حرب أميركية – أوروبية لا يمكن تجنبها!

حرب أميركية – أوروبية لا يمكن تجنبها!

سمير سكاف

          جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان الحرب التجارية والضريبية على الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة الماضي، في إطار الحرب العالمية التجارية التي يخوضها ضد الجميع!

وهو يعتبر أن زمن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي قد سقط. وجاء زمن اللعب بالشروط التي يعرفها (الرئيس الأميركي) على حد قوله، مؤكداً أنه لا يسعى، أو لم يعد يسعى، للوصول إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وبين الولايات المتحدة!

ولا تكفي “النوايا الطيبة” التي يؤكد عليها مسؤولو الاتحاد الاوروبي، ولا “ضرورة العمل في إطار من الاحترام المتبادل” ولا رفض “التهديدات” الأميركية… لإقناع الرئيس دونالد ترامب بتغيير أو تعديل مواقفه.

وما لم ينجح الرئيس الأميركي ترامب بفرضه على الصين، التي ردت عليه بقوة، سيعمل على فرضه على الاتحاد الأوروبي “المتردد”…جداً!

يريد الرئيس ترامب اختصار هدنة التسعين يوماً ليفرض ضرائبه في الأول من حزيران المقبل وبنسبة هائلة تصل إلى 50%! في حين أن الضرائب الأميركية الحالية تصل إلى 25% على السيارات، الفولاذ، والألومينيوم… وإلى 10% على عدد كبير من السلع.

 أبرز اتهامات ترامب للاتحاد الأوروبي!

     الرئيس ترامب اتهم الاتحاد الأوروبي بالتلاعب. واعتبر أن التفاوض معه لا يصل إلى أي مكان.

وفي الاتهامات التجارية ضد الأوروبيين، حدد الرئيس ترامب ما اعتبره الحواجز التجارية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات والملاحقات، الجائرة برأي ترامب، ضد بعض الشركات الأميركية، بالإضافة إلى الحواجز غير الضريبية

وينوي الرئيس ترامب سد العجز التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. والذي يبلغ 150 مليار يورو في مجال السلع الصناعية، في حين يصل إلى 50 مليار يورو فقط مع احتساب الخدمات، بحسب الاتحاد الأوروبي.

وهو يريد فرض ضرائب على حجم تصدير أوروبي يصل إلى 370 مليار يورو. وهو ما يمثل 70% من مجمل حجم تصدير الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى شروط شراء غاز أميركي، لا يحتاجه الأوروبيون!

ووصلت الأمور بالرئيس ترامب إلى اتهامه الاتحاد الأوروبي أنه تأسس فقط ليستفيد من الولايات المتحدة الاميركية تجارياً!

 الاتحاد الأوروبي “متردد” من دون رد… فوق نقطة الصفر!

     الاتحاد الأوروبي ما يزال “ضائعاً، متردداً و”خائفاً”! هل يدخل الحرب التجارية ضد الولايات المتحدة الأميركية؟ هل يخسر تحالفه الإستراتيجي معها في حلف الناتو؟ هل يجرؤ على فرض الضرائب على الشركات الأميركية التكنولوجية العملاقة..؟

 لا رد أوروبي على حرب الرئيس ترامب ضده حتى الآن!

ومع ذلك، حضّر الاتحاد الأوروبي لائحة ضرائب تستهدف 21 مليار يورو من الصادرات الأميركية إلى أوروبا؛ على الصويا وعصير الليمون والبرادات وآلات جز الأعشاب… والدراجات النارية الشهيرة هارلي دافيدسون.

لائحة ثانية من البضائع الأميركية المستوردة بقيمة 94 مليار يورو قد وُضعت مطلع الأسبوع الثاني من هذا الشهر قد تستهدفها الضرائب الأوروبية بقرار من المنتظر أن يصدر قبل مطلع شهر تموز/يوليو المقبل. وتستهدف اللائحة الجديدة سيارات وطائرات ومنتجات من الكيمائيات والبلاستيك وحتى بعض المواد الغذائية

الرئيس الأميركي لا يفاوض، بحسب مصادر الاتحاد الأوروبي. بل هو يكتفي بفرض الشروط!

ولكن الاتحاد الأوروبي ما يزال يفضل التريث والتفاوض. على الرغم من أن ترامب اعتبر أنه لا مجال للتفاوض بعد الآن، مشككاً بالنوايا الجدية للاتحاد الأوروبي!

 فرق الاتحاد الأوروبي… تسد!

     فرق تسد! هذا ما يحاول الرئيس الأميركي القيام به بزرع الشقاق داخل الاتحاد الأوروبي.

وإذا كانت فرنسا تريد المواجهة بـ”شدة”، إلا أن دولاً أوروبية أخرى، مثل المجر وإيطاليا وبولندا ودول البلطيق تفضل التعامل ب”مرونة” مع الأميركيين.

وكذلك إيرلندا واللوكسمبورغ التي تستضيف كبرى الشركات الأميركية؛ أمازون، مايكروسوفت، أوراكل، سيسكو سيستمز، باي بال، هيلوت باكارد، أو أيضاً جي.بي مورغان وبنك أوف أميركا… في اللوكسمبورغ. وآبل وغوغل وأمازون ومايكروسوفت وميتا (فايسبوك…) وماستركارد، وديل وأدوب وإنتل أو بفايزر وجونسون إند جونسون… في إيرلندا.

هذه الشركات في إيرلندا واللوكسمبورغ تحديداً هي التي يتجنب الأوروبيون استهدافها… حتى الآن! لأنها قد تعطي الحرب التجارية بعداً هائلاً! قد يكون على الأرجح تدميرياً على مستوى العالم كله، بردود فعل أميركية غير مسبوقة!

وقد وصلت المحاولات الأميركية إلى توقيع اتفاق خاص بين الولايات المتحدة وألمانيا، التي وان أبدت استعدادها للتوقيع، إلا أنها أوضحت أنها لن تخرج عن القرار الأوروبي المشترك… حالياً على الأقل!

وكانت البورصة الأميركية قد انخفضت بقوة إثر تصريحات ترامب الأخيرة.

 عاصفة مالية بنتائج كارثية!

     كان من المفترض أن تهدأ العاصفة الضرائبية، “الرملية” الشكل، حتى الثامن من تموز/يوليو المقبل، ريثما تتضح الصورة بشكل أفضل، وبانتظار أن تركض كل دولة من دول العالم بمفردها مبادرةً وخاضعةً لاتفاقات ثنائية تقضي باستثمارات في الولايات المتحدة أو باستهلاك أكبر للسلع الأميركية، وبزيادة الضرائب الجمركية على البضائع التي تستوردها منها الولايات المتحدة الأميركية!

إلا أن تصريحات الرئيس ترامب تفتح الباب أمام مؤشرات حرب تجارية بنتائج اقتصادية مشابهة لنتائج الحروب العسكرية! حرب لا يبدو أنه يمكن تجنبها!

يستطيع الرئيس ترامب! ولا أحد يمكن أن يوقفه! وعلى الكل إما الخضوع وإما المواجهة!

يستهدف الرئيس ترامب بهذه الحرب بشكل أساسي الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي! وهو لم يوفر حتى أقرب حلفائه مثل بريطانيا أو إسرائيل. وإن كانت إسرائيل تحصل على مساعدات مالية وعسكرية أميركية تفوق بأضعاف ما قد يفرض عليها من ضرائب.

وبعد أن كان الرئيس ترامب قد أعلن يوم التحرير في الثاني من نيسان/ابريل الماضي. ها هو يعود ليطلق عملية التحرير ضد حليف “عسكري”، مهدداً، ولو بشكل غير علني الانسحاب من حلف الناتو، أو على الأقل بتخفيض المساهمة المالية الكبيرة فيه!

يتفق الأوروبيون مع ترامب أن الاتفاق “مستحيل”! وزير التجارة الأميركية هاوارد لوتنيك اعتبر مؤخراً أن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي “مستحيلة”! وعند تثبيت فشل واستحالة المفاوضات… ينطلق الإعصار!

شارك هذا الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!