زورق الموت في طرابلس وتداعيات الانتخابات

زورق الموت في طرابلس وتداعيات الانتخابات

حسين عطايا

منذ سنوات كان اللبنانيون يسمعون عن الهرب في قوارب الموت بطرق غير شرعية يلجأ إليها الأفارقة والسوريون والمغاربة، ولم تكن هذه وسيلة بالنسبة إلى اللبنانيين الذين كانوا يختارون الهجرة الشرعية، لكن ضيق الحال في السنوات الاخيرة، وتحول لبنان إلى جهنم تحرق الماضي والحاضر، وتجعل من مستقبلهم مجرد رماد، دفعتهم إلى التجارب المرة.

 أكثر من 70 شخصا لبنانيين وسوريين اعتلوا زورقا من بلدة القلمون القريبة من عاصمة لبنان الثانية طرابلس، ليهربوا عن طريق البحر متأملين ببلد لا يلفظهم الا ان الموت كان بإنتظارهم فإنتشل 10 من بينهم طفلة وعمليات الانقاذ تواصلت خلال ليل السبت ــ الاحد للكشف عن المفقودين وبينهم عدد من الاطفال. 

وفي التفاصيل ان المركب لم يكد ينطلق حتى غرق بهم قبالة جزيرة الفنار – الرمكين أيّ قبل تجاوزهم المياه الإقليمية اللبنانية سعيًا للوصول إلى الأراضي القبرصية والأوروبية. المأساة الجديدة رسمت صورة قاتمة عند الاهالي الذين تجمعوا عند مرفأ طرابلس ومستشفيات المدينة وشهدت المدينة توترًا كبيرًا وإطلاق نار تعبيرا عن غضبهم، لا سيما وان الهاربين كانوا من العائلات اوانتهت رحلتهم بمأساة وصدمة اصابت كل اللبنانيين بالعمق وجعلتهم من جديد يشتمون الطبقة الحاكمة التي تعيش في جنان السلطة وتتركهم يحترقون في نار جهنم، فلا يجدون مخرجا الا تجار البشر الذين على أهبة الاستعداد لربح الأموال من جنى عمر إبتلعته المصارف وإبتلع حيتان التجارة البشرية ما تبقى منه. 

صرخة احد المواطنين الناجين الذي نقل الى احد المستشفيات أبكت الناس، فهو رغم اوجاعه وفشل التجربة التي كادت تأخذ روحه صرخ صرخة معبرة عن الوجع إنه سيكررها للهرب مرة واثنين وثلاثة للهرب من لبنان وسعيا نحو لقمة عيش وحياة هانئة موعودة. ولا شك أن ضحايا زورق طرابلس، هم برقبة العهد المشؤم ومن خلفه حزب ايران، اللذان بالتضامن والتكافل اوصلا لبنان الى قعر جهنم الذي يعيشه اللبنانيون يومياً. لقد عاثا بالبلاد فساداً وتخريباً لم يشهده لبنان منذ تأسيسه قبل مئة عام، العهد القوي للرئيس ميشال عون كما يطلق عليه أتباعه وتياره السياسي نهبا وزارة الطاقة حيث تم تبذير ما يزيد عن ثلاثُ واربعون مليار دولار على مؤسسة الكهرباء دون ان تأتي الكهرباء، وصرفا ما يُقارب الثماني عشر مليار دولار على دعم السلع والتي ذهبت بغالبيتها الى جيوب المتنفذين والسماسرة والمهربين الى نظام البراميل في دمشق، تحت اعين الدولة وحزبها الايراني واجهزتها على اختلاف انواعها وتسمياتها . واليوم لا زالا ينهبان اخر مليارات المودعين في المصارف ومصرف لبنان وفق بدع هندسات ومنصات وصيرفاتٍ حتى الدولار الاخير، وقد يبيعون الذهب الموجود بمصرف لبنان او يرهنون ما هو خارج لبنان . 

هذا العهد الاسود يُحاول التذاكي على اللبنانيين بالمطالبة بتدقيق جنائي حيناً وقانون كابيتال كونترول أحيانا،ً بينما يُمعنُ في نهب آخر ما تبقى في خزينة مصرف لبنان، كل ذلك، ولا زالت بقايا العهد تخرج لتُخبر اللبنانيين بروايات إصلاح ومُكافحة فساد بينما هم يستجدون مقعداً نيابياً هنا وكرسي وزارة هناك . 

كان رهان اللبنانيين على معارضة وبقايا مجموعات ثورة في ان تتوحد بلوائح على مستوى لبنان وفق خطاب سياسي وانتخابي واحد، لوائح تضم معارضين مشهود لهم، بعيداً عن ودائع حزب ايران وتوابعه واذنابه، لكن للأسف ما  ظهر كان لوائح انتخابية لمعارضات هزيلة لاتختلف بخطابها الضعيف عن خطاب السلطة والمنظومة، لا بل كانت ادبياتها لا تختلف عن ادبيات المنظومة سوى بالاسم والشعار. 

وعليه اعتبر بعض اللبنانيين أن كل صوت انتخابي يتم اعطاؤه الى تيار عون وصهره جبران باسيل هو صوت لحزب إيران في لبنان، وهو صوت في صناديق استمرار الفساد والهدر والعمالة.

 ولذلك لا بد من التنبه الى من يقترع الناخب المعارض، كما لا يغر بكلام بعض ودائع حزب الله واذنابه. التصويت الصح هي صرخة اليوم في لبنان، فالتصويت بحسب هؤلاء المعارضين يجب ان يكون لمن يحمل خطاباً سيادياً يسعى لتحرير لبنان من وصايات فارسية حيناً وعثمانية أحياناً وصهيونية متلبسة لبوس الوطنية في أكثر الأحيان، فرطت بسيادة لبنان على بحره ومياهه وما يختزنه من ثروات نفطية وغازية يوم لم يوقعوا على تعديل المرسوم ٦٤٣٣ والمعروفون بالأسماء والصفات والأماكن والمربعات الأمنية والجمهورية والنيابية وغيرها . 

ومن هنا كانت الشعارات لا تعطوا اصواتكم لمن تنازل عن الخط ٢٩ في ترسيم الحدود البحرية .لا تصوتوا لمن التقى هوكشتاين في المانيا وعرض عليه  السير بالترسيم وفق ما تُريده اسرائيل فقط ليُشطب اسمه عن لوائح العقوبات الامريكية . (جبران باسيل). ومن هنا فإن هؤلاء يعتبرون أن الرد على مراكب الموت التي كان آخرها زورق القلمون الذي غرق مقابل ميناء طرابلس، هو الإقتراع الصحيح في الخامس عشر من ايار، ليكن صوت المعارضين صوت كل مُعذب على الاراضي اللبنانية، صوت كل أم واب ابتعد عنهما ابنائهما ليتغربوا خارج حدود الوطن، والصوت سيكون في صناديق الاقتراع أيضا، صوت ابناء المؤسسة العسكرية التي تتعرض للتجويع والأذلال من منظومة الفساد الحاكمة، وصوت كل ام فقدت إبنا في تفجير مرفأ بيروت، وصوت كل أبٍ يبحث عن لقمة خبز ليُطعم عائلته في هذا الزمن الصعب، صوت ثورة حقيقية تُزلزل الارض تحت اقدام العمالة التي باعت الوطن ورهنته لمحور الممانعة التي تُفاوض الولايات المتحدة الامريكية لرفع الحظر والعقوبات عنها، بينما يعيش اللبنانيون في الفقر والعوز يومياً، وصوت بوجه من افلس الوطن ورهن أحلام ابنائه لينتشروا في أصقاع الارض بحثاً عن فرصة عمل او حلم حياة كريمة.

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني