خطاب نصر الله تطبيع مع العدو برعاية إيران والشيطان الأكبر
حسين عطايا
جاءت الاطلالة الاعلامية لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، مع وصول البرقية الخطية التي أعدها الوسيط الامركي آموس هوكشتاين الى السفارة الاميركية في بيروت مستغربة من قبل اللبنانيين، وبدا ان هناك ترابطا ما بين الحدثين، وهو ما أكدته الاحداث التي تظهر إنه في كل مرة يتأزم فيها وضع حزب الله سياسياً، تأتي المساعدة من الكيان الاسرائيلي، لكن هذه المرة أتت من الولايات المتحدة، وكأن في الأمر ترابطاً وثيقاً وعملاني، يُستشف منه حاجة الكيان الاسرائيلي لبقاء حزب الله قوياً على الساحة اللبنانية، كونه يؤسس لمرحلة سلام على حدود فلسطين المحتلة شمالاً مما يُتيح للكيان الاسرائيلي التفرغ للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة بكون الجبهة الشمالية هادئة .
قد يستغرب البعض هذا القول ويصف أصحاب هذا الرأي بأنه من جماعة فكر المؤامرة وغيرها من عبارات قد تصل لحد التخوين وشُبهة العمالة.
ولنفند ما قاله السيد نصرالله في خطابه الأخير وتركيزه على بعض الأمور وأبرزها، دور المقاومة واعتبارها “نعمة تعود على لبنان بِنعم جليلة”، وقال أن “بعض الكلام بحقها لن يُقدم او يؤخر”.
ونحن كوطنيين لبنانيين نتوجه للسيد نصرالله بحقائق قد غابت عن باله او هو يُريد تغييبها:
*المقاومة: وجدت وكانت قبل حزبه بعشرات السنوات وما تجربة جبهة المقاومة الوطنية “جمول” سوى صفحة ناصعة البياض بتاريخ لبنان، بينما مقاومته وحروبها منذ حرب ١٩٩٣ مروراً بحرب ١٩٩٦ وصولا الى حرب ٢٠٠٦ وغزوة بيروت في العام ٢٠٠٨، لم تأت للبنان وشعبه سوى بالخراب والدمار والانهيار الاقتصادي، وما يعيشه لبنان في ظل عهد جهنم الذي أتى به حزب نصرالله ونصب حليفه ميشال عون سوى صورة واضحة وصارخة عن نتائج مقاومة حزب الله، وما جرته على لبنان من وصاية إيرانية زادت بتأزيم الأوضاع في لبنان على مختلف المستويات، وأبرزها عزل لبنان عن محيطه العربي والعالم ودخوله في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
*في موضوع الترسيم: أراد السيد نصرالله أن يظهر أمام اللبنانيين بأنه وحزبه يقفان خلف الدولة اللبنانية بقرارها من الوثيقة الخطية التي اعدها الوسيط هوكشتاين لحل أزمة النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، وهنا أيضاً تناسى نصر الله الخطاب السياسي لحزبه وله شخصياً على مدى سنوات وسنوات، عن أن لا سلام ولا تطبيع قبل إسترجاع فلسطين وعن أن إسرائيل تقف على رجل ونصف، وبأنها أوهن من بيت العنكبوت وبأنها تعيش الازمات، وهنا لا بد من خدش سمع السيد نصرالله لعل وعسى أن يتذكر :
ان اتفاق الترسيم والتفاوض هو مع دولة إسرائيل وفقاً لتسمية الرئيس بري يوم أعلن عن اتفاق الاطار، أي أن الدولة اللبنانية وبشخص رؤسائها الثلاثة وإداراتها هي من تفاوض الكيان الاسرائيلي “عفواً دولة إسرائيل” حتى لا نُزعج الرئيس بري ويُفسر موقفنا على أننا ضد اتفاق الإطار الذي توصل له في ايلول ٢٠٢٠ .
نعم يا سماحة السيد نصرالله التفاوض مع دولة إسرائيل هو بداية سلام، والتوقيع على إتفاقية الترسيم بغض النظر عن المشهد والصورة التي ستجري هي اتفاقية بين دولتين وهي بداية تطبيعٍ إقتصادي سياسي ليس إلا .ومهما جملت أو حاولت تجميل الصيغة تبقى عملية تطبيعٍ سياسي وإقتصادي بين الجمهورية اللبنانية والتي تمثلت في المفاوضات الأخيرة على أعلى المستويات، مع دولة إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وهنا نقول فلسطين المحتلة فقط للننعش ذاكرتك التي بدأت تتآكل بفعل سنين السلام والتي إمتدت منذ العام ٢٠٠٦.
