الرسومات الجمركية الأمريكية والسيناريو الأسوأ!

مدريد – عبد العلي جدوبي
طرحت مختلف وسائل الإعلام الإسبانية تساؤلات حول حدة الحرب التجارية العالمية بين أمريكا وأوروبا، التي دخلت حيز التنفيذ الأربعاء الماضي.. ومن ضمن التساؤلات المطروحة: هل يهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال فرض رسوماته الجمركية تدمير النظام التجاري الدولي المفتوح؟ أم أن قراره مجرد لعبة تفاوضية؟ وهل انهارت الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا كليا؟ وبات الحليف الأمريكي غير مرغوب في تعاملاته؟ وهل ستكون الإجراءات الأوروبية المضادة أشد وقعا على قرار واشنطن؟
تقول صحيفة “بوبليكو” الاسبانيه أن الاتحاد الأوروبي كان يتوقع منذ مدة أن توافق الولايات المتحدة الأمريكية على التفاوض، لكن اعتبارا من شهر أكتوبر الماضي تغير الموقف الأمريكي عندما تم فرض تعريفات جمركية على أزيد من 1500 منتج أوروبي، يشمل بشكل خاص دول الاتحاد الأربعة التي تتمتع بوزن كبير، على غرار اسبانيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا. وبحسب الصحيفة فإن بروكسل ستتخذ إجراءات مضادة للرسوم الجمركية الأمريكية، والسيناريو الأسوء هو عندما تفقد واشنطن شركاءها التجاريين التقليديين لفائدة الصين!
ومعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل الوجهة التجارية الرئيسية لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي لصادرات منتجاتها الغذائية والزراعية، بقيمة مبادلات ناهزت ملياري يورو؛ لذلك ستؤثر الزيادة في التعريفات الجمركية المعلنة على الصادرات الاسبانية بشكل كبير ..
واعتبر رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز في مؤتمر صحفي بمدريد، أن الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي تعد هجوما أحادي الجانب من الولايات المتحدة الأمريكية، وتشكل عودة حمائية القرن التاسع عشر، وهذه الطريقه غير ذكية لمواجهة تحديات القرن 21، وأضاف سانشيز أن بلاده ستدعم الاستثمار الصناعي الإنتاجي وإطلاق مساعدات لحماية القطاعات المتضررة بإسبانيا، على رأسها قطاع إنتاج السيارات، وتسهيل تمويلها، ومنح قروض للشركات بتحديث وإنشاء مصانع جديدة ..
وقالت صحيفة “لابانجورديا” الإسبانية أن رسوم ترامب الجمركية ستؤدي إلى العديد من الكوارث الاقتصادية لأوروبا، حيث أنها ستخفض الصادرات بالنسبه 85 مليار يورو، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بصناعة السيارات والأدوية، وفي هذا الصدد أفادت صحيفة “إلموندو” الإسبانية أن رئيس الوزراء الإسباني عقد قمة طارئة مع ممثل القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثرا بالزيادة في الرسوم الجمركية الأمريكية .
وبلغ حجم الصادرات الإسبانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية 18.2 مليار يورو خلال عام 2024، فيما بلغ حجم الواردات 28.22 مليار يورو.
ويشير خبير في الاقتصاد الأمريكي أن ترامب معروف باسلوبه التفاوضي القائم على رفع سقف التهديدات قبل التوصل إلى اتفاق، وقد يكون هذا السيناريو هو ما سيحدث في النهايه، حيث سرعان ما تقوم القنوات الدبلوماسية في نزع فتيل هذه الأزمة أو تلك، من خلال التوصل إلى اتفاقيات جديدة تعيد التوازن إلى الأسواق، لكن في حال ما إذا فشلت الدبلوماسية واستمر التصعيد، فإن التداعيات لن تقتصر على أمريكا وأوروبا فقط، بل ستمتد إلى الأسواق العالمية التي تتاثر سريعا بمثل هذه النزاعات !
وزيرة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال بألمانيا (انا لينا بير بوك)، انتقدت بشدة الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب قائلة: “من يهدم المنزل بالكامل باستخدام كرة الهدم لمجرد أن السقف يحتاج إلى إعادة ترميم، سيجد نفسه بسهولة أمام أنقاض لا يمكن إعادة تجميعها بسهولة”.