في معنى المصادرة.. التكميم وتلويث الصراع والحكومة “الأنبوبية”
عبد الله راكز
ما أن ينطرح مثل هذا السؤال، حتى يتضح في الأفهام المعنية أن ثمة فرقا واضحا نوعيا، بين معنى المصادرة وتكميم وتلويث الصراع، بما يترتب عن ذلك من دوران في الحلقة المفرغة، وبروز مظاهر الاستنفاد، ليس فيما يخص أو يتعلق بالقديم، وإنما بالجديد أيضا. وهذا ما يجري بالمغرب؟
1/ في الولادة ” الأنبوبية” للمركب الحكومي؟
لايجب إطلاقا، أن تقتصر ارتكاسة المغرب فقط على مستوى الاستنفاد وحسب، وإنما وبالإضافة إلى رد فعل وانتقام القديم، هو الانتقام ممن/ ومما تحقق بالمغرب من بعض المكتسبات الحقوقية (= ويجب إعادة التربية للمغاربة، أليس هذا هو المطلوب؟)..
يجب أن يُشار هنا إلى أن ثمة ” جوهرا” مكبوحا، إذ ما أن يرتفع الضغط عنه حتى يستقيم بسرعة نحو غايته، ولو كان هذا الجوهر كذوبا، تحت تسمية نهوض، أو تقدم أو الخ… فالعملية الاجتماعية- الاقتصادية، في مقدمتها ونتائجها، تكمن في آلية من الصراع (وهو قائم)، وأنساق من القوى والتوازنات، وأسيقة من التحولات والتوضعات والمميزات المرافقة لها، وبواعث لفعل التاريخ والقوى، وفي التاريخ وقواعد فعل الضرورات.فأين هي إذن من هذا.. الحكومة “الأنبوبية”. في فعل التدليل على ما قلناه، يمكن رصد بعض مفردات وقائع من السيرورة المعيشية/ الواقعية المعنية للشعب المغربي.
2/ في تصيرات الولادة ” الأنبوبية” للمركب الحكومي:
ثمة ولادة “أنبوبية” طبعت نمو وتشكل المركب البورجوازي وتصيراته، (ولو بحلفاء لا هم في العير ولا في النفير: التراكتور؟)، حيث السمة المميزة له هي الارتهان لمستلزمات التغلغل الاستعماري ذو البعد الوظيفي للمركز الأوروبي.
الغريب في الأمر بالمغرب، وفي إطار التنزيلات والأوهام الكثيرة، أن هناك من يعتبر أن البورجوازية المحلية الريعية تمتلك مفاتيح التحولات الاقتصادية- الاجتماعية. وهناك أيضا من يعتقد بأن تنويعا بورجوازبا هو القادر على تنفيذ المهام المطروحة، على اعتبار أن المغرب لم ينجب نظاما متقدما بهذا الصدد. وخصوصا المهمة الديموقراطية.. الله أكبر؟
لكان الديموقراطية محايثة لأي نمط بورجوازي، وليس للتحولات التاريخية؟
لقد تبين الآن وبالفعل، بالمغرب، أن لا حاكمية الفعل الخارجي سمحت بخلق الأرضية التي نتفاعل عليها عملية الاستدماج المجتمعي المغربي، على قاعدة ” السيطرة” الطبقية والثقافية والمعيارية نفسها لمركب بورجوازي هجين. الإشكالات شاخصة، باختلاط عوامل النهوض الركود، التحرر والارتداد، “المقاومة” والخضوع. مما يجعل الهوة مابين المركب البورجوازي الهجين الريعي والمهام المجتمعية.
3/ هامش: الوعي التّلفيقي /النفعي:
تبرز الهوة المذكورة بمثابة انفصال بين متطلبات المركب الريعي وبين القاعدة الاجتماعية التي تدفعها في اتجاهات تاريخية مغايرة تماما لتطلعاتها. فهي استعاضت عن ذلك باستيراد كل النواظم (وليس النظم) والثقافية والمناهجية (إن وُجدت) من الحقول الرأسمالية الهجينة. ولم ذلك، وبالطبع ليشكل لها تعويضا وازنا لغياب الحل الحقيقي ولا مخرجا لأزمتها الحادة (وهو الحاصل الآن).بل على العكس، فقد ساهم هذا بدون مواربة، بإنتاج وعي تلفيقي/ نفعي، وتكريس وعي غير مطابق لواقع متطلبات التغيير. لايمنع هذا، وكيفما كان الحال، من القول بأن المجرى الموضوعي لحركية الصراع في بالمجتمع بشتى تلاوينه أملى حقائق نسبية أفصحت عن تكييف هذا المركب مع التربية المحلية الاستبدادية، ليصبح معطى بنيويا داخليا بالحدود التي يبتعد يقترب فيها من حركية الصراع المذكور، الذي هو في الحقيقة صراع مع التخلف بعامة.
كثيرا ما يكون مستوى الصراع السياسي، الاجتماعي والثقافي مرجحا بقوة لمن لهم مصلحة في ذلك (الشعب على العموم)، ومن هنا نرى أثره على الصعد المختلفة، التي بالرغم مما يعتريها من ترهل،تخصّبت بالاهتمامات والميول والأسئلة، ثم تأطرت في جمعيات سياسية، حقوقية وثقافية التي لازالت (وهذا اعتقادنا) لم تتجاوز ” قوقعتها” في مجمل تحركاتها، بفقدان الأواصر بينها وبين النخب والدوائر ذات النزوع الديموقراطي للدفع بحركية الصراع المذكور نحو آفاقه الحقيقية.