النفاق الإنساني وازدواجية المعايير والقانون في غزة

النفاق الإنساني وازدواجية المعايير والقانون في غزة

 الدكتور حسن العاصي

           يكشف رد الفعل الدولي تجاه الأسرى في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن نفاق صارخ. يحظى الأسرى الإسرائيليون في غزة بتغطية إعلامية عالمية، وضغوط دبلوماسية، ونداءات عاجلة للإفراج عنهم. في الوقت نفسه، يُحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين – بمن فيهم أطفال وصحفيون وكوادر طبية – دون تهمة، ويتعرضون للتعذيب، بل ويُقتلون في السجون الإسرائيلية، كل ذلك بينما يظل العالم غير مبالٍ. هذه الازدواجية الصارخة في المعايير ليست صدفة؛ بل هي تحيز مدروس يُعزز الهيمنة الإسرائيلية ويُسكت معاناة الفلسطينيين.

تتخاذل الحكومات الغربية عن مسؤوليتها في مواجهة روايات موثوقة عن جرائم حرب تُرتكب خلال العدوان الصهيوني على غزة. إن الدعوات التي تطلقها بعض الحكومات الغربية إلى “هدنة إنسانية” تُعدّ تشتيتاً للانتباه وتنصلاً من المسؤوليات الإنسانية. وحده وقف إطلاق النار الكامل، وإنهاء الحرب كفيل بوقف إراقة الدماء.

هناك إجماع واسع النطاق على ارتكاب جرائم حرب في غزة. فقد أعلنت منظمة “أوكسفام” Oxfam، بعد أيام قليلة من بدء الرد الإسرائيلي على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن حصار غزة يُشكل عقاباً جماعياً وينتهك القانون الدولي. وتُوثّق منظمة العفو الدولية الهجمات غير القانونية على المدنيين، وتدعو إلى التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. ومع إدانة الفظائع المرتكبة ضد المدنيين. انتقدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أوامر إسرائيل بإخلاء سكان غزة منازلهم، دون الوصول إلى الضروريات الأساسية، باعتبارها تتعارض مع القانون الإنساني الدولي. واعتبرت جميع منظمات حقوق الإنسان أن سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني إنما هي جرائم ضد الإنسانية.

فيما يطالب المتظاهرون في شوارع العواصم والمدن الغربية الكبرى الأخرى بوقف إطلاق النار. يرفض نشطاء حقوق الإنسان اليهود في نيويورك الاعتراف بإبادة جماعية للفلسطينيين في غزة تُرتكب باسمهم. وقد دعا الآلاف من خبراء القانون البارزين حكومات بلدانهم إلى الوفاء بواجبها في ضمان احترام القانون الإنساني الدولي، وبذل كل ما في وسعها لضمان وقف إطلاق النار، ووقف تصدير الأسلحة من بعض الدول الغربية إلى إسرائيل، والعمل على التوصل إلى تسوية سلمية لهذا النزاع. في غضون ذلك، تتزايد أعداد الضحايا المدنيين العزل الذين وصل عددهم إلى أكثر من 55 ألف شهيد. وأن العدد الإجمالي للجرحى جراء الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ بداية الحرب قد بلغ 127,593 جريحاً بحسب ما أفادت به وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

 القانون الدولي أصبح مجرد هامش

     على الرغم من هذا العدد المتزايد من القتلى والدمار والخراب، يبدو أن القانون الإنساني الدولي أصبح مجرد هامش، مجرد فكرة ثانوية، حيث يُظهر حلفاء إسرائيل تضامناً ودعماً راسخين لحقٍ غير مقيد ظاهرياً في الدفاع عن النفس. ورغم أن حلفاء إسرائيل يُكررون بشكل متزايد أن هجوم إسرائيل يجب أن يتم في إطار قوانين الحرب، إلا أنهم مع تصاعد الانتهاكات، لم يُدعموا ذلك بالإدانة أو ببذل جهود لوقفها.

إن ازدواجية المعايير هنا جلية. لم يكن هناك بحق صمتٌ كهذا في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر الذي أثار غضباً عالمياً. لكن القانون الإنساني الدولي واضح: إن ارتكاب طرف في نزاع – بما في ذلك جماعة مسلحة – انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي لا يبرر ارتكاب طرف آخر لها. فلماذا يُعد قتل المدنيين الإسرائيليين جريمة، وإصابة الفلسطينيين أضراراً جانبية؟ لماذا لم ينتبه العالم لهذا الصراع المستمر منذ عقود إلا بعد فقدان أرواح إسرائيلية؟

على القادة الغربيين الحكم على أقوال وأفعال إسرائيل بنفس القدر من الوضوح الأخلاقي والشجاعة التي أدانوا فيها حركة حماس. إن ازدواجية المعايير جلية: من الواضح أن حياة الفلسطينيين أقل قيمة في صراعٍ جُرِّد فيه الفلسطينيون من إنسانيتهم، بما في ذلك تصويرهم كـ”حيوانات بشرية” من قبل مسؤولي الحكومة الإسرائيلية.

هذا النفاق الذي تتبناه الحكومات الغربية لا يخفى على العالم. إن استعداد رئيسة المفوضية الأوروبية، لإدانة الهجمات على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا باعتبارها جرائم حرب، ورفضها المتزامن الاعتراف بالمعاناة التي ألحقها القصف الإسرائيلي بالمدنيين الفلسطينيين، ليسا استثناءً على الإطلاق. إن هذه المعايير المزدوجة واضحة للعيان لمن يعيشون في الجنوب العالمي، وهي بمثابة هدية دعائية لدول مثل روسيا والصين.

 تواصل الحكومات ووسائل الإعلام الغربية تهميش الأصوات الفلسطينية 

     كما كثر الحديث عن التضليل الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر حقائق كاذبة عن الحرب، لكن الأخطر من ذلك هو التغطية الإعلامية الغربية المشوهة التي تُضفي الشرعية على الدعم السياسي الغربي لإسرائيل. وهذا استمرار لممارسة مستمرة منذ عقود. وتهميش الأصوات الفلسطينية والتقليل من معاناتها، مع تجاهل القمع والتشريد اللذين اتسمت بهما السياسة الإسرائيلية تجاه غزة والأراضي المحتلة.

يتساءل العديد من الفلسطينيين، عن سبب دعوتهم للتحدث في وسائل الإعلام الغربية فقط بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أو عن سبب دعوتهم “للتنديد” بحماس أولاً، قبل منحهم منبراً. لقد شوّهت الحكومات الغربية سمعة المتظاهرين وقيدت الحيز المدني للمعارضة، بما في ذلك من خلال حملات قمع استباقية على الحريات الأكاديمية والأصوات الفلسطينية التي تناقش تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.

الديمقراطيات الغربية تنتهك التزاماتها الأساسية بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. يؤكد الخبراء القانونيون أن إسرائيل، حتى وهي تتصرف دفاعاً عن النفس، لا يمكنها تبرير ارتكاب جرائم حرب مثل العقاب الجماعي للفلسطينيين، والهجمات على المدنيين، والنقل القسري للسكان المدنيين، وقصف المناطق المدنية، وعدم سماحها بدخول الإغاثة الإنسانية إلى غزة. سيُنظر إلى فشل الدول في منع هذه الانتهاكات للقانون الدولي على أنه تواطؤ. فيما يراقب العالم فشل هذه الديمقراطيات بوقف إبادة الفلسطينيين، ستظل عواقب هذا الفشل الجماعي في إدانة العنف الإسرائيلي أو وقفه ملموسة لعقود قادمة.

 النفاق الدولي وازدواجية المعايير في التعامل مع قضية الأسرى

     في حين ينشغل الإعلام الغربي بإدانة حركة حماس لاحتجازها رهائن إسرائيليين، ويتباكون رحمة وإنسانية على أوضاعهم المعيشية، والخشية على حياتهم. إلا أن هذا الاهتمام لم يُركز على سبب احتجاز إسرائيل لهذا العدد الكبير من الفلسطينيين المعتقلين في الزنازين الإسرائيلية في ظروف غير إنسانية. كما لا يُركز الاهتمام على كيفية وصولهم إلى هناك.

إن ازدواجية المعايير في التعامل مع قضية الأسرى والتحيز لصالح الاحتلال الإسرائيلي وروايته يُقوّض المبادئ الإنسانية الأساسية ويُضحّي بها من أجل مكاسب سياسية تُهون أمام قيم العدالة وحقوق الإنسان. وتغطي الجرائم الوحشية المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى والمعتقلين في سجونه، وتشجع استمرار صمت المجتمع الدولي وتقصيره في مواجهة هذه الجرائم والانتهاكات.

تحتجز السلطات الإسرائيلية أكثر من عشرة آلاف فلسطيني من الأراضي المحتلة بتهم أمنية مزعومة، وفقاً لمنظمة “هموكيد” HaMoked الإسرائيلية لحقوق الإنسان. وقد اعتقل عدد أكبر بكثير من الفلسطينيين منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن بين المحتجزين عشرات النساء وعشرات الأطفال.

لم يُدن غالبية هؤلاء بجريمة قط، بما في ذلك أكثر من 2000 منهم رهن الاعتقال الإداري، حيث يحتجز الجيش الإسرائيلي الشخص دون تهمة أو محاكمة. ويمكن تجديد هذا الاعتقال لأجل غير مسمى بناءً على معلومات سرية لا يُسمح للمعتقل بالاطلاع عليها. ويُحتجز المعتقلون الإداريون على افتراض أنهم قد يرتكبون جريمة في وقت ما في المستقبل. احتجزت السلطات الإسرائيلية أطفالاً ومدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين فلسطينيين، من بين آخرين، رهن الاعتقال الإداري، لفترات طويلة في كثير من الأحيان.

يعود العدد الكبير من المعتقلين الفلسطينيين في المقام الأول إلى أنظمة العدالة الجنائية المنفصلة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. يخضع ما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة، باستثناء القدس الشرقية، للقانون العسكري ويُحاكمون في محاكم عسكرية. في المقابل، يخضع ما يقرب من نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية للقانون المدني والجنائي ويُحاكمون في المحاكم المدنية الإسرائيلية. وينتشر التمييز في جميع جوانب هذا النظام.

بموجب القانون العسكري، يمكن احتجاز الفلسطينيين لمدة تصل إلى ثمانية أيام قبل أن يُعرضوا على قاضٍ – وفي هذه الحالة، يكون القاضي العسكري هو الوحيد. ومع ذلك، بموجب القانون الإسرائيلي، يجب مثول الشخص أمام قاضٍ في غضون 24 ساعة من اعتقاله، ويمكن تمديد هذه المدة إلى 96 ساعة عند السماح بذلك في حالات استثنائية.

يمكن سجن الفلسطينيين لمشاركتهم في تجمع يضم عشرة أشخاص فقط دون تصريح حول أي قضية “يمكن تفسيرها على أنها سياسية”، بينما يُسمح للمستوطنين بالتظاهر دون تصريح ما لم يتجاوز عدد المشاركين 50 شخصاً، ويقام في الهواء الطلق ويتضمن “خطابات وتصريحات سياسية.

باختصار، يعيش المستوطنون الإسرائيليون والفلسطينيون في المنطقة نفسها، لكنهم يُحاكمون في محاكم مختلفة بموجب قوانين مختلفة، وتختلف حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، ويواجهون أحكاماً مختلفة على نفس الجريمة. والنتيجة هي عدد كبير ومتزايد من الفلسطينيين المسجونين دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة الأساسية.

كما يتفشى التمييز في معاملة الأطفال. يحمي القانون المدني الإسرائيلي الأطفال من الاعتقالات الليلية، ويمنحهم الحق في حضور أحد الوالدين أثناء الاستجواب، ويحد من المدة التي يجوز احتجاز الأطفال فيها قبل أن يتمكنوا من استشارة محامٍ والمثول أمام قاضٍ.

مع ذلك، تعتقل السلطات الإسرائيلية بانتظام الأطفال الفلسطينيين خلال المداهمات الليلية، وتستجوبهم دون حضور ولي أمرهم، وتحتجزهم لفترات أطول قبل عرضهم على قاضٍ، وتحتجز من لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً رهن الحبس الاحتياطي المطول. وجدت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل عام 2022 أن السلطات احتجزت 72% من الأطفال الفلسطينيين من الضفة الغربية حتى انتهاء الإجراءات، بينما لم تتجاوز هذه النسبة 17.9% من الأطفال في إسرائيل.

في حين أن قانون الاحتلال يسمح بالاحتجاز الإداري كإجراء مؤقت واستثنائي، فإن الاستخدام الإسرائيلي الشامل للاحتجاز الإداري ضد السكان الفلسطينيين، يتجاوز بكثير ما يسمح به القانون.

حتى المتهمون بارتكاب جريمة يُحرمون بشكل روتيني من حقوق الإجراءات القانونية الواجبة في المحاكم العسكرية. وقد قبل العديد من المدانين الذين يقضون عقوباتهم بتهمة “جرائم أمنية” ويبلغ عددهم 2331 شخصاً صفقات إقرار بالذنب لتجنب الاحتجاز المطول قبل المحاكمة والمحاكمات العسكرية الصورية، والتي يبلغ معدل الإدانة فيها حوالي 100%.

إلى جانب غياب الإجراءات القانونية الواجبة، دأبت السلطات الإسرائيلية على مدى عقود على إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين وتعذيبهم. وقد قُدّمت أكثر من 14000 شكوى تعذيب، بما في ذلك التكبيل المؤلم والحرمان من النوم والتعرض لدرجات حرارة شديدة، من قِبل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، إلى وزارة العدل الإسرائيلية منذ عام 2001.

وقد أسفرت هذه الشكاوى عن ثلاث تحقيقات جنائية دون توجيه أي اتهامات، وفقًا للجنة العامة لمناهضة التعذيب، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية. وأفادت منظمة “مراقبة المحاكم العسكرية” أنه في 22 حالة اعتقال لأطفال فلسطينيين وثّقتها عام 2023، قال 64% منهم إنهم تعرضوا لإيذاء جسدي، و73% منهم خضعوا للتفتيش العاري من قِبل القوات الإسرائيلية أثناء احتجازهم.

وأفادت منظمات حقوقية فلسطينية بارتفاع حاد في حالات الاعتقال وتدهور في أوضاع السجناء الفلسطينيين قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، بما في ذلك المداهمات العنيفة، وعمليات النقل الانتقامية من السجون، وعزل السجناء، وقلة فرص الحصول على المياه الجارية والخبز، وتراجع الزيارات العائلية. وقد تفاقمت هذه الأوضاع منذ ذلك الحين.

إن التمييز في الاعتقال والسجن ليس سوى جانب واحد من القمع الممنهج، الذي يُشكل أساس جرائم السلطات الإسرائيلية ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري، والاضطهاد ضد الفلسطينيين، كما خلصت إليه منظمات حقوق إنسان إسرائيلية وفلسطينية ودولية.

 حقائق وأرقام:

      منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة عام 1967، يُقدر عدد الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية بنحو 900,000. ويشكل هذا العدد حوالي 21% من إجمالي السكان الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وما يصل إلى 42% من إجمالي السكان الفلسطينيين الذكور.

منذ عام 1967، أصدرت إسرائيل ما لا يقل عن 82,000 أمر اعتقال إداري. ولا يزال هناك حاليًا آلاف الفلسطينيين رهن الاعتقال الإداري دون محاكمة أو توجيه تهم إليهم.

خلال عام 2024 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 9842 فلسطينياً، من بينهم 3267 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، واعتقلت 23 عضواً منتخباً في المجلس التشريعي الفلسطيني، و45 صحفياً. واعتُقل 300 فلسطيني بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بالذخيرة الحية والرصاص المطاطي.

يسمح الاعتقال الإداري للمحاكم العسكرية الإسرائيلية باحتجاز الفلسطينيين في السجون دون تهمة أو محاكمة لفترات ستة أشهر قابلة للتجديد لأجل غير مسمى.

يتعرض المعتقلون الفلسطينيون للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة في السجون الإسرائيلية.

تُجيز إسرائيل استخدام إجراءات استجواب ترقى إلى مستوى التعذيب.

تحرم المحاكم العسكرية الإسرائيلية المعتقلين الفلسطينيين من الضمانات القانونية والإجرائية والحقوق التي يستحقونها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

ووفقًا لليونيسف، فإن إسرائيل لديها نظام المحاكم العسكرية للأحداث الوحيد في العالم.

يُحرم السجناء الأطفال الفلسطينيون من مقابلة والديهم ومحاميهم.

في عام 2024، تعرض غالبية السجناء الأطفال الفلسطينيين (65٪) للاعتداء الجسدي والتفتيش العاري. وتعرض ما يقرب من 60٪ من السجناء الأطفال للتهديد بالعنف، بما في ذلك الاغتصاب والإخصاء وهدم المنازل والسجن مدى الحياة والحرمان من الطعام.

  يُنقل المعتقلون الفلسطينيون قسراً خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، في انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949.

ظروف الاحتجاز:

تُعدّ انتهاكات إسرائيل الواسعة النطاق والمنهجية لحقوق السجناء الفلسطينيين انتهاكات جسيمة لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وتشمل هذه الانتهاكات:

النقل القسري للمعتقلين الفلسطينيين إلى سجون داخل إسرائيل. وإخضاع المعتقلين الفلسطينيين للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة. الإهمال الطبي المتعمد. سوء ظروف النظافة.

والحقيقة الظالمة أن لدى إسرائيل نظام المحاكم العسكرية للأحداث الوحيد في العالم.

التدابير التعسفية والتقييدية والعقابية

     الحبس الانفرادي لفترات طويلة، بما في ذلك للقاصرين. انتهاك حقوق السجناء في الزيارة والتواصل مع عائلاتهم. ظروف الاحتجاز مزرية. بعض مراكز الاحتجاز عبارة عن مبانٍ، بينما البعض الآخر مجرد خيام نُصبت داخل معسكرات عسكرية، مما يُعرّض السجناء لظروف جوية قاسية. مرافق مكتظة. قلّصت إسرائيل، القوة المحتلة، بشكل كبير المواد المجانية التي تُقدّمها إدارة السجن لتلبية الاحتياجات الأساسية للسجناء منذ عام 1994.

يعتمد السجناء والمعتقلون حالياً بشكل رئيسي على مقصف السجن لشراء مستلزماتهم الأساسية، بما في ذلك الملابس والطعام ومستحضرات النظافة الشخصية ومواد التنظيف. يبيع المقصف المواد بأسعار تفوق بكثير سعر السوق خارج السجن.

 عدد كبير من السجناء إما جرحى أو مرضى. يوجد حاليًا 2800 معتقل فلسطيني يعانون من تدهور في حالتهم الصحية. اكتسبت عيادات السجون سمعة سيئة لتقديمها الأسبرين فقط للعلاجات الصحية، وجميع الأطباء داخل العيادات هم من الجنود.

ساعات نقل المعتقلين الطويلة من السجون الإسرائيلية إلى المحاكم العسكرية تُرهق المعتقلين.

وفقاً للأرقام الإسرائيلية، أفادت مصلحة السجون الإسرائيلية بتحقيق دخل قدره 53.82 مليون دولار أمريكي من بيع المواد الغذائية ومواد التنظيف وغيرها من المواد الأساسية للسجناء الفلسطينيين بأسعار تزيد بنسبة تصل إلى 140% عن متوسط ​​سعر السوق.

الإطار القانوني:

تُشكل الانتهاكات المذكورة أعلاه التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون انتهاكاً لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وهي مُكرسة في المواد التالية: المواد (3، 7، 9، 13، 10، 17، و18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والمادة (8(2)) من نظام روما الأساسي لمحكمة العدل الدولية.

المادتان (49 و76) بشأن عدم مشروعية احتجاز الأشخاص المحميين خارج الأراضي المحتلة، والمادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في الوقت المناسب.

اتفاقية جنيف لعام ١٩٤٩. المواد (٤، ٩(٤) و١٤) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة. القاعدة (90) من القانون الدولي الإنساني العرفي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

المادة (٧٥(٢)) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لعام ١٩٤٩. المادة (224)) من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف لعام 1949. القاعدة (24) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. المادة الثانية (أ) والثانية (أ)ثالثًا من اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 605 لعام 1987.

التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي تجاه الأسرى الفلسطينيين:

بصفتها القوة المحتلة، تتحمل إسرائيل مسؤولية إدارية ومالية عن الأراضي المحتلة وشعبها.

تنص المادتان 98 و81 من اتفاقية جنيف الرابعة على التزامات القوة الحاجزة بشأن مخصصات الأسرى. ولا تفي إسرائيل بهذا الالتزام. والحقيقة أن اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، بتقديم مخصصات للمعتقلين الفلسطينيين. وتنص المادة 98 من اتفاقية جنيف الرابعة على أن القوة الحاجزة يجب أن تقدم مخصصات للمعتقلين كجزء من مسؤوليتها تجاههم.

تحظر المادة 81 من اتفاقية جنيف الرابعة أي خصم من رواتب أو دخل المعتقلين. كما يضمن تقديم الدعم للمعالين لدى المعتقلين. كما تتحمل سلطات الاحتلال مسؤولية توفير النفقة لمن يعيلهم المعتقلون عندما لا يستطيعون ذلك بأنفسهم. إن غالبية المعتقلين هم المعيلون الماليون الوحيدون لعائلاتهم، مما يعني أن إسرائيل ملزمة بإعالتهم.

 الطريق إلى العدالة

     إذا كان للقانون الدولي معنى، فيجب تطبيقه بالتساوي. لا يمكن للعدالة أن تكون انتقائية. الطريق إلى العدالة واضح، ويبدأ بمحاسبة عالمية. إن النفاق في معاملة العالم للأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين هو فشل أخلاقي ذو أبعاد صادمة. فبينما يُعامل الأسرى الإسرائيليون كإنسان، ويُناضل من أجلهم، ويُنقذون، يُتجاهل الأسرى الفلسطينيون ويُشيطنون ويُتركون ليتحللوا. ويعزز هذا التناقض الروايات الإعلامية. يُوصف السجناء الإسرائيليون بـ”الرهائن” أو “الجنود المختطفين”، مما يثير التعاطف والإلحاح. أما المعتقلون الفلسطينيون، حتى لو كانوا أطفالاً أو عاملين في المجال الإنساني، فيُوصفون بـ”الإرهابيين” أو “التهديدات الأمنية”.

هذا التلاعب اللغوي متعمد. وهو مصمم لتجريم أي محاولة من جانب الفلسطينيين لمقاومة الاحتلال من خلال تجريدهم من وضعهم القانوني كسجناء سياسيين. الهدف واضح: ضمان النظر إلى الفلسطينيين كمجرمين، وليس كضحايا لقوة احتلال.

شارك هذا الموضوع

د. حسن العاصي

أكاديمي وباحث في الأنثروبولوجيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!