ما الفرق بين الوزراء “الاختصاصيين المستقلين” وبين “التكنوقراط”؟!
![ما الفرق بين الوزراء “الاختصاصيين المستقلين” وبين “التكنوقراط”؟!](https://assoual.com/wp-content/uploads/2025/02/La-difference-entre-les-ministres-specialises-independants-et-les-technocrates.jpg)
سمير سكاف
إذ يخضع الرئيس نواف سلام في تأليف الحكومة لضغوط من عدة اتجاهات؛ ضغط الثنائي، وضغط الأحزاب وضغط الناس، وبخاصة جمهور الثورة، الذي علق عليه آمالاً كبيرة في التغيير، في ظل خطاب القسم.
وبالتالي، تملك الحكومة المقبلة صفر تسامح بسبب هذه الآمال المعقودة عليها.
وقد يكون الرئيس سلام قد خسر نصف الدعم الشعبي قبل أن يعلن تشكيلته بعد، بخضوعه لخيار الثنائي أمل – حزب الله لوزارة المالية، بمعزل عن اسم الوزير ياسين جابر! لما هو متوقع من أداء مالي مستمر منذ عقود لصالح الثنائي، والذي لا يتوافق مع خطاب القسم.
وقد اختار سلام أن يشرك الأحزاب بدلاً من أن يعتمد “الظلم في السوية” بالذهاب إلى حكومة اختصاصيين من خارج الأحزاب كلياً!
فبمجرد قبول سلام بممثل للثنائي، ولوزارة المالية، وضع نفسه أمام خيار مشاركة باقي الأحزاب، وأمام ضرورة إعطائها وزارات سيادية تعكس حجم تمثيلها النيابي، وأمام “شرعية” مطالبتها بالمحاصصة!
الآن، إما أن يشكّل سلام حكومته مع حزب الله وأمل والقوات والأحزاب الأخرى ومستقلين، مع ما يمكن أن يتحول إلى محاصصة، أو أن يخرج الطرف المسيحي الأقوى من الحكومة، إذا ما حُلت العقد “السنية”!
أما الوزراء الباقون، والذين من المفترض أن يكونوا مستقلين عن الأحزاب، فالمشكلة تطرح في كل مرة مع تعيين وزراء من “المستشارين” أي ما يُعرف بالتكنوقراط، الذين يصلحون لمركز مدير عام. ولكنهم لا يصلحون بالضرورة لاتخاذ القرارات في الأزمات. أي يصلحون لإدارة الأزمة، لا لحلها،أ! كما هو الحال مع بعض الوزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية.
في حكومة سلام، وفي أي حكومة أخرى، يكون وزراء الأحزاب أقوى من الوزراء التكنوقراط! لأنهم يستندون إلى أحزابهم وإلى خلفية شعبيتها المذهبية. في حين أنه من الضروري اختيار وزراء مستقلين من خلفية شعبية، قادرين على تحقيق التوازن في التوجه السياسي، كما في اتخاذ القرارات، بوجه الأحزاب في الحكومة.
ففي لبنان، هناك لغط كبير بين “التكنوقراط” وبين “المستقلين”، بمعنى غير الحزبيين. علماً أن الانخراط بالأحزاب ليس تهمة على الاطلاق!
فالوزير التكنوقراط يعتبر رجلاً “تقنياً” فقط. في حين أن المستقل لا يكفي ألا يكون حزبياً. بل من الضروري أن يكون ضليعاً في الملف الذي يعمل عليه.
أما المطلوب، فهو خبرات نضالية اهتمت طويلاً و”تهتم” بالناس (Who care) وبراحتهم وبمستقبل أفضل لهم، وليس تقنيين، يمكن أن يضحوا بالناس مقابل “حسابات على الورق”، كما شاهدنا في حكومة الميقاتي الأخيرة مثلاً!
وهنا لم يساعد (أو لم يُعرف أنهم ساعدوا) النواب “المستقلون”، التغييريون والباقون، رئيس الحكومة باقتراح أسماء لوزارات من “المستقلين الاختصاصيين والمناضلين الذين يعتمدون على شرعية شعبية”، والقادرين على تحقيق التوازن مع الوزراء الحزبيين، خاصة لجهة الرأي السياسي والتصويت في مجلس الوزراء.
في هذا السياق، من المستغرب مثلاً استبعاد قياديي الثورة، الذين عملوا وناضلوا بالإضافة إلى نضالهم الثوري، في ملفات عدة؛ كالعمداء المتقاعدين في الجيش وقوى الأمن، أو ناضلوا في ملفات كثيرة، من الصحة إلى المال والاقتصاد، والإعلام والبيئة ومحاربة الفساد… وهم يمثلون (وحتى الانتخابات النيابية المقبلة) أكبر شريحة شعبية في لبنان، ساهمت بوصول الرئيس نواف سلام إلى موقعه الحالي.
رئيس الحكومة نواف سلام، كما رئيس الجمهورية جوزاف عون (وككل الرؤساء)، يحتاجان للنجاح، كما كان يقول وزير سابق، إلى “عدة الشغل”! وعدة الشغل هذه هي الاشخاص القادرون بتاريخهم النضالي أن يعطوا قيمة لمواقعهم، وأن يكونوا فعالين فيها.
إن تشكيلة حكومية من الأحزاب و”المستشارين” ستواجه صعوبات كبرى (كي لا نقول غير قادرة) على النهوض من الأزمات، حتى ولو توفر الدعم الخارجي لها. خاصة إذا ما كانت حكومة تشمل الثنائي والاشتراكي و”المستشارين”، ضد ممثلين لبعض الطوائف الكبرى.
ستتعرض الحكومة عندها من الخارجين عنها، لإطلاق النار عليها فور إعلان تشكيلها!
كل الخوف الشعبي اليوم هو من سقوط الحكومة العتيدة مع توقيع مرسوم تشكيلها!
ذلك أن “الشعب يريد إسقاط” الفقر والظلم والفساد والبطالة! و”الشعب يريد إسقاط” سرقة الودائع والنزوح والسلاح غير الشرعي! و”الشعب يريد إسقاط” التفلت الأمني والشعور بعدم الاستقرار، وغياب السلام والأمان…
والسؤال هنا هو “هل هذه الحكومة هي حكومة الخلاص أم ننتظر أخرى؟!”