هذا من جهة، ومن جهةٍ ثانية لقد بدا عليك التعب ياسماحة السيد، التعب في الذاكرة وليس في الجسد، هل تناسيت تهديداتك فيما خص حقل كاريش والخط ٢٩ والذي تنازلت عنه بمحض إرادتك وتغاضيت حتى عن تصويت نوابك اثناء تقدم النواب التغيريين بمشروع قانون تعديل الحدود الجنوبية؟.
أما بخصوص الترسيم من جديد، فنذكرك بما رددته بعض المصادر عن أن في ذلك الامر ريبة تتحدث عن صفقة ايرانية ــــ أميركية، على هامش مفاوضات جنيف تمت لترتيب منح إيران الاذن في زيادة كمية تصدير نفطها وزيادته من ٤٠٠ الف برميل يومياً إلى ما يُعادل مليوني برميل يومياً لتعويض النقص في الأسوق العالمية لعل في ذلك ما يعطي السوق فترة هدنة وراحة تساهم في تخفيض أسعار النفط وهذا ما سمح لك ولحزبك وعهدك بقبول الترسيم كيفما كان حتى ولو أتى على حساب سيادة لبنان وثروته النفطية في بحره ومنطقته الاقتصادية الخالصة، وبذلك تنازلت وحزبك عن خطابٍ سياسي إستمر لسنوات وبنيتم عليه إستراتيجيتكم بمقاومةٍ غب الطلب تخدم مصالح إيران فحسب وآخر همكم لبنان وشعبه ومصالحه .
أما عن حديثكم عن دور إيران في المنطقة وتساؤلكم عن إنه لولا إيران أين كانت فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، فهنا نسعى لتنشيط ذاكرتك ايضاً .فلسطين لازالت مُحتلة لا بل منقسمة تحت وطأة الاحتلال ما بين ضفة وقطاع وهذا ما لم يحدث قبل دخول ايران في تجارتها بفلسطين .
لبنان في عهدكم الجهنمي والذي اوقفتم الزمن سنتين ونصف حتى أوصلتم حليفكم ميشال عون الى كرسي الرئاسة في بعبدا، فدخل لبنان مع عهدكم الى جهنم في أزمة إقتصادية وتدهور مالي غير مسبوقين، على مدى مئة عام من تاريخ لبنان حتى ما لم يشهده لبنان خلال سنين الحرب البغيضة.
أما في سوريا، فهل تتذكر إنكم ممن ساهموا بتدمير سوريا وتهجير شعبها في شتى أصقاع الأرض وبأن نظام البراميل في دمشق لا يستطيع تموين جيشه وشعبه لولا عمليات التهريب المنظمة والتي يتولاها حزبكم من لبنان عبر معابر غير شرعية تُسيطرون عليها انتم .
وبالنسبة الى العراق وما أدراك العراق، فهو يعيش أزمات متتالية وعمليات نهب منظمة من حلفائكم الذين جعلوا من شعب العراق افقر شعوب الارض على الرغم من الثروات الهائلة التي يتخزنها، وذلك نتيجة نهب جماعة الحشد الشعبي والاطار التنسيقي حلفائكم اتباع الولي الفقيه .
وكذلك للذكرى أيضا اليمن الذي كان يوماً يُسمى اليمن السعيد، ففي عهد اتباع إيران من الحوثيين يعيش بؤساً وفقراً لا مثيل له عدا عن آلاف الضحايا التي قضت على أيدي حلفائكم ومستشاريكم في اليمن .
وفي حديثك عن الهجرة غير الشرعية في مراكب الموت، لو تتذكرون فقط ما أتى به عهدكم على مدى السنوات الست المنصرمة لما كنتم اتيتم على ذكر هذا الموضوع، لإن في سعيكم المتواصل عن شيطنة طرابلس والشمال واتهماتكم الباطلة دوماً عن تطرف اهل الشمال ونعتهم بالدواعش هذا من أهم وابرز ما يدفع بالطرابلسيين وأهل الشمال في الهجرة بعد ان سد عهدكم امامهم سُبل العمل والعيش بكرامة .
ومن جديد، عن قولكم قي انكم تقفون خلف الدولة اللبنانية في موقفها من الترسيم فتلك النغمة لم تعد تنطلي على احد في لبنان، فقد إتضح أن وقوفكم خلف الدولة اللبنانية هي فقط للتغطية على عجزكم في إفتعال أي حدث أو عمل قد يؤثر سلباً على الترسيم لأنكم تعلمون علم اليقين أن في ذاك نهايتكم وفي ذلك خراباً لمصالح ايران واتفاقها مع الاميركي حول تصدير نفطها والذي هو اولويتكم وليس للبنان في حساباتكم أية أولوية.
<
p style=”text-align: justify;”>