ما هكذا يسقط جبروت الفساد..

ما هكذا يسقط جبروت الفساد..

منعم وحتي

                   أن تكون يساريا وأن تكون معارضا، لا ينفي بالبت والمطلق أن تكون وطنيا.

منذ وعيت بأن الفكر التقدمي العقلاني أساس للتغيير المجتمعي بالمغرب، وباطلاعي على كل التجارب التي نهلتُ منها في صراع تشكل السلطة بالمغرب وآمال المغاربة في تحقيق واقع ديمقراطي أفضل، هناك قواعد أساسية أعتبر التنازل عنها انهيارا لمنظومة التفكير التغييري الديمقراطي الجماهيري:

لا يمكن للتغيير الديمقراطي أن يأتي من الخارج، وواهم من يراهن بأن وضع يده مع أياد وسخة أجنبية سيشكل رافعة لتغيير السلطة من أعلى، فدينامية التغيير داخلية وبعجلة الصراع الديمقراطي وإقناع الجماهير وقواها الحية في دخول الصراع لتعديل موازين القوى مغربيا لبناء دولة حديثة ديمقراطية بدون تسلط. وهو نفس المنطق موجه لبعض لوبيات السلطة التي تستند للخارج في حماية دعائم تسلطها أو الضغط بالمنتظم الدولي لتزكية قراراتها. إذن فأي حل لمنطق الصراع لا يمكن أن يكون إلا داخليا ومغربيا-مغربيا.

إن تاريخ المغرب حافل بصراعات مربعات السلطة على الهيمنة على القرار، وصلت حد التطاحن الدموي، والدسائس، والانقلابات والانقلابات المضادة، لكن الأكيد أنه عطفا على معادلة مفهوم الوطن والداخل أعلاه، لا يمكن التعويل على لوبيات أمنية مصلحية متناحرة لخلق سلطة ديمقراطية بديلة، فلا يمكن للسم القاتل أن يكون دواء. إن مفهوم أمن المغاربة من المهم أن يخرج من دائرة افتعال صراع المربعات الأمنية. وللتذكير فحين اشتداد العمليات المسلحة للاتحاديين والعسكريين ضد النظام في السبعينات، اهتزت ثقة القصر الأمنية لدرجة أصبحت الألوية الأمنية لتعقب خلايا الثوار مزركشة : درك، شرطة، جند، قوات مساعدة، حياحة،… في نفس الآن لكي لا تستفرد أي تشكيلة بعينها بالقرار!

أكيد أن أنصار “البريكة”، وهو مصطلح أطلق زمن السجال بين منظومات فكرية يسارية، بين تبني البناء التنظيمي لحزب التغيير الديمقراطي الجماهيري المدني بتأطير المغاربة وقواهم المنتجة والمفكرة لقيادة معركة البناء الديمقراطي والحسم مع الاستبداد بالسلطة في الدولة، وتوجه آخر كلما وقع حدث في المغرب انبروا لإشاعة واهمة أنه “غادية تشعل” بدون أسس سليمة لبناء أداة التغيير المنغرسة في عمق المجتمع المغربي، ودون انسياق وراء أية جهة نافذة مصلحية لذاتها تقتات من نظرية “البريكة“.

إن جبروت الفساد والاستبداد بالمغرب يسقط ببناء الثقة بالتغيير الديمقراطي بين أبناء وبناة هاته الرؤية الديمقراطية أولا، والاعتماد أساسا على النضال الديمقراطي الجماهيري، بامتلاك الجرأة لخوض النضال الداخلي في المغرب وبأدوات مغربية، وهي الجبهة الموسعة القادرة على تسطير برنامج حد أدنى يجيب على مطامح المغاربة، بكل الوضوح اللازم في مواجهة رموز الفساد والاستبداد والدفاع على المصالح الاجتماعية التي دمرتها آلة السلطة الفاسدة، وهاته الجبهة لا يمكن إلا أن تكون منتوجا مغربيا خالصا رئته تتنفس داخليا.  

شارك هذا الموضوع

منعم وحتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!