السياسة بطعم البكاهة.. نحو تأسيس المجلس الأعلى للفساد

السياسة بطعم البكاهة.. نحو تأسيس المجلس الأعلى للفساد

عبد الرحمان الغندور

            استشراء الفساد هو المكسب الكبيرالذي ربحه المغرب من حركة 20 فبراير 2011 والدستور الذي نتج عنها. حيث تحول الوضع من تنزيل إيجابيات الدستور على علاتها، إلى تنزيل كل أسباب الفساد، وترسيخها في بنيات حياتنا عموديا وأفقيا.

الآن وقد أصبح الفساد ظاهرة تخترق كل فضاءاتنا ونشطتنا ومعاملاتنا ومارسها الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء، المتعلمون والأميون، الهواة والمحترفون. بل تغلغل هذا الفساد لدرجة أنه أصبح قنطرة عبور سالكة بين صانعيه وموزعيه، والمستفيدين منه ومنتظريه ومتسوليه، من داخل دواليب الدولة السرية والعلنية، إلى كل شرائح المجتمع وفئاته.

الآن وقد أضحى الفساد ظاهرة نلمسها في التجارة والصناعة والفلاحة والتعليم والصحة والرياضة والقضاء والبناء والخدمات والإدارة والأحزاب والنقابات والجمعيات التنموية والثقافية والشبابية والفنية والبيئية… الخ

الآن وقد عم الفساد البر والبحر والجو… وغزا عقول ووجدان الصغار والكبار، وتفنن الناس في إبداع كل أشكال الغش التي تضمن جودة الفساد، سواء تعلق الأمر بفنون الغش في الامتحانات لدى الأطفال والشباب، أو فنون تزوير الوثائق والشهادات، أو فنون سرقة الأطروحات وشراء الدكتورات، أو فنون الكذب والتدليس وتدبيج الخطب والبيانات من طرف الشخصيات العمومية من وزراء وبرلمانيين وزعماء، أو فنون التسول لدى المتسولين الذي يتفننون في أساليب الاستجداء

الآن وقد اكتملت شروط المسرحية البكاهية، وتربع سيدنا “الفسادعلى عرش حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، وأصبح هو الحاكم بأمره، يسري في كل مكان، يبيض ويفقس في كل أركان البلاد وخلايا العباد. يحكمنا ويدبر شؤوننا بحكمة الغش ويدعونا إليه، ويعلمنا الانخراط في مسالكه، ويطلب منا المنافسة البئيسة في الاجتهاد وتطوير أساليب الإفساد.

الآن وقد أصبح الفساد قيمة القيم، وجوهر النشاط الانساني ببلدنا.

والحالة هذه، علينا أن نطالب بِـدسْـتَـرَة الفساد كحق دستوري من حقوق تمغربيت”… إذ لا مواطنة بدون فساد، ولا بد من النضال من أجل التوزيع العادل للفساد. وذلك بالتنصيص عليه دستوريا، والتشريع له، وتأسيس المجلس الأعلى للفساد لتنظيم وتدبير مهامه بعدل وشفافية.

الفساد مؤسسة واقعية فعلية تحكم واقعنا من وراء وأمام الستار، فلنجعله مؤسسة ظاهرة للعيان تعمل بشفافية طبقا للقانون و”على عينيك أبن عدي“.

شارك هذا الموضوع

عبد الرحمان الغندور

كاتب وناشط سياسي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!