صراع خارجي في لبنان ساحته عين الحلوة والدولة غائبة

صراع خارجي في لبنان ساحته عين الحلوة والدولة غائبة

أحمد مطر

مرت الذكرى الثالثة لضحايا 4 آب وحقيقة موتهم، وقبل ذلك بأيام كان الموت يطل من مخيم عين الحلوة المتاخم لمدينة صيدا ، من هناك كانت أولى مؤشرات الحرب، مع تظاهرة شركة بروتين واغتيال معروف سعد. بعدها اتت حادثة البوسطة في عين الرمانة في 13 نيسان 1975 واختلط الرصاص والسلاح اللبناني والفلسطيني ثم بسواهما من مشاريع المنطقة المتفجرة حتى انفجر لبنان .
هناك حيث الكثير من دروس التاريخ الحديث والجغرافيا ،وفي الوقت الذي يدخل ملف الاستحقاق الرئاسي في عالم التكهنات البعيدة عن المعطيات والمعلومات والموضوعية، مع تسجيل عودة التجاذب الأميركي الإيراني حول ملفات المنطقة ومنها بالطبع العراق وسوريا ولبنان، وحتى اليمن، ذات التأثير المترابط، يتقدم الوضع الأمني على ما عداه لجهة القلق من تداعيات الوضع الخطير الذي حدث في عين الحلوة، الذي ما إن ينجح إلى الهدوء حتى يعود إلى الانفجار.
اليوم، هناك بعض أوجه الشبه بين ما جرى في مخيم نهر البارد منذ ستة عشر عاماً، وما يجري اليوم في مخيم عين الحلوة، وأحد أوجه الشبَه هذا الدعم اللامحدود للمجموعات الإسلامية المتطرفة، سواء في التمهيد الإعلامي لتبرئتهم مسبقاً مما جرى ويجري، أو من خلال الدعم اللوجستي بالسلاح والعتاد والذي كشفت المعارك أنه ليس ابن ساعته. بل إن التحضير له تمّ منذ شهور، حيث أن كثافة النيران ونوعية الأسلحة المستخدمة لدى المتطرفين الاسلاميين، اظهرت أن جهةً ما زودت هؤلاء بهذا الكم والنوع من الأسلحة، ومَن يملك هذا السلاح في لبنان، كما مَن لديه التسهيلات للتنقل ونقل السلاح، أو أن يغطي وصولها إلى المخيمات
قيل في الماضي إن أبو عمار قال لأحد الشخصيات: السادات ذاهب إلى التسوية حتماً. بعده لن يتسع باب السلام لاثنين. إما أنا وإما الأسد. فبدأ الصراع الوجودي بينهما.
ربح الأسد لبنان. ربح عرفات أوسلو. خسر لبنان كل شيء.
اليوم يقال إنه يوجد وسط كل ما يحصل في المنطقة مركز واحد شاغر لموقع لاعب إقليمي كبير. وإيران تسعى جاهدة لنيله وملئه ولعبه. بأي ثمن كان. والورقة الفلسطينية أساسية لذلك. مطلوب إمساكها بالتأكيد. ولو مات من مات وقتل مَن قتل.
لكن بعيدا السرديات والتأويلات والتخمينات لانفجار عين الحلوة، والمستغرب أنها كانت تتسرب قبل اندلاع الاشتباكات، أن ماجد فرج مدير المخابرات في السلطة الوطنية الفلسطينية جاء حاملاً أمر عمليات بضرب فصائل المقاومة، خدمة لإسرائيل وللتخفيف عنها في مواجهات الداخل ، كأن وظيفة مخيمات لبنان هي التحول قاعدة مساندة خلفية مسلّحة للداخل الفلسطيني .
أو كأن خبرة فتح العتيقة جداً في لبنان انتهت إلى سذاجة الطلب من لبنان مصادرة سلاح عمره أكثر من نصف قرن، من الناعمة إلى قوسايا وما بينهما ، وبعيداً عن مجمل السرديات التي تابعت مجريات ما حدث في عين الحلوة يبرز السؤال الاساسي اين دور الحكومة اللبنانية ، علماً ان رئيس حكومة تصريف الاعمال وضع النقاط على الحروف من خلال توصيفه لطبيعة ما يحدث في عين الحلوة بان ما يحدث هومن نتاج الخارج لكن الم يكن من الضرورة ان يدعو الى عقد جلسة للحكومة لمتابعة ومناقشة ما يحدث على الارض اللبنانية ، وكأن ما يجري لايعني لبنان والحكومة اللبنانية .
ختاماً لا يمكن ‏للمعادلة التي وضعتنا أمامها الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة أن تكون أكثر وضوحاً فهي تقول ببساطة إن غياب سلطة القانون يؤدي إلى انهيار، والانهيار يؤدي إلى مزيد من البؤس وضعف المناعة الوطنية عند اللبنانيين. يبرد ذلك حماستهم للتكتل الوطني والشعبي والسياسي حول جوهر الأزمة ويدفعهم إلى التلهي بدل ذلك بالبحث عن حلول ومخارج شخصية أو الانجراف وراء سجالات رئاسة الجمهورية في حين أن الجمهورية نفسها في خبر كان .

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني