ألغام أمام الرئيس جوزف عون!
سمير سكاف
الصالح يصلح! وقد برهن الرئيس جوزف عون، ابن قرية العيشية الجنوبية في جزين، أنه كان أميناً على قيادة الجيش، وهو كثير، ولذلك كلّفه اللبنانيون اليوم بما هو أكثر، في رئاسة الجمهورية.
رئيس واعد بخطاب رئاسي سيادي؛ خطاب يحمل معظم المطالب الأساسية لثورة 17 تشرين. رئيس يسد فراغ الجمهورية بعد الفراغ برئاسة الجمهورية.
يستلم الرئيس الجديد العماد جوزف عون قيادة دفة لبنان في مرحلة سياسية محلية وإقليمية ودولية جديدة، وبظروف مغايرة لأي رئيس سابق. أي من دون نظام الأسد، وبغياب قيادة السيد حسن نصرالله لحزب الله، وبعد حرب قاسية على غزة ولبنان ورحيل بشار الأسد، وبعودة الرئيس دونالد ترامب، ومن دون معارضة جدية داخلية له في مطلع عهده!
يستلم عون الحكم في مرحلة هدوء أمني، بدعم 99 صوتاً نيابياً، وبدعم عربي ودولي واسع، وبدعم ولو نسبي من الثنائي أمل – حزب الله.
كل ذلك، مع السير في حقل ألغام أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي ومالي وإداري، وبصلاحيات رئيس ما بعد الطائف!
أي أن الرئيس، الذي يتسلح بدعم شعبي هائل وبدعم مماثل من الجيش اللبناني، سيبقى أمام آلية دستورية تفرض على الحكم خيارات مذهبية عبر مجلس النواب.
الرئيس الجديد عون يريد دولة بجيش يحتكر حمل السلاح قادر أن يزيل الإحتلال الإسرائيلي، ويعيد الإعمار وينفذ اللامركزية. وأما أبرز الألغام أمامه، والتي وعد بمحاربتها هي:
1 – لغم تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار والقرارات الدولية!
اللغم الأول هو أمني، وهو تطبيق فعلي لاتفاق وقف اطلاق النار؛ من الجانب الإسرائيلي أولاً، لجهة انسحاب إسرائيل فعلياً وكلياً من جنوب لبنان بعد حوإلى الأسبوعين، وتطبيقه من جانب حزب الله ثانياً بالانسحاب كلياً وفعلياً مع مقاتليه وسلاحه إلى شمال الليطاني.
– بعدها يبدأ لغم تفسير تطبيق هذا الاتفاق شمال الليطاني، ولغم الممر الخاص لحزب الله داخل مطار بيروت، ولغم مساهمة الموازنة اللبنانية في إعادة الإعمار، التي وعد الرئيس الجديد بتنفيذه.
2 – لغم تشكيل الحكومة المقبلة بين المحاصصة المذهبية وبين ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة,
لن تكون المشكلة في اسم رئيس الحكومة الجديد، مع ميل يُتداول به، باختيار رئيس من المعارضة السابقة، مثل السيد فؤاد مخزومي. وقد تكون المشكلة بأسلوب رئيس حكومة، إذا ما جاء قريباً من فريق الحكم السابق كالرئيس نجيب ميقاتي، الذي يتمّ التداول باسمه لخلافة نفسه أيضاً! فإن أي عودة لتوزيع الحصص الوزارية مع فيتوهات المذاهب لن يسمح بالإصلاح. فالحاجة هي إلى حكومة تريد أن تعمل.
أما معارضة ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” في البيان الوزاري للحكومة المقبلة فمن المنتظر أن تكون جدية.
3 – لغم إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه,
وعد الرئيس الجديد باحتكار الجيش للسلاح، وباستراتيجية دفاعية، وبجيش قادر على تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي.
وقد يتحول اللغم إلى التعاطي مع مواجهات شعبية ومظاهرات كبرى سلمية ضاغطة تشبه مواجهات 14 آذار، في حال تمسك حزب الله بالستاتيكو السابق… المستمر!
4 – لغم إعادة الودائع المسروقة.
5 – لغم إعادة النازحين السوريين.
6 – لغم استقلال القضاء ومحاربة الفساد.
وقد وعد الرئيس الجديد عون بلاءات للمافيات ولتبييض الأموال…
7 – لغم نزع السلاح الفلسطيني وكل سلاح متفلت في لبنان.
هناك أيضاً ورشات عمل جدية، تحدث عنها الرئيس الجديد. وهي تحتاج إلى كفاءات “صالحة”، بينها:
إعادة الحركة الاقتصادية والثقة إلى الاقتصاد اللبناني وإلى الليرة اللبنانية.
– عبور لبنان إلى دولة مدنية غير طائفية وغير مذهبية، ولا مركزية.
– إعادة بناء الإدارة العامة ومؤسسات الدولة.
الفرصة الآن هامة جداً لتعاون الجميع لإعادة بناء لبنان، عبر الانطلاق من تطبيق اتفاق الطائف، وصولاً إلى دولة مدنية، ودولة القانون والعدالة الاجتماعية.
“عهدي هو عهدكم” يقول الرئيس الجديد مع وعيه الكامل لما اعتبره “أزمة حكم وحكام”… فوعد الرئيس عون “الصادق” الآن هو الانتقال إلى حكم وإلى حكام جدد ينقلون لبنان من المزرعة إلى الدولة، ومن البلد إلى الوطن!
الطريق واحد؛ والحاجة هي إلى فريق عمل “صالح”… الصالحون يصلحون!