هل ينجح أردوغان في التأثير على كييف؟
د.خالد العزي
لن تقدم أوكرانيا تنازلات بشأن مسألة استئناف صفقة الحبوب، ردا على تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن ضرورة تخفيف الموقف الأوكراني. صرح بذلك وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا. كما وصف مطالب روسيا بتنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بها بالابتزاز. وفي الوقت نفسه، أعرب أردوغان نفسه عن أمله في إحراز تقدم في هذه القضية بناءً على نتائج اجتماعاته اللاحقة في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار الخبراء إلى أنه على الرغم من أنه وفقًا لخطاب ممثلي الدول الغربية، فإنهم غير مستعدين للوفاء بالتزاماتهم السابقة تجاه الاتحاد الروسي، لكنهم يعتزمون إجبار موسكو على استئناف الصفقة المذكورة، وهو أمر غير مربح لها في الظروف الحالية.
وهكذ، علق وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا امس، على الدعوة التي أطلقها الزعيم التركي في اليوم السابق لتخفيف موقف الجانب الأوكراني. ونقل صحفيون من كييف رد كوليبا: “موقفنا عادل لا ينبغي لنا أن نكون بعد الآن رهائن للابتزاز الروسي، عندما تخلق روسيا المشاكل ثم تدعو الجميع إلى حلها”. وأكد أيضًا أن الدبلوماسيين الأوكرانيين كانوا على اتصال بالجانب التركي قبل اجتماع أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي في اليوم السابق و”شرحوا كل شيء بوضوح”. وتتوقع كييف أن تتعلم في المستقبل من زملائها الأتراك كافة تفاصيل المفاوضات، من أجل اتخاذ قرارهم الخاص في وقت لاحق، حسبما ذكر رئيس وزارة الخارجية.
وذكرت وسائل الإعلام الأوكرانية أنه على الرغم من حقيقة أن روسيا هي التي انسحبت من اتفاقية الحبوب وبدأت في قصف البنية التحتية للحبوب في أوكرانيا، إلا أن الرئيس التركي دعا إلى استعادة هذه الاتفاقية من أجل “تليين النهج” تجاه كييف بشأن التفاعل مع روسيا.
وكما قال في مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع فلاديمير بوتين، فإن خطط تصدير الحبوب البديلة من أوكرانيا لاتفاقية الحبوب لم تسمح “في ايجاد نموذج مستدام وامن ودائم يعتمد على التعاون بين الطرفين”. وأشار أردوغان أيضًا إلى أن تركيا، بالتعاون مع الأمم المتحدة، أعدت حزمة جديدة من المقترحات لتجديد اتفاقية الحبوب. وشدد على أن “أوكرانيا تحتاج بالطبع إلى تخفيف مناهجها تجاه الخطوات المشتركة مع روسيا”.
وتشير روسيا بأن الاتفاقيات الشاملة بشأن مبادرة حبوب البحر الأسود، والتي يشار إليها غالبًا باسم صفقة الحبوب، تم إبرامها في يوليو/تموز من العام الماضي من خلال وساطة الأمم المتحدة وتركيا. وتم الوفاء بجزء من الالتزامات، الذي شمل تصدير الحبوب والمنتجات الزراعية الأوكرانية، في حين لم يتم الوفاء بالجزء الآخر، المتعلق بتصدير المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية. ونتيجة لذلك، وبعد التحذيرات المتكررة بشأن ضرورة تنفيذ حزمة الاتفاقيات بأكملها، علقت موسكو الاتفاق في 18 يوليو/تموز. وحذرت وزارة الدفاع الروسية من أنه في غياب اتفاقيات جديدة، فإن جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود سيُنظر إليها على أنها حاملات محتملة للأسلحة ومشاركين مباشرين في الصراع العسكري. وعلى هذه الخلفية، التقى الرئيس التركي في سوتشي بنظيره الروسي.
