مشروع قراءة جديدة في كتابات عمر بنجلون (1936-1975)
خاص:
لعل في الكتاب الذي أصدره مؤخرا الباحث الأكاديمي بدر المقري تحت عنوان: (أنتروبولوجيا تاريخ الأفكار في المغرب المعاصر- نظرات في كتابات عمر بنجلون) ما يمثل أحسن تكريم لعمر بنجلون الإنسان والمناضل والصحافي والحقوقي بمناسبة الذكرى الخمسين لاغتياله الآثم بالدار البيضاء، عصر يوم الخميس 18 دجنبر 1975.
وقد حرص المؤلف على تكريم عمر بنجلون في إطار أكاديمي بعيدا عن مزالق العاطفة، ولذلك نبه إلى أن كتابه متعلق بحقلين معرفيين هما: أنتروبولوجيا تاريخ الأفكار وتاريخ الأفكار السياسية، من باب الزيادة في الحرص على وضع كتابات عمر بنجلون في سياق الإدراك الواعي بخصائص القضايا والموضوعات والظواهر والقضايا التي شغلت باله على شاكلة خاصة في استشراف مغرب ما قبل الحماية ومغرب الحماية ومغرب ما بعد الاستقلال بالإضافة إلى وقائع وأحداث أخرى.
فالبنية العميقة لهذا الكتاب هي مقاربة موضوعية، أي نَسَقٌ منهجي من التصورات الفكرية يعيد صياغة كتابات عمر بنجلون صياغة تركيبية لأجل إخراجها في صورة تشكيلة خطابية معرفية لها ما يميزها في المقصد والمرجع والسياق. والتصورات الفكرية الكبرى التي يَتَأَيدُ بها هذا النسق المنهجي استخلصها المؤلف من كتابات عمر بنجلون المنشورة ما بين 1969 و1975.
وليس من نافلة القول التذكير بأن كتابات عمر بنجلون تمثل خطاً موازياً لمساره الذاتي والموضوعي. والثابت المنهجي في مقاربة هذا المسار حسب الأستاذ بدر المقري هو تلازم الوحدات الكبرى التي توطد ما يُصطلح عليه بميثاق السيرة الذاتية، وهي كالآتي:
– نبوغه في التحصيل العلمي.
– تجربته المهنية في قطاع هندسة الاتصالات.
– مساهمته في التنظير باعتباره وَجْهاً من أَوْجُهِ الانخراط في العمل السياسي والنقابي والصحافي.
– التكامل لديه ما بين الممارسة السياسية والممارسة المهنية في قطاع هندسة الاتصالات وقطاع المحاماة والممارسة الصحافية.
– صياغته أُنْموذَجاً فَريداً من نماذج المثقف المغربي التشاركي، في ستينيات ومنتصف سبعينيات القرن العشرين.
– الوحدة المغاربية باعتبارها قضية وطنية. ويذكر المؤلف في هذا المقام على سبيل المثال لا الحصر مساهمةَ عمر بنجلون الفعالة في دعم حرب التحرير الجزائرية (1954-1962) خاصة وأن مدينة وجدة كانت قاعدة خلفية لجيش التحرير الجزائري، ورئاسته جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا بباريس.
– التكامل ما بين النضال الديمقراطي والدفاع عن وحدة المغرب الترابية.
– فلسطين باعتبارها أولوية كبرى. وقد اختار المؤلف من ذلك أن عمر بنجلون كان من الرعيل المؤسس للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني سنة 1968.كما كان عمر بنجلون رحمه الله عِمادَ هيئة تحرير جريدة (فلسطين) الصادرة أسبوعيا بالدار البيضاء ما بين 1968 و1973، وقد تولى الإدارة الأستاذ محمد الوديع الآسفي.
وقد توسع الأستاذ بدر المقري في مدارسة كتابات عمر بنجلون من زاوية القضايا والإشكالات الآتية:
1- المحددات الموضوعية للتحليل التاريخي.
2- المسألة الديمقراطية بين التصور والتصديق.
3- أخلاقيات العمل السياسي.
4– الأفكار السياسية وحقولها الدلالية: منطوق الصراع الطبقي ومفهومه.
5– صناعة الالتباسات الاصطلاحية والمفاهيمية.
6– الأبعاد الاجتماعية والتضامنية في المسألة الاقتصادية.
7- التعليم والثقافة: أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل.
8-القضية الفلسطينية بين الوعي الشقي والإدراك الشكلي.
9- تجديد فكرة العالم الثالث.
وقد ألحق الأستاذ بدر المقري بكتابه ما يأتي من كتابات عمر بنجلون سنوات 1963 و1967 و1975:
1)- الانطلاق في العمل التنظيمي (1963-1965).
2)- الطبقة العاملة المغربية (1955-1967).
3)- مسودات عمر بنجلون في ركن (كلمة العدد) بجريدة (المحرر) سنة 1975، مع التذكير بأن آخر ما كتبه عمر بنجلون نشره في العدد 500 من جريدة (المحرر) الصادر يوم الأربعاء 17 دجنبر 1975، أي يوما واحدا قبل اغتياله.
