جلسة الخميس ومماحكات نواب التغيير
حسين عطايا
كثيرون يتساءلون ما الذي يريده نواب كتلة التغيير او ما يحلوا لهم تسمية نواب ١٧ تشرين في البرلمان اللبناني، ليأتي الرد سريعاً ممن يمتهنون السياسة، بأن النواب الثلاثة عشر والمُسمين زوراً نواب التغيير، يعيشون ترف الوقت الضائع، حيث لا استراتيجيا، تمظهرت بسياستهم إضافة إلى فشلهم في التكتيك ايضاً.
قبل فترة أطلقوا مبادرة فيما خص الانتخابات الرئاسية وقاموا بجولة شملت الجميع، حتى أعتى عُتاة المنظومة “التيار العوني” ورئيسه جبران باسيل، ونواب “حزب الله”، علما ان ثورة ١٧ تشرين التي يدعون تمثيلها قامت بوجه المنظومة وعلى رأسها التيار العوني وحزب الله، لانهما بممسكان بمفاصل البلاد ورٍقاب العباد، فجاءت خطوتهم كما يقول المثل “دعسة ناقصة”، لكنها مرت رغم الامتعاض والاعتراض من شريحة كبيرة من جمهور ١٧ تشرين .
وعلى أساس أن تلك المبادرة ووفقاً لتصريح عدد من نواب التغيير، إنها تنقسم لقسمين، القسم الاول هي عرض ورقة المبادرة التي أطلقوها خلال الجولة الاولى من الزيارات واللقاءات، والثاني هو القيام بجولة يتم خلالها طرح سلة من الأسماء توافق توجهات نواب التغيير .
ولكن الذي حصل، بأن الجولة الاولى مرت وإنتهت ولم يتبعها جولة ثانية على الاطلاق .
في الجلسة الاولى لمجلس النواب التي عُقدت الخميس في التاسع والعشرين من شهر ايلول ـــــ سبتمبر الماضي لإنتخاب رئيس الجمهورية، وبعد مناقشات ولقاءات وزيارات تم ترشيح النائب ميشال معوض من مجموعة من الكتل البرلمانية ابرزها كتلة الجمهورية القوية، كتلة حزب الكتائب، كتلة اللقاء الديمقراطي، كتلة تجدد وبعض النواب المستقلين 36 صوتا، وصوت ٦٣ نائباً بورقة بيضاء، وصوت نواب التغيير لسليم ادة، والسؤال هنا، من أين وكيف ومتى تم التواصل مع سليم إده على ترشحه، فذلك أمر في علم الغيب، مع العلم انه على إثر تلك الجلسة أصدر إده بيانا قال فيه إنه غير مرشح وغير معني بما جرى بمجلس النواب .
يدل هذا على خفة العقل السياسي الذي يقود النواب الثلاثة عشر واستهتارهم بما يجري في لبنان ومدى أهمية الاستحقاق الرئاسي وضرورة أخذ الامور على محمل الجد والابتعاد عن الولدنات وسياسة المراهقة التي يتخذونها سبيلاً .
من ناحية ثانية، عبر اولئك النواب عن عدم موافقتهم على ترشيح النائب معوض للأسباب التالية انه من المنظومة ووريث بيت سياسي ويصطف مع كتل نيابية تقف بوجه مشروع حزب الله .
مع العلم بأن سليم إدة ابن الوزير السابق ميشال اده والذي اشتهر عنه قوله “انني سأرمي بنفسي امام جنازير الدبابات السورية في حال قرر السوريين الانسحاب من لبنان”، اي انه كان واحد من المنظومة الحاكمة في ذلك الوقت وبالتالي سليم اده وريث سياسي .وهذا يناقض إدعاءاتهم بأنهم يريدون رئيسا توافقياً جامعا وحاكما وعادلا ، علما أن بنود مبادرتهم تدعو لرئيس يحقق الدولة القادرة ويدعم بناء جيش قوي، لانهم ضد وجود جيشين في بلد واحد وهم مع تنفيذ القرارات الدولية ومع رئيس يجمع ولا يُفرق ورئيس يُعيد العلاقات اللبنانية مع العالم والعرب، وضد رئيس مواجهة .ولو افترضنا بأنهم صادقين فيما يقولون، كان من الواجب والضروري ان يؤيدوا ترشيح ميشال معوض لانه يطرح نفس المباديء والشعارات .ولكن لعلهم يريدون التقيد براي النائب بولا يعقوبيان بعدم تأييد النائب ميشال معوض .
ولإنعاش ذاكرة نواب التغيير، قبل الانتخابات كان أكثريتهم اعضاء في جبهة المعارضة اللبنانية والتي تضم حزب الكتائب وميشال معوض ولكن لسببٍ ما بعد الانتخابات تغيرت مواقفهم ولم يعودوا على وفاق مع النائب معوض، وحبذا لو يمتلكون الجرأة ويُكاشفون الناس وجمهور ١٧ تشرين ويقولون لماذا يعترضون على ميشال معوض، بدل إتباع السياسة الرعناء التي يُمارسونها ويمتهنونها في كل استحقاق، مما يدفعنا للشك فعلا على أنهم يخدمون المنظومة وعلى رأسها حزب الله والتيار العوني، ويُمارسون سياسة تُفرق المعارضة وتُسهل الطريق لحزب الله ليفرض سيطرته من جديد على موقع الرئاسة الاولى ليعيش اللبنانيين ستُ سنوات عِجاف أخرى كما هي في ظل العهد الجهنمي الحالي والذي سينتهي بعد ثلاثة اسابيع على أبعد تقدير .
يظن الكثيربن ممن شاركوا وناضلوا في صفوف ثورة ١٧ تشرين على أن نواب التغيير يلعبون بورقةٍ هامة كلعب الاطفال، فيما يجهلون ما بين ايديهم، الخميس المقبل في ١٣ تشرين الاول ــــ اوكتوبر ستُعقد الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولن يتم خلالها التوصل الى الانتخاب الموعود، بل ستتكرر سمفونية الجلسة الاولى مع تغيير بسيط حيث سيقترع النواب الثلاثة عشر لإسم جديد من بين مجموعة اسماء هي: صلاح حنين، زياد بارود، ناصيف حتي، مع العلم أن هذه الأسماء شاركت بالمنظومة كوزراء .وسيُعيد انتخاب النائب ميشال معوض الكتل ذاتها التي انتخبته في الجلسة الاولى، مع زيادة بعض الأصوات التي قد تصل الى خمس واربعون نائباً او أكثر وفقاً لبعض اللقاءات التي ستحصل من اليوم وحتى عشية يوم الخميس، وسيتم الاقتراع بورقة بيضاء من قبل ستين نائبا يمثلون المنظومة الحاكمة وتوابعها، اذا لم يُقاطع النواب العونيين حضور الجلسة، كونها تأتي بتاريخ هزيمة الثالث عشر من تشرين تاريخ هروب الجنرال عون بالبيجاما الى السفارة الفرنسية ومنها الى فرنسا فيما بعد، وهنا فعلاً ظاهرة غريبة فكيف لمهزوم يحتفل بمناسبة هزيمته، هذا لم يحصل في تاريخ السياسة اللبنانية إلا لدى العونيين وتيارهم؟!.