الدراما الديبولوماسية في اجتماعات مجموعة العشرين

الدراما الديبولوماسية في اجتماعات مجموعة العشرين

د.خالد العزي

لم يتمكن الوزراء وممثلو دول مجموعة العشرين لمكافحة الفساد، الذين اجتمعوا في كلكتا يوم السبت الماضي، برئاسة وزارة العلوم والتكنولوجيا الهندية جيتندرا سينغ، بعد ماراثون تحضيري  استمر أشهرا من اجتماعات ومفاوضات بين مجموعة العشرين، من الاتفاق على بيان مشترك بسبب البند الخاص بأوكرانيا.

 وهذا الاجتماع عقد تمهيدا لقمة المجموعة المقرر عقدها في التاسع والعاشر من شهر ايلول ـــ سبمتبر المقبل في دلهي، مع العلم إنه لا يمكن للهند، إخراج الأزمة الأوكرانية من المناقشة، ودعواتها للتركيز على مشكلات الاقتصاد العالمي، إلا أن المشاركين الغربيين لم ولن يتخلوا عن محاولاتهم لدفع المناقشات في القمة حول أوكرانيا.

وعلى الرغم من عدم الاتفاق خلال اجتماع كلكتا على بيان ختامي ظهر على الموقع الإلكتروني للجنة المنظمة لقمة العشرين بيانا جاء فيه أن “المناقشة على المستوى الوزاري لمجموعة العشرين ينبغي أن تعطي زخما سياسيا إضافيا للجهود الدولية لمكافحة الفساد”. وحثت نيودلهي، التي وصفت معالجة الفساد كأحد أولويات رئاستها لمجموعة العشرين، أعضاء مجموعة العشرين على “الاعتراف بالفساد باعتباره مشكلة متعددة الأوجه تتطلب زيادة التعاون الدولي”. وقالت الحكومة الهندية: “جميع الدول على نفس الموجة فيما يتعلق بضرورة تسليم المجرمين الاقتصاديين الهاربين وإعادة الأصول“.

ومع ذلك، فشلت محاولة أخرى من قبل رئاسة الهند لمجموعة العشرين لصياغة أجندة موحدة.

التشابه والاختلاف في الاجتماع

لقد ظهرت نقطة الخلاف حول اقتراح المشاركين الغربيين، وهي الفقرة 22 من مشروع الإعلان المشترك بشأن الحالة في أوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد. وفشل وزراء دول مجموعة العشرين في الاتفاق على إعلان مشترك، واكتفوا باعتماد “ملخص الرئيس” (يتم اعتماد هذه الوثيقة في حالة عدم وجود توافق في الآراء بشأن واحدة أو أكثر من نقاط الإعلان المشترك) .

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في افتتاح الاجتماع، إن العالم يواجه أزمات خطيرة، في إطارها “يتعين على دول مجموعة العشرين إعادة الاستقرار والثقة والنمو إلى الاقتصاد العالمي”. ومع ذلك، لم يتم الالتفات إلى هذه الدعوة.

حاولت روسيا  أثناء الاجتماع طرح وجهة نظرها بشأن الوضع في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية والعقوبات باعتبار المنصة ليست مناسبة لمعالجة القضايا الأمنية، وعارضت إدراج المحتوى الجيوسياسي في الإعلان المشترك، حسب ملخص رئيس الاجتماع الوزاري لمكافحة الفساد في كلكتا.

وتوافقت الصين باعتراضها على الفقرة 22 في اجتماع مجموعة العشرين، ورد موقف بكين بأن “مجموعة العشرين ليست منصة مناسبة لحل القضايا الأمنية” بنفس الصياغة مثل الروسية.

اذن استمر فشل اجتماع كلكتا، الذي فشل في التركيز بشكل كامل على قضية الفساد وتعثرت في أوكرانيا، في استمرار القائمة الطويلة من الفضائح والمواجهات الصاخبة التي رافقت رئاسة الهند لمجموعة العشرين منذ بداية هذا العام.

تمت الإشارة إلى هذا الاتجاه غير المواتي في الاجتماع الأول لوزراء مالية مجموعة العشرين ورؤساء البنوك المركزية في بنغالور، والذي عُقد في الشهر الثاني الماضي، حيث حدثت دراما دبلوماسية.

لقد تحول الاجتماع في بنغالور إلى فضيحة بسبب أوكرانيا ومحاولات المشاركين الغربيين للكتابة في فقرات البيان التي تدين تصرفات روسيا. نتيجة لذلك، لم يتم اعتماد الوثيقة المشتركة.

فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع، ما زالوا لا يتباطئون في محاولاتهم بجنون العظمة لعزل روسيا، لإلقاء اللوم على المشكلات التي أثيرت في مجال الأمن الدولي والاقتصاد العالمي. من خلال الابتزاز العلني والإملاءات، وإلقاء التفسيرات السخيفة للوضع في أوكرانيا، عطل الغربيون مرة أخرى تبني القرارات الجماعية، “علقت وزارة الخارجية الروسية على الاجتماع في بنغالور.

لقد ظهر التصادم نفسه حول أوكرانيا في الاجتماع الثاني لوزراء مالية مجموعة العشرين ورؤساء البنوك المركزية هذا العام، مما دفع الرئاسة  للاعتراف بأنه “ما زلنا لم نجد لغة مشتركة بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا”.

وبعد الكثير من المفاوضات، تم إدخال الصياغة المبسطة التي تحتوي على إشارة إلى أوكرانيا، ولكنها لا تتضمن اتهامات مباشرة ضد روسيا: المعاناة الإنسانية وعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي.

اذن لم تتمكن الهند منذ بداية رئاستها لمجموعة العشرين، في العام الماضي، من إخراج الأزمة الأوكرانية خارج نطاق مجموعة العشرين. وهذا يعني أن قمة مجموعة العشرين في دلهي ليست مضمونة من تكرار الفضيحة التي حدثت في قمة مجموعة العشرين السابقة في جزيرة بالي الإندونيسية.

وكذلك  لا يوجد وضوح حتى الآن بشأن من سيرأس الوفد الروسي في قمة مجموعة العشرين في الهند. في العام الماضي، كان الوفد الروسي إلى الاجتماع في إندونيسيا برئاسة سيرغي لافروف، في عامي 2020 و 2021، حيث شارك فلاديمير بوتين في قمتي مجموعة العشرين عبر رابط الفيديو، وفي عام 2019 حضر اجتماع رؤساء دول مجموعة العشرين، والذي كان قد عقد في اليابان.

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني