قصة قصيرة: الباروكة والصلعاء
عبد الرحيم التوراني
في حانة شعبية بوسط المدينة، تمنعت مسرحية، من فصل واحد وأربعة مشاهد، على قلم كاتب مسرحي كبير، لم تستسغ معاملته لها كواحدة من بنات الليل. حاول عبثا إغراءها واستدراجها بسيجارة، ثم بكأس. لما لم تستجب خرج وهو في حالة توتر وغضب واضحين.
في الشارع المضيء، رأى الكاتب المسرحي قصائد وخواطر أدبية وروايات وقصصا بديعة من كل صنف. ابتسمت له قصة قصيرة وغمزت، فتبعها. سار خلفها، مشت في أزقة ضيقة. إلى أن وقفت أمام باب قديم، وطلبت منه الدخول.
في غرفة نوم معتمة نزعت القصة الفاتنة ملابسها القصيرة جدا، وطلبت من الكاتب أن يفعل مثلها.
مسح الكاتب نظارته الطبية غير مصدق. فوجئ بصاحبته تخلع باروكة الشعر وبكونها صلعاء تماما، واكتشف أن إحدى عينيها من زجاج. وأن لها نهدان ضامران.
لم تعر القصة لدهشة الكاتب أي اهتمام، وضعت طقم أسنانها الاصطناعية في نصف كأس ماء على الكومودينة، والتفت حول جسد الكاتب تنوي امتصاصه.
قاوم الكاتب بقوة، وتمكن بصعوبة من خنق القصة المتوحشة، قتلها قبل أن تنهيه. أخذ معه باروكة الشعر المستعار، والعين الزجاجية، وطقم الأسنان الاصطناعية، وحمالة الصدر المنتفخة، ولوى هاربا.
في سوق للخردوات وقف الكاتب يعرض أشياءه للبيع. حصل على بعض الدريهمات مقابل الباروكة، وتخلص من البضاعة الباقية برميها في مطرح نفايات.
عاد إلى بيته، ليجد القصة التي خنق جالسة فوق سريره. كانت متخفية في عباءة قصيدة عمودية. لما رأته تخلت عن عباءتها ووقفت تتمايل بغنج زائد، توسلت إليه أن يعيد إليها أسنانها فقط. لم تنتظر اللعوب جوابا، بل فاجأت القاتل حين ارتمت فوقه، نزعت منه أسنان فمه وعينه اليمنى، ونتفت شعر رأسه قبل أن تختفي.
من على سريره بمصحة الأمراض الصدرية، شاهد الكاتب إحدى الممثلات المتألقات، ضيفة على برنامج تلفزيوني خاص بالنجوم، اعتدل في جلسته، واهتم بمتابعة البرنامج الفني.
بتدلل تكلمت النجمة عن مشاريعها المستقبلية، قالت إنها ستلعب دور البطولة في مسرحية بعنوان: “الباروكة والصلعاء” من تأليف كاتب مسرحي كبير. وأضافت الفاتنة الحسناء بتدلل أوضح أنها ستترك اكتشاف اسم الكاتب مفاجأة لجمهورها العزيز.
لم يتمالك نزيل المصحة نفسه من الضحك. ارتعش وانتفض جسده، ثم نهض بكل هدوء، قبيل نهاية البرنامج بثوان، وأمسك صامتا بعنق الممثلة النجمة.
قال مدير المصحة، يحكي قصة ما حدث، إن الكاتب المريض منذ وصوله للعلاج لم يتوقف عن التحرش بالممرضات، كان يعدهن بتحويلهن إلى نجمات مسرح كبيرات، وقد تم نقله هذا الصباح إلى السجن بعد خنقه لممرضة.
– المسكينة وثقت بوعود رجل كاذب..
علقت إحدى صديقات الضحية بحزن وبألم.
