بدأت الاشتباكات بين الناتو والصرب في كوسوفو…

بدأت الاشتباكات بين الناتو والصرب في كوسوفو…

خالد العزي

     أدت الإجراءات القاسية التي اتخذتها سلطات دولة كوسوفو، المعترف بها جزئياً، إلى تفاقم الوضع بشكل حاد. ومكان العمل هو المجتمعات التي يسكنها الصرب. هنا، حاولت القوات الخاصة في كوسوفو السيطرة على المباني الإدارية، لكن الصرب المحليين منعوها. وتدخل حلف شمال الأطلسي بتاريخ  29مايو- أيار الحالي. ومازالت تتصاعد. وأرسلت عدة كتائب تحت قيادته لفك التظاهر،  لقد حاولت قوات الأمن الدولية في كوسوفو الاستيلاء على مباني السلطات الخاضعة للحماية، مما أدى في النهاية إلى اشتباكات مع الصرب. كل هذا يحدث على خلفية احتجاجات في العاصمة الصربية قد تؤدي إلى استقالة الرئيس ألكسندر فوتشيتش.

بدأت لعبت الصراع المفتوح على البلقان بين روسيا والغرب من خلال التجمعات الصربية الثلاثة في كوسوفو وفي صرب البوسنة وصربيا نفسها، حيث تحاول روسيا استخدام القومية الصربية في هذه المناطق البلقانية  لخدمة أجندتها ولأجل زعزعة الأوضاع بهذه المناطق، للدخول في تسوية  شاملة تفرض نفسها وتجبر الغرب على الاعتراف بنفوذها انطلاقا من البلقان وصولا إلى أوكرانيا.

لقد بدء الاحتجاج في كوسوفو في مناطق التواجد الصربية في شمال كوسوفو بعد فشل بلغراد وبرشتينا في التفاوض والاعتراف ببعضهما تمهيدا  للدخول إلى الاتحاد الأوروبي.

فتحت خريطة النزاع منذ العام  الماضي، حين  قررت سلطات كوسوفو نيتها حظر لوحات الترخيص الصربية وإعادة انتخاب قيادة البلديات ذات الأغلبية الصربية. على الرغم من الاحتجاجات والمفاوضات الطويلة والتحذيرات بين الطرفين، لكن الانتخابات جرت في نهاية الشهر الخامس من هذا العام، ومهدت إلى  مناوشات مع الصرب.

مؤخرا اندلعت مسيرات احتجاجية من الصرب خارج المباني الحكومية التي تسيطر عليها القوات الخاصة الكوسوفوفية والمصممون على منع ما يرون أنهم رؤساء بلديات منتخبين غير قانونيين وتولوا مناصبهم بشكل غير قانوني، حيث أمر رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، بإدخال قوات كوسوفو الخاصة إلى أربع مناطق.

ثم اندلعت مجددا  اشتباكات في  مدينة “زفيكان” الكوسوفية حيث استخدمت قوات كفور الدولية معدات خاصة ضد الصرب، بما في ذلك الغاز المسيل للدموع. وسرعان ما اتخذت الاحتجاجات طابعًا مناهضًا للرئاسة. باعتبار أن الرئيس الصربي حتى الآن، لم يحقق شيئا للصرب، لأن الرئيس فوسيتش عاجز  لإجراء تغييرات، على سبيل المثال، استقال من منصب زعيم الحزب التقدمي الصربي الحاكم.  واستمرت المواجهة، التي يستخدم فيها الرئيس وخصومه عنصر الاحتجاج، كما أن المتظاهرين  لم يحققوا نجاحًا كبيرًا.

بظل هذا الوضع بات الرئيس الصربي مرة جديدة تحت ضغط من الغرب، لعدم رغبته في اتخاذ موقف مؤيد لأوكرانيا وبشكل لا لبس فيه في الصراع بين موسكو وكييف.  وقبل أسبوع، خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ودول البلقان، حذر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، صربيا بأن “الحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا يتعارض مع عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.

يعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن الموقف الروسي: “نحن بانتظار  انفجار كبير يختمر في وسط أوروبا. في نفس المكان الذي شن فيه الناتو في عام 1999 عدوانًا على يوغوسلافيا، في انتهاك لكل مبدأ يمكن تصوره من وثيقة هلسنكي النهائية ووثائق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”. لكن لابد من القول إن باندلاع الاشتباكات في كوسوفو مع الناتو تهدف روسيا لدفع صربيا إلى المواجهة مع الغرب، تحت حجة  الدفاع عن الاثنية الصربية التي يتم اضطهادها، وبالتالي دفع  الأمور إلى فتح  جبهة جديدة في البلقان  كتوليكية أرثوذوكسية للتخفيف من حدة غزو روسيا لأوكرانيا، وإدخال الغرب في متاهات وحروب زواريب في الاتحاد الأوروبي، تستفيد منها روسيا  لإثارة النعرات المذهبية في التوجهات المسيحية وتضليل الأنظار عن فعلها في أوكرانيا، تحت شعار محاربة النازية  المدعومة من الغرب.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني