إيران بين الثقافة والمشنقة
كاركاسون – المعطي قبال
في بلد حافظ، جلال الدين الرومي، الفردوسي، عمر الخيام، الروداكي، السعدي الخ.. يعتقل اليوم الشعر ويكمم أفواه الشعراء. هكذا لم ينج من كماشة القمع شعراء مثل محمود طراوت روی، مونا برزویی، محسن زهتابی، مژگان کاووسی، نگین آرامش، پوران ناظمی، روزبه سوهانی، سجاد رحمانی ماسا، سعید مدني، سعید هلیچی، سیدنوید سید علی اکبر واللائحة طويلة… ويمكن تعميم حالة الشاعر علي أسد اللهي على وضعية بأكملها. أصدر علي عدة دواوين شعرية نالت التنويه من طرف جمعية الصحافيين الإيرانيين. ألقي عليه القبض في 21 من نوفمبر 2022 خلال مظاهرة دفاعا عن الحريات المدنية. بالسجن فرض عليه نظام شبه كامل من العزلة لم يمكنه من استقبال عائلته أو محاميه. وقد تم اعتقاله في السجن الأكبر لطهران ولم يعرف بعد مرور 50 يوما على اعتقاله أسباب هذا الاعتقال وما هي الاتهامات الموجهة إليه. من مواليد 1987، أبدى الشاعر منذ عدة سنوات معارضته للنظام الإيراني. عام 2019 اقترح أحد دواوينه لنيل جائزة الشاعر الكبير أحمد شملو، غير أنه انسحب من المسابقة للتنديد بالرقابة المسلطة بإيران. وبرر رفضه كون كبار من شعراء إيران اليوم لا يسمح لهم بالنشر. كما أبدى مساندته للشعراء المساجين أمثال بكتاش أبتين، رضا كندا مهابادي وكيدان بزان. توفي الأول بالسجن، فيما أطلق سراح الثاني بشكل مؤقت ولأسباب طبية واستفاد الثالث بعفو مشروط.
وقد تشكلت حملة تضامن دولية للتنديد بالاعتقالات التي تطال الكتاب والشعراء على وجه التحديد. في رسالة مفتوحة ندد 150 من الكتاب والفنانين الاعتقال اللاشرعي لعلي أسد اللهي وطالبوا بإطلاق سراحه الفوري واللامشروط. ومن بين الموقعين دهناك أورهان باموك الحاصل على جائزة نوبل للآداب والمخرج الهنغاري بيلا تار، إضافة إلى جامعيين أتراك وإيرانيين. ويشير البيان إلى وضعية كاتبين مضطهدين بإيران وتركيا هما دانيال غيزيلجاي، وهو شاعر تركي في 25 من عمره، والشاعر مهدي باهمان البالغ 44 سنة والذي اعتقل في 11 أكتوبر 2022 بسبب مساندته للمظاهرات. كما اتهمته السلطات الإيرانية بالتواطؤ الجاسوسي مع إسرائيل.
أغلب هؤلاء الشعراء هم دون الأربعين. تعودوا على رشف أقلامهم في آلام الشعب الإيراني وطموحاته. كما لم يترددوا في الخروج إلى الشارع للتظاهر والجهر بمطالب الحرية والكرامة. في قصيدة من ديوان الوحدة الجماعية عنوانها “العدالة” يَكتب بكتاش: “نيزك في ليلة دامسة| لا يَكفينا| نحن نبحث عن القمر القابع خلف الغيوم| جليٌّ ما أقوله؟| في العتمة| واحداً واحداً| نسقط وننهض| كمطرقة ثقيلة بلا عدالة وبلا محكمة | حين تَسقط وتنهض”. لم تسقط مطرقة الملالي فقط على الشعراء بل شملت كذلك الروائيين، رجالات السينما، الفلاسفة ورجالات الموسيقى. لذا تنطبق على الملالي الفكرة القائلة: ما أن أسمع كلمة ثقافة حتى أخرج مسدسي!