الرواية والمسرح.. قضايا وأسئلة
الجديدة: سعيد العيماري
نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الانسانية بنمسيك بالدار البيضاء، والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء سطات وفريق البحث في تكامل المعارف وتطوير ديداكتيك اللغات، ملتقى علميا وطنيا في موضوع “الرواية والمسرح”، يوم الأربعاء 15 يناير 2025 بالمدرج الرئيس بالفرع الإقليمي للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء سطات بالجديدة.
استهلت أشغال الملتقى بجلسة افتتاحية سيرها الأستاذ سعيد العيماري، وقدمت فيها كلمات تأطيرية لكل من مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء سطات، والمديرة المكلفة بتدبير الفرع الإقليمي بالجديدة، ورئيس شعبة اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء سطات، ومدير مختبر السرديات والخطابات الثقافية ورئيس فريق البحث في التكامل المعرفي وتطوير ديداكتيك اللغات.
إثر ذلك انتقلت الأشغال إلى الجلسة الأولى بتسيير من الأستاذ أحمد بلاطي، إذ تناول محمد المسعودي في مداخلة بعنوان: التشكيل الدرامي وتوظيف البناء المسرحي في نماذج من الرواية العربية، التفاعل بين الرواية والمسرح، مبرزا تأثير البناء المسرحي والكتابة السينوغرافية في التشكيل الدرامي للرواية العربية. وأوضح كيف يساهم هذا التداخل في تعزيز الأبعاد الدلالية والجمالية، مشيرا إلى التكامل الفكري والفني بين الفنين لتحفيز القارئ على التأويل.
وأخذ الكلمة محمد أبو العلا في المداخلة الثانية بعنوان: المسراوية والمونودراما إشكالية التجنيس ومأزق النقد، مركزا فيها على تحديد مفهوم المسراوية وعلاقته بالمسرحة مع ما يطرح ذلك من إشكالات تتعلق بالتجنيس والمقاربة النقدية، مؤكدا أن هذا المفهوم يجعل النص ظاهرة نصية مضاعفة تحتاج التفكير في آليات مقاربتها خارج مدار النقد المحايث وخارج مدار شعرية أرسطو، ليخلص في نهاية مداخلته إلى أن التقارب بين الرواية والمسرح تاريخيا كان يعرف بالتملحم وأضحى حديثا يؤول إلى التهجين.
وفي مداخلة لخالد موساوي بعنوان: التجلي الدرامي في الرواية مقاربة أجناسية لرواية القاهرة الجديدة، تناول فيها العلاقة بين الرواية والمسرح، مشيرًا إلى تمرد الإبداع الحديث على الحدود الأجناسية وتبنيه مبدأ التضايف بين الفنون. ويركز على رواية القاهرة الجديدة لنجيب محفوظ، مستعرضًا دور تقنيات درامية كالحوار والمونولوج والمشهد في تعزيز البنية السردية، مما يتيح للقارئ بناء سيناريوهات درامية تعكس هذا التداخل الأجناسي.
أما رشيد العنز فقدم مداخلته التي عنونها: مسرحة النص الأدبي ومسألة التلقي ” رواية العريس نموذجا”، استهلها بعرض أوجه التقاطع والتلاقح بين جنسي المسرح والرواية، ليستند إليها في كشف آثار هذا التلاقح في تلقي النصوص الأدبية من خلال نموذج رواية العريس.
وفي مداخلة لكريم بلاد بعنوان: ملامح البناء الدرامي في الرواية العربية روايتا ” سأهبك مدينة أخرى ” لأحمد إبراهيم الفقيه، و”قبعتان ورأس واحد” لمؤنس الرزاز نموذجين عمل كريم بلاد على الإجابة عن سؤال حدود قدرة الرواية العربية على استلهام البناء الدرامي للمسرح، مركزا في هذا الإطار على بسط المقومات الفنية المميزة لكل من المسرح والرواية، ليستخلص من خلالها مظاهر ما يمكن استلهامه من السمات الدرامية للمسرح لتوظف في الرواية.
في الجلسة الثانية التي سيرها يونس الإدريسي، عرض عطاء الله الأزمي في مداخلته التي عنونها ب: أشكال التداخل الأجناسي بين المسرح والرواية، منطلقا في ذلك من سمة الأدبية والفنية الجامعة بين الجنسين، مبرزا قدرتهما على تبادل الأدوار بالشكل الذي يتيح مسرحة الرواية، مثلما يخول التعامل مع الرواية بوصفها نصا دراميا، متتبعا بذلك خصائص المسرحة والبناء الدرامي في الفنين الأدبيين.
من جهته قدم موسى فقير مداخلة بعنوان “النصان القصصي والمسرحي من خلال التوجيهات التربوية مقاربة بيداغوجية لمسرحية أهل الكهف “لتوفيق الحكيم”، أكد اعتماد المناهج الدراسي للغة العربية مسرحيات للتدريس بسلكي التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي تتسم باقتباسها من قصص عالمية معروفة، مثل لها بمسرح توفيق الحكيم، وخاصة عمله الرائد “أهل الكهف”، الذي اتخذه موضوعا لتوظيف المقاربة البيداغوجية في دراسته.
أما حفيظة مبروك، فقد عنونت مداخلتها ب: شعرية الفضاء في المسرح والرواية: كتابات يوسف فاضل نموذجا، لتتبع مفهوم الفضاء وكيفية تمثيله في الأعمال الروائية والمسرحية للكاتب المغربي يوسف فاضل، مبرزة أوجه التشابه والتباين بين حضور مكون الفضاء في العمل الروائي ونظيره المسرحي من خلال الاشتغال على نصوص روائية وإنتاجات مسرحية للكاتب نفسه.
وقدم يوسف أمفزع مداخلة بعنوان: الرواية التاريخية ومسرحة التاريخ في المسرح المغربي المعاصر قراءة سوسيو- سيميائية في مسرحية “كل شيء عن أبي لبوسلهام الضعيف ( فرقة مسرح الشامات) بين فيها الكاتب كيفية تفعيل النص المسرحي القابل للمسرحة، مفصلا القول في الأثر الكامن لعناصر الرواية داخله ومبرزا كيفية تفعيل الفضاء المشهدي عبر الدارماتوجيا.
وتناول مراد بلمودن في مداخلته المعنونة ب: المنعطف السردي في المسرح المغربي المعاصر “ما تبقى لكم نموذجا”، منطلقا من اعتبار مفاده أن المسرح بؤرة حقيقية للفعل السردي في نقل الأحداث والوقائع والأخبار التاريخية، كاشفا من خلال رواية “ما تبقى لكم” لعبد المجيد الهوس الميكانيزمات الفنية والجمالية التي اشتبكت مع السرد لتنقلها من السياق الأدبي إلى السياق الفرجوي.
وبعد مناقشة مستفيضة للمداخلات، اختتمت أشغال الجلستين الأولى والثانية من الملتقى.
وفي سياق الربط بين العلمي الأكاديمي والتربوي، خصص الملتقى مائدة مستديرة حول موضوع “المسرح والتربية” سير محاورها الميلود عثماني انطلاقا من تفاعلات مختلف المتدخلين مع أسئلة مؤطرة من قبيل: ما العلاقة بين الممارسة المسرحية والتعبير الشفهي بالتعليمين الابتدائي والإعدادي؟ ما نوع الكفايات التي يمكن الاشتغال عليها من خلال الممارسة المسرحية؟ ما نوع النشاط الذي من شأنه دعم اللغة العربية والخروج بها من نمطيات الممارسات التعليمية المعهودة؟ هل يمكن للممارسة المسرحية أن تتحول إلى علاج لمخاوف المتعلمين وزرع الثقة في أنفسهم؟،
وفي نهاية الملتقى العلمي الأول تم اختتامه بعدد من توصيات تشمل الدورات السابقة، كما تشمل توصيات المائدة المستديرة.