نضال حسن نجمي من أجل عالمية فن العيطة
باريس – المعطي قبال
اعتادت باريس، بل مجموع فرنسا وبلجيكا، بن الحين والآخر، استقبال مجموعات غنائية أو فنانين مغاربة يفدون لإتحاف الجالية بأغاني شعبية وبالأخص فن العيطة. الملاحظ أن هذه المجموعات تفد أحيانا لأغراض تجارية أكثر منها فنية. ويتحكم بعض «المناجير» من دون خجل في السهرات والحفلات التي تقام بقاعات في باريس وضواحيها. وقد نشط هذه الحفلات عدد من الفنانين أدخل معظمهم في الاداء آلات كهربائية كانت الغاية منها «كهربة» الجمهور. وعليه بقينا بمنأى عن العيطة بمعناها الفني الخالص كما تعلمه ونقله أتباع الأساتذة أو الشيوخ الأوائل. وقد حرص حسن نجمي على تشجيع هؤلاء الأتباع، من أمثال أولاد البوعزاوي، أولاد بن عكيدة وغيرهم، على السفر إلى الخارج لنقل تراث العيطة ولقاء جمهور الجالية. وهو بذلك أراد الحفاظ على القيمة الفنية للعيطة التي أفسدها بعض الفنانين المتطفلين الذين جعلوا من المحاكاة خبزهم الدسم وذلك بتردديهم لنفس الريبيرتوار.
وفي هذا الإطار وبفضله أمكن استقبال أولاد البوعزاوي وأولاد عكيدة بمعهد العالم العربي. ويعود له الفضل بخاصة في دراسة، تعريف، ونشر هذا الفن الذي كان ردة فعل ضد ثلاثة قوى مهيمنة: ضد الاستعمار من جهة، (المرحومة الحاجة الحمداوية أدت ثمن ذلك)، ضد القياد وسطوتهم في القبائل (خربوشة امتطت صهوة جوادها، وأنشدت قصائد مناهضة للقائد عيسى بن عمر العبدي)، ثم ضد رغبة البورجوازية المغربية ورجالات الدين في إسكات صوت هذا الفن باسم أخلاق الاحتشام والعفة وتقاليد أندلسية مزعومة تتعارض مع «الثقافة العروبية» التي تحملها وتمررها العيطة. المفارقة أنه نجد اليوم البورجوازية المغربية هي أفضل زبون للشيخات. فما من حفل ختان أو زواج أو نجاح للابن أو البنت في امتحان ما إلا وتحييه «رباعة ديال الشيخات».
رد الاعتبار لفن العيطة بفضل العمل الدؤوب الذي قام به المرحوم محمد بوحميد، حسن نجمي وحسن البحراوي وسعيد يقطين وغيرهم، يجب أن يترجم إلى أكثر من لغة وأن يدرس بالجامعات وتعقد من حوله الندوات والمناظرات، ولم لا أن يعترف به كتراث إنساني من طرف اليونسكو.
في بحثه، وسع حسن نجمي من رقعة ومجال العيطة، بحيث لم يكتف بدراسة البعد الإقليمي لهذا الفن (آسفي، الشياظمة وهضاب الشاوية وسهول عبدة والحوز والرحامنة وأربعاء الصخور والخيايطة وأولاد حريز وسيدي غانم، خريبكة والفقيه بنصالح وحد كورت…)، بل فتح المجال على البعد الوطني بل الدولي حيث فن العيطة متواجد في كورسيكا، سارداينا ومناطق وبلدان أخرى… كفن شعبي، فالعيطة فرجة واحتفالية بالجسد، لأنها تستدعي الشطح بالمعنى الصوفي لما يتحرر الجسد من أغلال التقليد، ومن القدسي والضغط اليومي، ليعرب عن المتعة والبهجة. فالعيطة هي بنوع ما تطهر، كاتارسيس بالمعنى الإغريقي. يوم السبت القادم، 11 مارس، في الساعة السابعة مساء، يحاضر حسن نجمي بدار المغرب بباريس في موضوع : «أغاني العيطة في المغرب: التاريخ، الثقافة والمجتمع». يتضمن الحفل أيضا فقرتان: تخصص الأولى لعرض الفيلم الوثائقي الذي أنجزته إزة جينيني عن العيطة عام 1988، وتتضمن الفقرة الثانية حفلا موسيقيا للفنان زكي الشعبي.
عن هذا الفن الذي يملك قدرة انتزاع النائم من نومه، يقول سيدي عبد الرحمان المجدوب:
“عيطت عيطة حنينة فيقت من كان نايم، فاقوا قلوب المحنة ونعْسو قلوب البهايم”.
Visited 41 times, 1 visit(s) today