الاجتماع التشاوري العربي في بيروت: لبنان يشكو همه والعرب في همهم
حسين عطايا
كان لبنان اليوم السبت، على موعدٍ مع انعقاد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزاء الخارجية، في لقاء تشاوري تحضيراً لمؤتمر القمة العربية المُزمع إنعقاده في الجزائر في شهر تشرين الاول ـــ اكتوبر القادم .
وكان قد تم استقبال الوفود المشاركة على ارض مطار بيروت الدولي، من قبل وزير الخارجية اللبنانية عبد الله ابوحبيب وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية .
ولأن الوضع اللبناني لم يتغير كثيراً، فنظرة الدول العربية ايضاً لم تتغير نظرتها تجاه لبنان، خصوصاً أن السياسة اللبنانية لم تتحرر ولو جزئياً عن سياسة حزب الله وحلفه الممانع .
لهذا لم يكُن التمثيل العربي على مستوى وزراء الخارجية العرب سوى قِلة قليلة من الدول العرببة والتي تمثلت بلادها على مستوى وزراء الخارجية، بينما غابت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة الامارات العربية المتحدة واكتفت بمندوبيها الدائمين في مجلس الجامعة العربية، ومن أبرز وزراء الخارجية العرب الحاضرين الكويت، قطر، الجزائر، اليمن وجزر القُمُر، فلسطين، بالاضافة طبعاً الى امين عام جامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط .
في الشكل كان اللقاء ناجحاً، ولكن بالمضمون لم يكُن على مستوى المرحلة او طموحات المسؤولين اللبنانيين، لإنه في الاساس لقاء تشاوري لم يكُن لمناقشة جدول أعمال مُحدد ولن يصدر عنه اي مُقررات ذات اهمية .
كما أن الامر اقتصر على كلمات ترحيبية وبعض التمنيات وكلام عاطفي تجاه لبنان من قِبل الاشقاء العرب، دون تسجيل أي التزامات او قراراتٍ مُلزمة بنتائج مُحددة .
وكان قد سبق اللقاء التزام دولة قطر بتقديم معونة للجيش اللبناني بقيمة ستون مليون دولار تؤمن الرواتب للعسكريين خلال الفترة القادمة، وهذا الامر ايضاً يظهر بأن الدول العربية لازالت تلتزم بعدم تقديم اي مساعدة عبر الدولة اللبنانية، بل مباشرة للجيش اللبناني والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بالنظر لما بات معروفاً عن الفساد المستشري في اجهزة وإدارات الدولة اللبنانية، خصوصاً ما كان قد سبق اللقاء عن إعلان إنشاء صندوق دعم للشعب اللبناني ما بين فرنسا والعربية السعودية والذي كان قد أُعلِن عنه مباشرة بعد عودة السفير السعودي الى بيروت .
هذا الامر يدل على أن الدول العربية لازالت تحتضن الشعب اللبناني وتلتزم تقديم المساعدات مباشرة وبإشرافها بعيداً عن الدولة اللبنانية الرسمية والتي بات من المعروف انها تخضع لإدارة رغبات حزب الله .وكان اقتصر اللقاء على جلسة عامة تم طرح المندوبين والوزراء الحاضرين بعض القضاية التي تهم بلادهم، وكان للوفود المشاركة لقاءات مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة .
وعلم من حديث الزوار بالاجماع عن دعم الشعب اللبناني، لن يكون كافيا لـ”تسييل” هذه المواقف، بما ان اي مساعدة للبنان – الدولة، ستبقى مشروطة بالاصلاحات الاقتصادية والسيادية، رغم مسايرة اهل الحكم العربَ وإسماعهم كلاما جميلا عن تمسّك بيروت بعلاقاتها التاريخية معهم، ورغم “تباكيهم” أمامهم، ومطالبتهم اياهم بالمساعدة خاصة في ملف النازحين السوريين. ويبدو حتى الساعة، ان هذه الاصلاحات مؤجلة، في ظل موجة التباينات التي طفت سريعا على ضفة تشكيل الحكومة.
وفد تحدث باسم الزوار في قصر بعبدا أبو الغيط، قائلا “ان هذا الاجتماع التشاوري هو الثالث، ويعقد بالتراضي والتوافق بين كافة الدول العربية. والدور كان على لبنان في استضافته، والوزراء رحبوا بالحضور وبتأييدهم للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية والرئاسة اللبنانية. وقد استمعنا الى كلمة رقيقة شرح فيها فخامة الرئيس عون موقفه، وعرض للوضع اللبناني وللظروف اللبنانية كما وللحاجة الى الدعم العربي للبنان. ومن جانبنا، كجامعة عربية، فإننا نقف خلف الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، ونتمنى للبنان كل الخير والتوفيق.”
بينما اكد عون على أهمية العلاقات العربية – العربية، ولا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه العالم العربي وما يواجهه من تحديات تستوجب اقصى درجات التشاور والتعاون المشترك، معتبرا “ان التعاون والتضامن بين الدول العربية الشقيقة امر مهم في ظل ما تشهد دولنا من أزمات وضغوط وتحولات.” وشدد على “ان لبنان الذي يعاني من سلسلة أزمات متراكمة، يعاني ايضا من أعباء يتحملها من جراء الاعداد الكبرى للاجئين والنازحين على ارضه، وهو لم يعد قادرا على تحمل هذا الواقع، وموقف المجتمع الدولي لا يشجع على إيجاد حلول سريعة”، آملا من وزراء الخارجية العرب “المساعدة لمواجهة هذه التحديات”، مؤكدا “ان لبنان وعلى الرغم من ظروفه الراهنة الصعبة، مصمم على مواجهة التحديات وإيجاد الحلول للخروج من ازماته.”
كما زارت الوفود العربية عين التينة حيث استقبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكدا لهم “ان لبنان لن ينسى أشقاءه العرب، لن ينسى الطائف ولا الدوحة ولا الكويت في يوم من الأيام لكن الآن لبنان يطلب ويتوق الى أشقائه العرب ويتمنى مجيئهم والدخول الى صلب ما يشكو منه لبنان”، مشددا امامها على ضرورة عودة سوريا الى جامعة الدول العربية.
اما في نهاية الاجتماع التشاوري في الحبتور، فقال الامين العام المساعد السفير حسام زكي في دردرشة مع الصحافيين “ان البحث تناول الاعداد للقمة العربية التي ستنعقد في الجزائر وأكد السفير زكي “دعم وتضامن المجتمعين مع لبنان لكن لم تطرح قضايا فرعية او جزئية”… قبل ان يعقد وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وابو الغيط مؤتمرا صحافيا قال فيه الاخير ان “الحضور إلى لبنان في هذا الوقت في ظلّ ظروفه الصعبة التي نشعر بها جميعاً هي رسالة من الدول العربيّة أنّنا ندعم البحث عن تسويات وتحقيق الاستقرار وأننا نُساند لبنان في أوضاعه ومناقشاته مع صندوق النقد الدولي”.