عاجل و… فلان !!
محمد بولعيش
يتعلق الخبر العاجل بكون المغرب قد أصبح (بفعل عوامل لا يمكن ضبطها) دولة ديمقراطية، للملك فيها مكانته المحترمة، بصفته رمزا للوحدة والسيادة، ولرئيس الحكومة كامل السلطة على الدواليب السياسية والأمنية والعسكرية والمالية والاقتصادية للدولة الداخلية منها والخارجية..
وأصبح البرلمان يمارس كامل صلاحياته ويراقب العمل الحكومي بصرامة، ويحاسب الحكومة بنزاهة قلّ نظيرها في العالم، ويشرع لصالح المواطنين (وقد رفعت عنهم صفة الرعايا) الذين أوصلوا نوابهم إليه بكل حرية وشفافية وعفة، بعد أن أصبح الشعب المصدر الوحيد للسلطة، وبعد أن تخلص البرلمان من الطفيليات النائمة والمصوتة أبدا مع أرباب نعمها..
كما أن القضاء صار مستقلا نزيها عادلا متحررا من سلطات الهاتف والمال والجاه، فأضحى المواطنون – بعد أن استعادوا ثقتهم به طواعية – يلجؤون إليه لحل معضلاتهم ومشاكلهم المتراكمة على مرّ سنوات خلت..
وأصبحت الاستثمارات تتقاطر على البلاد وقد ضمن أصحابها أن حقوقهم يكفلها لهم القضاء دون حاجة إلى وسيط أو إرشاء.
دولة ديمقراطية تعرف فيها السلطة الرابعة حرية لا شبيه لها في العالم: تنتقد وتفضح وتوجه وتصل بسهولة إلى المعلومة تحت أعين القانون العادل الذي لا يرحم ولا يحابي ولا يميّز !
دولة قضت على الفساد ومسحته من قاموسها المحلي، بعد أن استعادت كل الأموال المودعة (أو المهرّبة، سيان !) في الخارج، وأعاد العفاريت والتماسيح كل ما نهبوه من خيرات وثروات ليثبتوا صدق مواطنتهم التائبة وحسن نواياهم، إثر صحو ضمائرهم الراقدة، فامتلأت خزائن البلاد وتوفرت فرص العمل والعيش الكريم للمواطنين و…، فتمكنت الدولة من توفير جزء هام من ميزانياتها التي كانت تنفق على الآلة القمعية بكل تجلياتها، بعد أن عمّ الرخاء واستقرت الأوضاع وضمن الناس معيشتهم ووزعت الثروات بعدالة واستحقاق، فغابت الاحتجاجات والوقفات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات…
دولة ديمقراطية تشيع فيها الحريات الفردية منها والجماعية، ويتمتع الموطنون في ظلها بكامل حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، دون تمييز بين الذكور والإناث، حيث المساواة الكاملة هي عنوان المرحلة في تناغم تام مع العهود والمواثيق الدولية، مساواة لم تعد بحاجة إلى مناصفة تسندها أو كوطا تؤطرها!!
أما فلان فهو رئيس الحكومة الذي تمكّن بصبره وتحمّله وأناته أن يثبت – مسنودا بحزبه الأغلبي وحلفائه الأفذاذ وجماهيره الواثقة من حسن طويته ونبل مقاصده – من إيصال سفينة البلاد إلى بر الأمان، بعد جهد جهيد وتضحيات جسام، متجاوزا سخرية ونقد الخصوم والأعداء والحلفاء (على السواء) وتهكمهم ونكتهم التي ملأت أسماع العالم (وهي بالمناسبة زلات ارتكبها عن قصد كي يلهي الناس بها ويتركونه يتفرغ لمهامه الجسام!)، فحقق ما لم يتحقق لغيره عبر الأزمان:
ملك يتنازل ويسلم السلطات لذوي الاختصاص، الفصل بين السلط واستقلالها عن بعضها، إدخال التماسيح والعفاريت إلى قماقمهم وجحورهم وإجبارهم على التوبة وإرجاع ما نهبوه، القضاء على الفساد نهائيا: ريعا ومحسوبية وزبونية ورشوة… إشاعة الحريات والمساواة (لا تعتقدوا أنه كان ضد تمتع المواطنين بحقوق وحرياتهم، وأنه كان ينوي إعادة التربية للمواطنين والمواطنات، فذلك كان مجرد خدعة، لتهييء المفاجآت!)، والعمل على تمتيع المواطنين بكل حقوقهم، وضمان حرية الصحافة ومدها بكل ما يسهل ماموريتها، وإدخال قوات الأمن – بكل أصنافها – إلى المدارس لإعادة تكوينها وتربيتها على حقوق الإنسان، لتكون في خدمة المواطن لا وسيلة قمعه، وتوفير كل حاجيات المواطنين الأساسية من عمل وسكن وتعليم وتطبيب وتثقيف واصطياف وتغذية و…
ما رأيكم؟
ألم يقولوا لنا بأن المغرب استثناء، فلم لم نصدقهم؟
(معذرة للفنانين الكبيرين على استعارة اسميهما في العنوان، مع كامل التقدير والاحترام لشخصيهما وعملهما الفني)
الصورة المرفقة : من أحداث الشغب والعنف الدامي الذي وقع نهاية الأسبوع بملعب الرباط