“جاك بريفير المغرب” يحصي إشراقات مراكش
نبيل موميد
عبر منشورات “دفاتر الاختلاف للنشر والتوزيع” بالمغرب، يتحفنا المبدع المغربي المتألق “نور الدين محقق” بديوانه الجديد إشراقات مراكش الحمراء (ط.2024). وهو ديوان يحتفي بهذه المدينة العريقة والعالمية في ذات الآن، والتي نهلت من الأسطورة والخيال بقدر ما نهلت من المعاصرة والحداثة.
على مدار تجوال عاشق في مختلف ربوع المدينة، يبهرنا الشاعر نور الدين محقق بمعجمه الذي ينهل من اليومي المباشر، والذي يحلق بنا – كذلك – في أجواء ذاكرتنا الأدبية الجمعية؛ حتى إن القارئ المفترض لن يمتلك سوى أن يُشبِّه صنيعه بصنيع الشاعر الفرنسي “جاك بريفير – Jacques Prévert” (1900-1977) في ديوانه الشهير كلمات (Paroles).
بالفعل، فـ الشاعر نور الدين محقق هو “جاك بريفير” المغرب، ينتقل بأريحية بين شوارع المدينة ومعالمها مثلما ينتقل ببساطة متناهية بين قاموس العربية وتعابيره، حافرا بعمق في معيشه اليومي، وفي إشراقات هذه المدينة العالمية.
فمن مراكش التاريخ (ساحة جامع الفنا – قصر البديع – باب دكالة – العربة الذهبية/ الكوتشي…)، إلى مراكش الفرنكوفونية (حائق ماجوريل – متحف إيف سان لوران…)، إلى مراكش المعاصرة (بمقاهيها، ومهرجاناتها السينمائية…).
انتقال من طابع فولكلوري – كارتبوسطالي – تؤثثه الأفاعي ومروضوها، والحكايات وقاصوها إلى طابع أدبي حميم أبطاله بورخيس، وكانيتي، وغويتيسولو… من ناحية، والمتنبي، وأبو نواس، وابن أبي ربيعة، وعنترة… من ناحية ثانية، وشهرزاد بكل ألقها وفتنتها، وبجُماع خزانتها اللامتناهية من ناحية ثالثة، إلى طابع تاريخي باذخ مع المعتمد بن عبّاد، وابن تاشفين وفتوحاته، وشاعر الحمراء محمد بن إبراهيم وكونه الأدبي.
لا مراء في أن قارئ هذا الديوان سيلمس إشراقات هذه المدينة، وسيستمتع بكلمات الشاعر نور الدين محقق وهو يعدد زهراتها، ويجعلنا – معه – ننتشي بعبق أريجها.