مَن هو المُستـفيد من جريمة محاولة اِغتيّال سيون أسيدون؟

قضية أسيدون: ملاحظات وتـنـبّؤات حول حالة المُناضل المُعتـدَى عليه سيون أسيدون
الخميس 24 غشت 2025،
وخلاصة هذا التحليل، أو الاحتمال الكبير، هو أن : المناضل سيون أسيدون لم يَسقط مِن سُلَّم، وإنّما تـعرض لاعتـداء عنيـف في منزله، وكان هدف هذا الاعتداء هو اغتيّال سيون أسيدون.
صديـقـي العزيز، أبعث لك هذه التَخْمِينات، حول حالة المناضل سيون أسيدون، لِتَبادل النـقاش حولها فيما بيننا. وهي ليست أخبار، ولا حقائق مُثْبَتَة، وهي غير مطروحة للنَّشر حاليًّا، وإنما هي مُجرد تَـفكير ظرفي، أو تَخْمِين، أو حَدَس، أو تَساؤلات، لمحاولة فهم ما جرى، أو لمحاولة إدراك ما يُمكن أن يجري في المستـقبل الـقريب (هل سَيَـعيش سيون أسيدون، أم أنه سيموت). ويمكن تـقاسم هذا التحليل لتوسيع التشاور.
1) مثلي مثلك، لا أعرف حقـيـقة ما حدث للمناضل سيون أسيدون. وبالتّالي، الأحسن هو التـريّث قبل إصدار أيّ موقف. لكن التَرَيُّث لَا يُبرّر الجُمود، ولا الانـتظارية، ولا التَهَاوُن. كما لَا يَمنـعنا التَرَيُّث من التـفكير، أو النّـقد، أو التساؤل، أو محاولة فهم ما جرى. وإلى حدود هذه الساعة (23:00 من يوم الخميس 24 غشت 2025)، لا نـعرف بالتّأكيد هل المناضل سيون أسيدون ما زال حيًّا، أم أنّه مَات. ولا نـعرف هل سيتمّ إنـقاذه أم لا. ولا نـعرف هل خرج سيون أسيدون من الغَيبوبة، وهل تـكلم، وإذا ما تـكلّم، ماذا قال عن الاعتـداء الذي تَـعرّض له. ومن المُمكن أن أخطئ في تحليلي هذا، وفي تَنَبُّؤاتي. لكن احتمال الخطأ لا يَمنـعنا من التـفكير والكلام.
2) في قضية الاعتداء على المناضل سيون أسيدون، وما دمنا لا نعرف الحقيقة، وفي انتظار تصريح صَادر عن الضحية المعنية، إِنْ بَـقِـيَ حَيًّا، يُستحسن أن نـفتـرض كل الاحتمالات المُمكنة، بما فيها الاحتمالات الأكثر سُوءًا.
3) الرِّواية التي راجت على الإنـتـرنيت، حول حالة سيون أسيدون، تَشُوبها تـناقضات، وادِّعاءات مُغرضة، ولا يُمكن أنْ يُصدّقها العقل.
4) الرِّواية شبه الرّسمية التي راجت حول حالة سيون أسيدون تَـقـول:
أ) بعد تسجيل ونشر فِيدِيُّو (بُودكاست ضفاف فنجان) على الإنترنيت، الذي شرح فيه سيون أسيدون أنشطته الشخصية المناهضة لإسرائيل، وللصهيونية، وكان هذا الـفِيدِيُّو مُؤلمًا لإسرائيل. وفجأةً اِنـقطعت الأخبار عن تحرّكات سيون أسيدون خلال أكثر من يَومين، وكان هاتـفه لا يُجيب.
ب) شَـكَّ أحد المُقرّبين من أسيدون في أنْ يَكون قد وقع مكروه خطير لسيّون أسيدون، فطلب من النِيّابة العامة السَّماح له بِـفَتح باب منزل سيون أسيدون بواسطة قُـوّة عُمومية.
ت) الأشخاص الذين لجأوا إلى النيّابة العامة لـفتح منزل سيون أسيدون بِواسطة قُوّة عُمومية، كانوا يعرفون، أو على الأقل، كانوا يَفتـرضون، أن خطرًا جسيمًا حدث لسيون أسيدون.
ث) بعد فتح باب منزل أسيدون، وُجد أسيدون مُلْـقًا على كُرسي بِذِراعين (fauteuil)، وهو في حالة غَيبوبة، وتظهر علامات ضربات قـوية على رأسه، وعلى صدره.
ج) نـقلت فرقة الإسعاف سيون أسيدون إلى مصحة في مدينة المحمدية، وأجريت له عملية جراحية في الدماغ لمعالجة آثار الضربات التي تلـقّاها على رأسه، ولمعالجة النزيـف الدموي الذي حدث في الدِّماغ.
ج) بعد مُرور قرابة 24 ساعة على فتح منزل سيون أسيدون، وبعد اكتشافه في حالة غيبوبة، نـقل أسيدون من مصحة في مدينة المحمدية، إلى مستشفى زايد في مدينة الدار البيضاء، «لإجراء عملية على تَـعَـفُّـن موجود في الرِّئَة». وقال الأطباء أنّ حالته «مُستـقرّة»، أي أنها لا تتحسّن، ولا تَتـفاقم.
5) رَوَّجَ البعض رِوايةً تَزعم أنّ « سيون أسيدون اِستـعار سُلَّمًا من عند جاره. وبينما يُـقَـلِّم سيون أسيدون نَباتات عالية، سقط به السُلَّم، ثمّ دخل إلى منزله، وأغلـق الباب، وجلس في كُرسي بِذِراعين، ثمّ دخل في حالة غيبوبة. وَقَد تَـكون هذه الغيبوبة قد دامت أكثر مِن يَومين، إلى حين أنْ فُتح باب المنزل من طَرف قُوّة عُمومية ».
وهذه الرواية تَحتوي على مزاعم مُتَحَيِّزة، ولا يَـقبلها العقل. ولماذا ؟ أوّلًا، لأنه لا يُوجد أيّ شخص يزعم أنه رأى سيون أسيدون حينما سقط على الأرض. وَإِنْ وُجد شخص يـقـول أنّه رأى سيون أسيدون أثناء سُقـوطه مِن السّلّم المزعوم، فما هو إسم هذا الشّخص، وما هي هويّته، ولماذا لم يَتـدخّل لإنـقاذ الضّحية سيون أسيدون من خطر مُحذق. ولماذا لم يُعتـقل هذا الشّخص بِتُهمة عدم تَـقديم الإغاثة الضرورية لشخص معرّض لخطر الموت؟ وثانيًّا، لأنه يَستحيل على أي شخص (مثل سيون أسيدون) أنْ يَسقط مِن أَعْلَى سُلُّم، وأنْ يُصاب بِضَربة قـوية في رأسه، وأن تَتَسَبَّب له هذه الضّربة في نزيـف دموي داخل دِمَاغه، وأن يَنهض مِن مَكان سقوطه، ثم يَـعود إلى داخل منزله، ثم يجلس في كرسي بِذِراعين، ثم يدخل في حالة غَيبوبة خلال عدة أيّام. هذا مُستحيل! وما يحدث عادةً، هو أن كل شخص يُصاب بضربة قـوية على رأسه، يسقط فَورًا في المكان الذي ضُرِبَ فيه، دون أن يـقدر على الكلام، أو التـنـقّل، أو الحركة.
فَنَـتَـسَاءل: مُن رَوَّج هذه الرِوَايَة الخاطئة؟ وَلِأَيّ هَدف؟ هذه الرواية المُتحيّزة تهدف إلى نَـفْـي فَرَضِيَة تـعرّض سيون أسيدون إلى اعتـداء عنيـف، هدفه هو اغتيّاله.
6) مبدأ عام: ما دُمنا لا نـعرف تـفاصيل حقـيـقة ما جَرى، يُستحسن أنْ نَـفتـرض كل الاحتمالات، بما فيها الاحتمالات الأكثر سُوءًا.
7) سيون أسيدون هو مناضل قديم، منذ سنوات 1970، وَمَحسوب على اليسار، ومعتـقل سيّاسي سابق، وَمَحكوم بِـ 15 سنة سجنا نافذا، ومناهض لإسرائيل، وللصهيونية. ويشارك سيون أسيدون في تنظيم أنشطة مناهضة لإسرائيل، ومقاومة للصّهيونية (في جمعيات مثل BDS، والجمعية المغربية للتضامن مع فلسطين وضدّ التَطْبِيع). وهذه الأنشطة تُؤلم إسرائيل إِيلَامًا كبيرًا، وتضرّ بمصالح الصّهاينة.
وبالتّالي، فإن عامل تدخّل إسرائيل في قضية الاعتـداء على سيّون أسيدون، هو عامل أساسي، ويستحيل نُكرانه.
8) – اعتبارًا لكون دولة المغرب هي الدولة العربية التي ذهبت بعيدًا، وأكثر من كل الدول العربية الأخرى، في تَنـفيذ تَطْبِيع كل العلاقات بين دولة المَغرب وَكِيّان إسرائيل، على المستويات السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والبنكية، والمالية، والمخابراتية، والأمنية، والعسكرية، والجامعية، والإعلامية، والثـقافية، والعِلمية؛
– واعتبارا لكون دولة المغرب تَمنح للإسرائيليين حقـوقًا وامتيّازات تَـفوق بكثير حقـوق المواطنين المغاربة العاديِّين؛
– واعتبارا لكون دولة المغرب ومؤسّـساته أصبحت مُختـرقة من طرف عُملاء إسرائيل، وعلى جميع المُستويات، وفي كل الميادين؛
– واعتبارًا لكون دولة المغرب منحت الجنسية المغربية لِـ «إسرائيليين من أصل مغربي»، وذلك في خَرْق سَافِر لِمُجمل بُنُود قانون الجنسية المغربي؛
– واعتبارا لكون عملاء إسرائيل يَنشطون بحرية تامّة داخل بلاد المغرب، ولا يخضعون لأيّة مُراقبة، أو مُساءلة، أو مُحاسبة؛
– واعتبارًا لكون سيون أسيدون ينـتـقد إسرائيل، ويُناهض الصهيونية، وَبِـفَـعَـالية قـوية، وَمِؤلمة جِدًّا لإسرائيل؛
– واعتبارًا لكون المناضل جاكوب كوهن (Jacob Cohen)، وهو مُواطن فرنسي يهودي من أصل مغربي، ومناهض للصهيونية، سَبـق له أن تعرضّ، هو أيضا، إلى عدة اعتداءات عنيفة من طرف عُملاء مُجنّدين لخدمة إسرائيل؛
– واعتبارًا لكل ما سبق ذكره، فالاحتمال الكبير، هو أنّ سيون أسيدون تـعرّض، داخل منزله، في مدينة المحمّدية بالمغرب، بين أيّام 9 و 12 غشت 2025، لاعتـداء عنيـف، يهدف إلى اغتيّاله، مِن طرف عُملاء مُجنّدين لخدمة إسرائيل.
9) الاحتمال الكبير هو أن المُعتـدين جاؤوا بهدف واضح، هو اِغتيّال سيون أسيدون. فَضَربوه ضربات قاتلة على الرأس، وعلى الصّدر. وانصرف المُـعتـدون من منزل سيون أسيدون، وهم على يَـقـين أن سيون أسيدون قد مات. وأنّ مهمّتهم قد أُنجزت. بينما سيون أسيدون لم يَمُت في تلك اللحظة، وإنما سقط في حالة غَيبوبة. وسيكون من قبيل المعجزة أنْ يَنجو سيون أسيدون بحياته من هذا الاعتـداء العنيف.
10) الاحتمال الآخر (وهذا الاحتمال هو نوع من التَنَبُّؤ الـقابل للصواب، كما للخطأ) هو أنّه : في حالة إذا ما نَجَى سيون أسيدون من محاولة الاغتيّال الأولى داخل منزله، في مدينة المحمّدية، (حيث لم يَمُت، وإنما سقط في حالة غَيبوبة)، فإن عُملاء إسرائيل سَيَلْجَأُون إلى تـكرار محاولة اِغْتيّاله، ولو في المُستـشـفـى. ولماذا ؟ لأن النضال الذي يَخوضه سيون أسيدون ضد الصهيونية، وضد إسرائيل، يَضرّ كثيرًا بمصالح هذا الكيّان.
ملاحظات أوَ تَـكَهّنات إضافية:
مَن هو المُستـفيد من جريمة محاولة اِغتيّال سيون أسيدون؟
11) الجهة الوحيدة (في كل العالم) التي لها مصلحة في اغتيال المناضل سيون أسيدون، هي إسرائيل.
12) ليس من مصلحة دولة المغرب أنْ يُـغتال المناضل سيون أسيدون. ولماذا ؟ لأن سيون أسيدون يَـكْـتَـسِـبُ، في داخل المغرب، وفي أوروبّا، وفي أمريكا، ملايين المُتعاطفين، والأصدقاء، والأنصار. وسينهض مجمل أنصار قضية فلسطين، وفي كل أنحاء العالم، للتَّنْدِيد بجريمة اغتيّال المناضل سيون أسيدون.
13) إذا تأكّد اغتيّال سيون أسيدون، سَتُصبح صُورة دولة المغرب، لدى مُختلـف الـفَاعلين في العالم، هي صُورة دولة مُنهارة (مثل دول ليبيا، أو سوريا، أو لبنان، أو السودان، أو الصومال، الخ).
14) إذا تأكّـد اغتيّال سيون أسيدون، فسيعني ذلك أن المَغرب دخل في مرحلة تاريخية جديدة، ميزتها هي سُهولة إقدام عُملاء إسرائيل على إنجاز كل ما يُريدون داخل المغرب، بما فيه اغتيّأل خُصومهم داخل المغرب، بلا مُراقبة، ولا مُحاسبة. وَسَيُسَجَّل على المُخابرات المغربية عجزها على التصدِّي لِعُملاء المخابرات الإسرائيلية.
15) في حالة تأكّدت وفاة المناضل سيون أسيدون، فإنّ المسؤولين على هذا الاعتداء، وفي آخر التحليل، سيكونون هم أوّلًا إسرائيل، وهم ثانيًّا مُؤسّـسات دولة المغرب التي فرضت تطبيع دولة المغرب مع إسرائيل، ضد إرادة شعب المغرب، ومنحت للإسرائيليين امتيّازات تَتـنافى مع دستور المغرب، ومع الـقانون الـقائم في المغرب.
16) عملاء إسرائيل، المتواجدون داخل المغرب، يعملون كَـمَافْيَات تَـعْـلُوا فَوق القانون.
17) سَنَنْتَظِر، وَسَنرى، (في قضية الاعتداء على سيون أسيدون) هل المخابرات المغربية تتعامل بحزم، وصرامة، مع عملاء المخابرات الإسرائيلية، الذين ينشطون داخل المغرب، أم أنها تُهادنهم، أو تخضع لهم، أو تَـتركهم يفعلون ما يشاءون. وسنرى هل دولة المغرب قادرة على مُناهضة عُملاء إسرائيل الذين يَعملون سِرًّا داخل المغرب. وسنرى هل دولة المغرب أصبحت خاضعة لدولة إسرائيل.
18) مع تغلغل الصهاينة داخل المغرب، من المحتمل أن تتكاثر في المستقبل اعتـداءات عَنيـفـة أخرى، وحتى اغتيالات، ضد بعض المواطنين المناهضين لإسرائيل، أو المناهضين للصهيونية، في داخل المغرب. كما أنه من المحتمل أن يَلجأ عُملاء إسرائيل، الناشطين داخل المغرب، إلى مُحاولة تَـقديم خدمات للنظام السياسي الـقائم في المغرب، عبر الـقـيّام بِتَرْهِيب، أو حتّى بِـتَصْـفِـيَّـة، المُواطنين المغاربة الذين يُعارضون هذا النظام السياسي، أو الذين يُشكّلون خطرا على أمنه، أو على استمراريته.
* تعميما للفائدة قمنا بإعادة نشر هذا النص الرائج على مواقع التواصل الاجتماعي ولكل غاية مفيدة.