نقاش: حول شهادة السَّكْتي عن المناضل أبراهام السرفاتي

نقاش: حول شهادة السَّكْتي عن المناضل أبراهام السرفاتي

 عبد الغني القباج

             تابعت الحوار الذي أجري مع السيد سعيد السكتي على إحدى قنوات اليوتيوب. وبالفعل، فقد استغربت أن يصدر عن سعيد السكتي ذلك الموقف من المناضل أبراهام السرفاتي… لأن سعيد السكتي، لم يتجرأ على التعبير عن موقفه هذا، (أو عن نقده هذا)، حينما كان السرفاتي مايزال على قيد الحياة.. وبعض الأشخاص الآخرين، اتهموا هم أيضا السرفاتي باتهامات مشابهة.

لكن، لا يمكن الكذب بسهولة إلا على الأموات.. رغم أن مواقف الأموات تفند كل الأكاذيب، ما دام هناك أشخاص يحفظون التاريخ الحقيقي ويؤكدون حقائقه..

إنه تطاول على المناضل أبرهام السرفاتي من سعيد السكتي الذي كان عضوا سابقا في حزب النهج الديمقراطي. وفي الفترة الأخيرة أصبح يخوض حملة مناوئة ضد هذا الحزب، وإلى حدود الآن، لم يقدم سعيد السكتي حججا مقنعة لتبرير خلافاته، أو لتبرير انسحابه من صفوفه، كما أنه لم يبرر صراعه، أو حتى حقده تجاه هذا الحزب.

   وكل ما قاله السيد سعيد السكتي في حق المناضل ابراهام السرفاتي، فهو غير صحيح.. لقد عايشت شخصيا الرفيق السرفاتي خلال سنوات، سواء داخل السجن المركزي، أو خارج السجن.. وكنت أناقش معه مواقفه السياسية، التي ظلت وبقيت مواقف مبدئية ومنسجمة مع ماضيه النضالي والثوري.

   وكمثال، وفي السجن المركزي، أي قبل إطلاق سراحنا في يوم 16 غشت 1991، أشهد أن مدير السجن المركزي بالقنيطرة، استدعى الرفيق السرفاتي إلى مكتبه بإدارة السجن، وذلك  بطلب من الشخص المدعو سيرج بورديگو serge berdugo، (رئيس مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب). وكان  مبعوثا من طرف الملك الحسن الثاني. حيث أخبر السرفاتي أن الملك يريد إطلاق سراحه، لكن مقابل ذلك، يتوجب على السرفاتي أن يغير مواقفه من النظام السياسي المغربي، ومن قضية الصحراء الغربية. فرفض السرفاتي، واحتج على بورديگو.

  وبينما كان السرفاتي عائدا من مكتب مدير السجن، يسير في الممر المؤدي إلى حيِّنا داخل السجن، (وهو الممر الذي كان يؤدي إلى زنزانة السرفاتي)، سمعنا هذا الأخير  يصرخ ويصيح وهو حالة غضب: “النظام السياسي يساومني، ويريد مني أن أتخلى عن مواقفي.. أفضل أن أموت في السجن على أن أتخلى عن مواقفي المبدئية!”.  

   بعد مغادرة الرفيق السرفاتي السجن، واستقراره في مدينة مراكش، في فيلا بالقرب من العمارة التي كنت أسكن في شقة منها، كنت أزوره باستمرار، هو وزوجته الفرنسية كريستين دور.. وكنت أناقشه في عدة قضايا سياسية ونظرية.. وعبر لي السرفاتي أن موقفه  السياسي واضح من النظام السياسي الحاكم.. وبالفعل، سبق لي أن ذكرته باستجواب أجرته معه  مجلة  Imprecore، وكان عنوانه هو: “نهاية عهد، “La fin d’un règne”.

في هذا الاستجواب طرح السرفاتي مواقفه السياسية، سواء في ما يخص  النظام السياسي السائد في المغرب، أو في ما يخص عودته من منفاه الفرنسي إلى المغرب.

وخلال حديثي معه، اعتبر السرفاتي أن قرار عودته (من المنفى في فرنسا إلى المغرب)، المتخذ من طرف الملك محمد السادس، كان قرارا إيجابيا.. قرار  يتعارض حد التناقض  مع موقف واستبداد الملك الراحل  الحسن الثاني، الذي أسقط عن السرفاتي جنسيته المغربية، ثم قام بنفيه إلى فرنسا..

وأكد لي السرفاتي أنه لم يقدم أي تنازل لمبعوث الملك محمد السادس، الذي حاول التفاوض مع السرفاتي في فرنسا.. واعتبر آنذاك أن المغرب يمر سياسيا بمرحلة انتقالية، أو رمادية (لا هي سوداء، ولا هي بيضاء)… وأنه من الممكن أن تتطور هذه المرحلة في اتجاه قدر معين من الديمقراطية، كما يمكن أن تكون مرشحة للانتكاس إلى الوراء، في اتجاه العودة إلى الاستبداد السياسي، وذلك وفقًا لحركة الصراع الطبقي في المغرب، وفي ارتباط بنضالات القوى اليسارية الديمقراطية المغربية.

أما  فيما يخص مسألة الصحراء الغربية، فقد طرح المناضل أبراهام السرفاتي موقف حل سياسي متفاوض عليه بين المغرب والبوليساريو.

21 ماي 2025

شارك هذا الموضوع

عبد الغني القبّاج

كاتب وناشط سياسي وحقوقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!