“العهد” أمام مفترق طرق..

أحمد مطر
تأكدت التوقعات، لجهة حصول حكومة نواف سلام، على ثقة نيابية وازنة، اكثر من عدد النواب الذين سموه لرئاسة الحكومة، ما يوحي، زيادة الآمال المعلقة على الحكومة الجديدة، للقيام بالمهمات الجسام الملقاة على عاتقها، لإخراج لبنان من مسلسل الأزمات والمشاكل التي تعصف به من كل جانب، ووضع البلد على سكة الإنقاذ وإعادة النهوض من جديد.
أعطاء المجلس النيابي الثقة للحكومة، نقل وعود وعناوين خطاب القسم، والتزامات الحكومة في بيانها الوزاري، إلى مرحلة التنفيذ العملي، والمباشرة بتطبيق هذه الوعود بقرارات وإجراءات فعلية، لتأخذ طريقها تباعا إلى حيز التنفيذ، بما يتلاءم مع إعادة تفعيل عمل المؤسسات والإدارات العامة، وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين ولو بشكل تدريجي، لأن مثل هذه الإجراءات، لابد وأن تأخذ وقتها الطبيعي المعتاد وتسلك طريقها، ضمن الآليات الإدارية المتبعة.
مع حيازة الحكومة على الثقة من المجلس النيابي، انتهت مرحلة إطلاق المواقف الواعدة، والبدء بمرحلة استكشاف قدرة العهد الجديد والحكومة على تنفيذ خطة إعادة النهوض بالدولة من الحضيض ألذي انحدرت إليه، جراء السياسات الخاطئة للعهود والحكومات السابقة، وهيمنة سلاح حزب الله على القرار السياسي ومقدرات الدولة المالية والاقتصادية، إلى مرحلة تعطي المواطنين المنهكين أملًا بغد ومستقبل أفضل.
كثرة المشاكل والأزمات التي يواجهها لبنان، تثير شكوكا ومخاوف لدى اللبنانيين من عراقيل ومطبات تضعها في طريقها الجهات المتضررة من قيام السلطة الجديدة، كما كان يحصل في السابق، لإعاقة مسيرة العهد وإفشال خطة الحكومة، لحل هذه الأزمات والمشاكل، وتأليب الرأي العام عليها.
معظم اللبنانيين، يأملون أن تكون الحكومة الجديدة، على مستوى المسؤولية، في مقاربة الأزمات على اختلافها، وهي ليست سهلة أو ميسرة، نظرا لتعقيداتها وارتباطاتها الاقليمية والدولية، وهي توجب على الحكومة، وضع سلم أولويات، تبدأ به، لكي تعطي انطباعا لدى الرأي العام، بصوابية السياسية التي تتبعها واستجابتها لمطالب وحاجات المواطنين، دون تردد.
العهد والحكومة معا في مرحلة اختبار، مدى قدرتهما على إعادة انتظام السلطة، والتعاطي بفاعلية مع أزمة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق الجنوب ووقف الخروقات والضربات الإسرائيلية بالداخل اللبناني، وكيفية معالجة سلاح حزب الله، وإخراج الحلول اللازمة لخطة التعافي المالي والاقتصادي، وإجراء الإصلاحات المطلوبة، والمباشرة بعملية إعادة إعمار ماهدمته الحرب الإسرائيلية على لبنان.
ولعل ما يعطي الأمل في تخطي الصعوبات، ما أدلى به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني مع وفد مرافق، وفي كلامه جرأتان الأولى أنه قال كلاماً لم يسبق لرئيس جمهورية أن قاله منذ التسعينات، والثاني أنه قاله أمام وفد إيراني حيث تتدخل إيران في شؤون لبنان، وهي التي كانت تعتبر أنها تسيطر على أربع عواصم عربية منها بيروت، قال الرئيس عون لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان، هي وحدة اللبنانيين.
وتابع الرئيس عون إن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية، معرباً عن أمله بالوصول إلى حل عادل لها.
ختامًا، وبمعزل عن توجهات الحكم الجديد في لبنان، بعد انتخاب الرئيس جوزف عون، وتأليف حكومة الرئيس نواف سلام، التي نالت ثقة المجلس النيابي، لتبدأ مسيرة واعدة، تجاه إزالة النتوءات التي ضربت بنية الدولة بما في ذلك المسائل الحدودية، من الشمال إلى الشرق، وصولاً إلى الجنوب.