سلسلة لا تنتهي من الاغتيالات.

لا يمكن من وجهة النظر الإسرائيلية التوقف اليوم عند ما تعتبره إنجازاً تاريخياً بتدمير القدرات النووية الإيرانية، حتى ولو تمّ نقل بعض اليورانيوم إلى أماكن أخرى. وبالتأكيد، بالذهنية الإسرائيلية، لن تتأخر إسرائيل باكتشافها واستهدافها. 

فالهدف صفر تخصيب لليورانيوم هو أولوية إسرائيلية استراتيجية “وجودية” لا يمكنها التراجع عنها لرفع كل خطر جدي عنها مستقبلاً! وهي لذلك تتحمل كل تبعات الفواتير الثقيلة النازفة والمفتوحة، والتي لن تقفلها قبل إزالة كل هذه المخاطر عنها!

ولا شك أن مخاطر الصواريخ الباليستية الإيرانية تبقى تدميرية جداً في تل أبيب وحيفا، مع إمكانية استهداف إيران أهدافاً إسرائيلية استراتيجية جدية. بينها؛ مفاعل ديمونة، المطارات، المرافىء، محطات الطاقة وتحلية المياه، منصات الغاز مثل كاريش، قواعد عسكرية إسرائيلية بينها حتسريم التي تنطلق منها طائرات ال F35، وزارة الدفاع حيث هناك أيضاً مبنى وحدة 8200 الإستخباراتية، ومبانٍ حكومية…

ويمكن لإيران أيضاً تفخيخ مضيق هرمز وضرب القواعد الأميركية في الخليج، وحتى السفارات الاميركية في الخليج، وكل المصالح الأميركية الأخرى، وأبرزها النفطية منها!

لا مكان للسلام ولا للديبلوماسية اليوم! إيران تقصف قلب تل أبيب وحيفا وتدمر المباني وإسرائيل والولايات المتحدة قاموا بتدمير المنشآت النووية الإيرانية.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مارك روبيو كرروا مرات عدة أن العالم اليوم اصبح أكثر أماناً بعد ضرب البرنامج النووي الإيراني. وهما يعنيان أن إسرائيل اصبحت أكثر أماناً!

التصعيد مستمر، ولا مجال للوساطات في ظل انتظارات متباعدة من الأطراف. إيران تريد أن تحتفظ بحقها في التخصيب النووي بنسب “مدنية”، وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يشترطون صفر تخصيب… 

الأوروبيون كانوا قد أوجزوا مواقفهم بشأن هذه الحرب بموقف للمستشار الألماني فريدرش ميرس الذي قال صراحة عشية لقاء الوزراء الأوروبيين بوزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي: “إسرائيل تقوم بالعمل القذر عنا جميعاً. وهي مشكورة عليه!”

لا أحد إذن يستطيع لعب دور الوسيط اليوم لإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، إلا إذا وافق الرئيس ترامب على وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين! ولكنه على الأرجح لن يوافق عليها. 

مؤشرات عديدة تقول إنه لا مجال للتلاقي قبل استسلام إيران! وإيران لن تستسلم قريباً! ما يعني أن الحرب مستمرة ولوقت ليس قصيراً!

شارك هذا الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!