ضربة منتصف الليل!

ضربة منتصف الليل!

 عبد العلي جدوبي

         ذكرت صحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية، أن “ضربة منتصف الليل” الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية، أثارت انقساما حادا داخل اليمين الأمريكي، وبين أعضاء من الحزب الجمهوري، منهم من أيد خيار التدخل العسكري في الحرب على إيران، ومنهم من عارض تورط واشنطن في حرب قد تقود إلى ما يحمد عقباه في منطقه الشرق الأوسط برمتها، وقد تتحول إلى حرب استنزاف يصعب الخروج منها، كما عارض أعضاء من الكونغرس الأمريكي حسب “الدايلي تلغراف” تجاهل ترامب للمؤسسة التشريعية، حيث تصرف من دون تفويض من الكونغرس، باعتبار أن الدستور الأمريكي هو من له الحق في صلاحية سلطه إعلان الحرب من عدمها!

وبرأي المحللين الأمريكيين فإن الدخول في حرب مفتوحة مع إيران، يكون نتنياهو  هو الرابح الأكبر، وقد جر ترامب إلى الدخول في متاهاتها المظلمة!! صحيفة “نيويورك تايمز” في معرض تحليلها رأت أنه في الوقت الذي كان الجناح المناهض داخل الحزب الجمهوري يعارض دخول أمريكا في حرب ضد إيران، يأتي موقف ترامب الذي وصفته الصحيفة بالمفاجئ وبالمتحول السريع من حل الدبلوماسي مع طهران، إلى ضرب منشآتها النووية باستخدام الأسلحة الثقيلة، وهذا حسب المراقبين قد تكون له تداعيات غير منتظرة مع اقتراب انتخابات الكونغرس للعام 2026 .

وتقول “الواشنطن بوست” من جهتها حول دخول أمريكا الحرب مع إيران أن صقور البيت الأبيض حاولوا تحريك تشريع لمنع ترامب من التورط المباشر حيث عرض عضو مجلس الشيوخ الأمريكي (تيم كين) تشريعا لمنع استخدام القوه العسكرية ضد طهران من دون تفويض الكونغرس، لكن ترامب استسلم لضغوط نتنياهو للتدخل المباشر في الحرب مع إيران وضرب المنشآت النووية، ما ورط واشنطن في حرب لا يمكن السيطرة على أحداثها، ولا يمكن معرفة نتائجها ومخلفاتها في منطقه الشرق الأوسط، وذلك بتعقيد العلاقة مع الحلفاء آخرين مثل دول الخليج، وقد يؤدي الدعم المباشر والمساندة الأمريكية لإسرائيل إلى حرب إقليمية واسعة تهدد المصالح الأمريكية بالمنطقة، وهذا ما يفتح الارتباك في سياسة ترامب، ويزيد من صعوبة بناء استراتيجيته متماسكة في الشرق الأوسط خاصة مع تزايد الضغوط على الكونغرس من الجماعات المؤثرة في السياسة الخارجية الأمريكية. 

فهل استهداف إيران للقاعدتين الأمريكيتين (قاعدة لعديد) بقطر، وقاعدة (عين الأسد) بالعراق، من طرف الحرس الثوري الإيراني يعد استهدافا استراتيجيا تكتيكيا؟ أم انتقاميا ضمن عملية محددة؟ أو ستكون هناك عمليات أخرى موسعة على مراحل؟

وهل ستكون لهذه الضربات الإيرانية على القواعد الأمريكيه تبعات في الداخل الأمريكي؟

وهل تشكل الضربات الأمريكية للمفاعل النووي الإيراني مخرجا لإسرائيل من حروبها المفتوحة في الشرق الأوسط؟

وهل ستفتح المستجدات الباب أمام عودة محتملة للمفاوضات برعاية روسية وصينية؟ في حال استمرارها؟ وقد تكون منصبة على ملفات أخرى كالصواريخ الإيرانية الباليستية الموجهة هذه المرة !!

وهل ستظل إيران مصرة على خودها حرب استنزاف طويلة مع إسرائيل وأمريكا؟

وهل ستنسحب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي؟؟

تساؤلات قد تجيب عنها الأحدات والمستجدات القادمة.. فيما حدد أعضاء من الحزب الديمقراطي الأمريكي سيناريوهات محتملة، ورأوا أن الحكومة الإسرائيلية  قد تكون أمام لحظة  مفصلية، فبينما يظهر نتنياهو “المنتصر” الآن، فإن استمرار الحرب يحمل مخاطر استنزاف سياسي وعسكري، قد يفرغ الضربة الأمريكية  للمنشآت النووية الإيرانية من مضمونها، وتقود إلى حالة فوضى قد تفقد نتنياهو  “نشوة” هذا الانتصار اللحظي، وتجعله حبيس مكانه، لا يستطيع الخروج من حصار المواجهة العسكرية العسكرية مع إيران وحلفائها!

شارك هذا الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!