وعشية الاجتماع، أكدت وسائل الإعلام التركية عزم أنقرة على تحقيق استئناف الصفقة المذكورة. وخلال المحادثات، أولى الرئيس التركي اهتماما كبيرا لهذه القضية، حسبما أكد فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحفي الختامي. وأشار أيضًا إلى أن روسيا اضطرت ببساطة إلى اتخاذ قرار بتعليق مبادرة حبوب البحر الأسود، “لقد منعت الدول الغربية وما زالت تمنع تنفيذ صفقة الحبوب من حيث ضمان وصول المنتجين الزراعيين الروس إلى الأسواق العالمية. أي أنهم يرفضون رفع العقوبات عن صادت روسيا من الحبوب والأسمدة، واستئناف تسليمها الآلات الزراعية وقطع الغيار ، وحل المشاكل المتعلقة باللوجستيات واستئجار السفن والخدمات المصرفية وتأمين الإمدادات الغذائية”. والجانب الروسي سيكون مستعدا لإحياء اتفاق الحبوب إذا تم الوفاء بجميع الاتفاقات.
اذن أوكرانيا لا تنوي تخفيف موقفها بشأن صفقة الحبوب، ولن تقدم أوكرانيا تنازلات بشأن مسألة استئناف صفقة الحبوب التي ذكر إمكانية حدوثها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
من المؤكد بان التركي يحاول الوصول الى تسوية معينة بشأن اعادة اتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا والتي ترعاها بلاده والأمم المتحدة ولكن بعد لقائه في سوتشي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي لم ينتج عنها اي اتفاق بين الطرفين سوى الكلام عن الاستعداد للسير بالاتفاقية اذا ساعد الغرب بتنفيذ شروط روسيا .
بالطبع في اللقاء الذي حدث بين الرئيسين لقد طرحت العديد من النقاط والسيناريوهات التي لم يعلن عنها لكن من المؤكد بان بوتين بحاجة فعلية لاردوغان كونه النافذة المتبقية للحديث من خلالها مع الغرب وأردوغان بحاجة لإبرام الاتفاقية مع موسكو والتي تجعل منه وسيطًا قادرًا على طرح وساطة قادمة بشأن الحرب الاوكرانية الروسية لاحقًا .
من هنا نرى بان اردوغان سوف يزور كييف او يلتقي بالرئيس زيلينسكي لعرض بعض النقاط التي قد يحملها اردوغان للوصول لاتمام الصفقة ، وخاصة بان اردوغان على موعد مع الرئيس الامريكي بايدن في ايلول /سبتمبر الحالي، حيث يجب الحصول على اوراق لكي يناقش كامل مبادرته القادمة للسلام بين الدولتين انطلاقا من تثبيت اتفاقية الحبوب.
فهل يتمكن أردوغان الوصول الى نتائج بين الطرفين والجدير ذكره بان روسيا قد اقترحت على اردوغان خطة تقضي بان تكون تركيا الدولة التي تصدر لها روسيا الحبوب والعمل على بيعها كما حال الغاز الروسي الذي يباع من تركيا للغرب .لكن لابد من القول بان تركيا قد نالت ما تريده من روسيا لجهة الغاز والودائع المالية وبناء محطة نووية .
لكن ما الذي تطلبه روسيا من كييف عبر أردوغان لجهة تخفيف مواقفها الحادة والذي سيحمله الى كييف لكي يناقش، تشير الاخبار بان روسيا تريد من كييف عدم ضرب المقرات الحكومية والاطول البحري والمرافق العامة والمدن المحاذية للحدود الاوكرانية التي باتت أهدافا اوكرانية في معادلة توازن الرعب التي باتت تفرضها الاشهر الاخيرة من الحرب حيث قلبت ميزان الصراع بين الطرفين بعد ان كانت روسيا تروج لعملية خاصة في الاراضي الاوكرانية .
وبالمناسبة منذ خروج روسيا من اتفاقية الحبوب فان تركيا اعلنت بانها سترافق البواخر والسفن المحملة بالحبوب في البحر الاسود، وهذا النموذج يمارس وروسيا تعلم بذلك وغير قادرة على منع هذه السفن من الخروج من الموانئ واعتراضها في البحر لان ذلك سيؤدي الى تصادم مع انقرة .