لبنان: الجنوب في مواجهة حزب الله أم خدمته؟!

لبنان: الجنوب في مواجهة حزب الله أم خدمته؟!

حسين عطايا

في كل دورة انتخابية، يتعاظم ويكبر الدور المطلوب من المعارضات التي تواجه حزب الله كمشروع دويلة تُصادر الدولة، بما يملك من إمكانيات ودعم إيراني لا محدود، حتى أصبح الذراع الإيراني الأبرز في هذا المشرق، نتيجة الدور والمهام المكلف بها، لاسيما الموقع القريب من الحدود الشمالية للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، ومن خلاله تتمكن إيران من توجيه الرسائل في شتى الاتجاهات، لما تمتلكه من مظاهر القوى من خلال “حزب الله” الذي أصبح حزب إيران في لبنان بحسب معارضيه، فهو يُشكل الورقة الأبرز التي تستعملها إيران على طاولة المفاوضات في فيينا وغيرها من مؤتمرات الحوار الفارسية الدولية. 

لهذا تتركز مطالبة المعارضات الجنوبية المتعددة المشارب السياسية من احزاب  ومجتمع مدني ومجموعات ثورية انبثقت من “ثورة 17 تشرين” للتوحد في معارضة واحدة ذات وزن، تمتلك مشروعاً سياسياً واضحة يضاف إليها رؤية أي لبنان تُريد وعلى أي أساس تُجري حساباتها. 

هذا من حيث المبدأ، ولكن ما تشهده أرض الواقع من انعدام المشروع، والذي إن وجدَ فهو تم إعداده على عجل، بالنظرِ الى جمع المتناقضات والتي تختلف على النقطة والفاصلة، لإن كل مجموعة تعتقد جازمةً بأنها وحدها تحمل المشروع والرؤية المثالية والتي وحدها توصل الى طريق الخلاص، هذه المعاناة مع هذه السياسات، أصبحت تُشكل عائقاً حقيقياً أمام تقدم قوى المعارضة لتُصبح قوة وازنة ذي تأثير ميداني وواقعي في ساحات الجنوب.

 في الدائرة الاولى، صيدا – جزين، والتي تضم خمسة مقاعد، مقعدان للمسلمين السنة، مقعدان للموارنة، ومقعد للروم الملكيين الكاثوليك.   

في هذه الدائرة، ثمة قوى حقيقية تُمثل ثقلاً سياسياً وانتخابياً ولها تاريخها ووجودها، د. أسامة سعد رئيس التنظيم الشعب الناصري، وللمناسبة ان الموقف والخطاب السياسي للنائب أسامة سعد منذ ما قبل “17 تشرين” بقليل أخذ منحىً وطنيا بامتياز، بدءاً من موقفه المعارض للدخول باللقاء التشاوري الذي أنشأه حزب الله لجمع النواب السنة من خارج المنتمين لـ”تيار المستقبل”، وقد شكل النائب سعد حماية ومِظلة للمنتفضين والمعتصمين في ساحة ايليا من هجمات الثنائي “أمل ــ حزب الله”، كما حصل في باقي ساحات الجنوب: صور ــ النبطية وبنت جبيل، ولكن على الرغم من ذلك لا تزال بقية المجموعات التي تنتمي لانتفاضة 17 تشرين تُعارض الدخول بتحالف انتخابي مع النائب سعد وما يُمثله، وهذا الأمر سينعكسُ سلباً على قوى التغيير، وبالتالي يُفرق وحدتها ويجعل منها حالة انقسام في صفوف المعارضة، مما يُشكل حالة مساعدة وتقديم خدمات مجانية لـ”حزب الله” وحلفائه. 

هذا عدا عن أن مجموعات الانتفاضة أيضاً غير موحدة في رؤية واحدة، بل تكثرُ الترشيحات وكلٌ منها تعتبر إنها هي 17 تشرين وتمنع عن الآخرين الصفة الثورية.

 في الدائرة الثانية، الزهراني ــ صور والتي تضم سبعة مقاعد، ستة مقاعد للشيعة، أربعة مقاعد في صور ومقعدان في الزهراني، ومقعد للروم الملكيين الكاثوليك. وفي هذه الدائرة، الحال ليست أفضل مما هي عليه ظروف وأوضاع الدائرة الأولى . 

منذ أواخر آب – غشت 2021 بدأت تدب الحركة في مجال تنشيط العمل تحضيراً للاستحقاق الانتخابي في أيار- ماي من العام الحالي 2022، وقد تم تحديد المجموعات التي تتشكل منها المعارضة في الدائرة الثانية وبدأت تنشط حركة الاتصالات على مستوى منطقة صور أولاً، ومن ثم بعد ترتيب البيت الداخلي في صور ومنطقتها يتم الانتقال إلى التنسيق مع منطقة الزهراني وقرى شرق صيدا، والتي تشكل جزءاً من الدائرة الثانية. وهنا لا بد من ذكر تفصيل صغير قد يُظهر حجم الأزمة التي تواجه المعارضات، والتي على الرغم من وجود بعض مظاهر الوحدة، والتي  لازالت ظاهرة في الممارسة والأفعال، مثلاً، أخذ نقاش حصرية السلاح وحصرية قراري السلم والحرب بيد الدولة ما يُقارب الثلاثة أشهر من الوقت للوصول إلى حد أدنى مقبول من الجميع، وقد بقيت عبارة المقاومة في صلب الورقة السياسية، مما أظهر جلياً وبوضوح لا يقبل الشك، بأن بعض الأحزاب أو المجموعات فعلا تُقدم خدمات جليلة لمشروع حزب الله عن قصد أو عن غير قصد. ولا زال الأمر على حاله على الرغم من إعلان اللقاء الديمقراطي في صور ومنطقتها عبر مؤتمر صحفي، لازالت الأجواء المنقسمة على ذاتها تتالى فصولها عبر إعلان نوايا ترشيح من هنا ومن هناك، وللمثال فقط، أن مجموعة صغيرة قد أعلن نية ثلاثة أعضاء منها على الترشح للاستحقاق الانتخابي، مع العلم في المنطقة فقط أربعة مقاعد مخصصة لقضاء صور، عدا عن جديد قد استجد عن دخول مجموعة من خارج المنطقة وإعلان ترشيح ثلاثة أشخاص من ذات المجموعة المستوردة على صور ومنطقتها دون أدنى حيثية أو وجود شعبي لها في مدينة صور ومنطقتها. 

هذا بعض من كثير من الأمور لازالت تُشكل عائقاً أمام توحيد جميع القوى الثورية والتغييرية في لائحة واحدة ذات وزن، تواجه الثنائي الذي يملك السلطة والسلاح والمال، وهنا حتى لا تكون الرؤية أكثر سوداوية، فمن الممكن أن تستطيع قوى المعارضة التغييرية بخرق بمقعد شيعي أو المقعد الكاثوليكي خصوصا في منطقة الزهراني، إذا قلنا أنه من المستبعد الخرق في مقاعد قضاء صور الأربعة لكن الأمر ليس مستحيلاً إن فعلا أحسنت المعارضة عملها وأتقنت ظروف عملها.   

أما الدائرة الثالثة والتي تضم “قضاء  النبطية – قضاء بنت جبيل وقضاء مرجعيون حاصبيا، هذه الدائرة الكبيرة والتي تضم تنوعاً يختلف عن باقي دوائر الجنوب من حيث التنوع الطائفي والمذهبي، مما لا ينطبق على باقي دوائر الجنوب، كما إنها تضم عدداً اكبر من المقاعد النيابية، أحد عشر مقعداً، تسعة مقاعد شيعية، ومقعد للروم الأرثوذوكس، ومقعد للمسلمين السنة، ومقعد للموحدين الدروز. 

هذه الدائرة حالها ليست أفضل من باقي دوائر الجنوب، بل هي ووفق تنوعها، وتنوع الأحزاب والمجموعات التي تدعي ثوريتها وبأنها قوى تغييرية قد يتوفر فيها خرق قوى السلطة، إن أحسنت القوى المعارضة توحيد جهودها وائتلافها في لائحة واحدة في مواجهة الثنائي وما تُمثلهُ او تشملهُ. خصوصا في المقاعد غير الشيعية كمقاعد الدرزي أو السني أو الروم الأورثوذكس، كما إنه تتوفر إمكانية الخرق بمرشح شيعي.

 هذا الأمر يظهر بوضوح، على الرغم من المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات، وما يتناقله الإعلام عن إعلان إئتلافات وتجمعات تغييرية لتواجه المنظومة وتنتصر عليها. 

هذا الأمر قد يكون سوداوياً ، ولكنه فعلاً ليس مستحيلاً، بل قد يكون تجربة فعلية على طريق التحضير لانتخابات العام 2026 والذي قد يُشكل حقيقة واقع التغيير الذي ينتظره اللبنانيين في هذا الوطن الذي يعيش درب الجلجلة منذ ما يقارب الخمسين عاماً ولا يزال، وهذا الأمر لن ينتهي إلا باستعادة سيادة الدولة اللبنانية، وعودة لبنان ليكون فاعلاً في محيطه العربي والذي يُشكل الرئة التي يتنفس لبنان من خلالها.

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني