ما مصير جلسة المقبلة لانتخاب الرئيس اللبناني؟!
أحمد مطر
بات من الواضح لمجمل القوى السياسية اللبنانية الرئيسة أن جلسة 14 حزيران الانتخابية لن تنتج رئيساً في المنازلة التي ستجري بين مرشح فريق الممانعة ، ومرشح تقاطع المعارضة المؤلفة من الاحزاب المسيحية وبعض المستقلين والتغييريين .
وانطلاقاً مما ذكر، فإن كل المعطيات تشير إلى أن مسار جلسة الانتخابات الرئاسية ال12 ، في 14 الجاري لن يتغير عما سبق في الجلسات الماضية. إذ سيعاود نواب الثنائي والمؤيدون تعطيل نصاب دورة الاقتراع الثانية، كي لا يصار إلى انتخاب أزعور. وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمده حزب الله وحلفاؤه قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. والذي يبدو بوضوح أنه مصر على استخدامه مجدداً، سعياً لإيصال مرشحه فرنجية إلى رئاسة لبنان هذه المرة، بعدما أوصل رسالة إلى حليفه السابق النائب جبران باسيل والمعارضة ومن معهما، بأن دعم أزعور، لا يعني القدرة على إيصاله إلى قصر بعبدا
بات هناك حاجة إلى مبادرة خارجية قد تؤدي إلى تفاهم على مرشح ثالث ما دام يتعذر اتفاق اللبنانيين على أحد المرشحين. لكن مبادرة كهذه دونها صعوبات في ظل ضبابية احتمالات التوافق الإقليمي والدولي واستمرار التجاذب الإيراني العربي حول لبنان على الرغم من مناخ التهدئة الناجم عن الاتفاق السعودي الإيراني .
ولا يغرب عن بال أحد، أن الحزب وأمل يتعاملان مع الملف الرئاسي بنفس طويل، لاعتبارات عديدة داخلية وخارجية. فهما يدركان أن تمسكهما بالمرشح فرنجية، وسلوك كل الخيارات المسموحة لذلك، قد يوصلهما إلى تحقيق أهدافهما، انطلاقاً من تجربة الرئيس عون. فعامل الوقت، ربما يعتقدان أنه لصالحهما سيما وأن الثنائي لا زال متسلحاً بالموقف الفرنسي الذي يعتقدان أنه على دعمه لفرنجية، بدليل ما أشار إليه الرئيس بري بهذا الخصوص. ولهذا لا يبدو أن الصورة قد تتغير على صعيد المشهد الرئاسي، في حال لم تخرج الجلسة الانتخابية المقبلة بأي نتيجة، ما قد يدفع رئيس البرلمان، إلى عدم الدعوة إلى جلسات جديدة، طالما لم يتحقق أي تقدم على هذا الصعيد، يفضي إلى الخروج من هذا المأزق .
ومن هنا فإن إصرار الثنائي على مشروعه، سعياً لفرض فرنجية رئيساً للجمهورية، إذا أمكنه ذلك، خلافاً لرغبة السواد الأعظم من المسيحيين الذين اختاروا أزعور مرشحهم لرئاسة الجمهورية. واستناداً إلى ما تقوله مصادر مسيحية ، من خلال توجهه إلى تعطيل نصاب الدورة الثانية من جلسة 14 الجاري الانتخابية سيدفع بالوضع إلى مزيد من التعقيد، ويأخذ لبنان إلى مرحلة شديدة الخطورة لبنان ، سيما إذا ما جرى تجاهل الإرادة المسيحية التي ما زالت على موقفها الرافض لفرنجية، بانتظار ما سيقوله الأخير من الملف الرئاسي، ومن سائر الملفات المطروحة .
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل وفق لقراءة معارضة، أن الفريق الآخر يريد الالتفاف على الدستور، من أجل استغلال عامل الوقت بالمماطلة والتسويف حتى يستطيع فرض مرشحه. لكن دون ذلك عقبات عديدة لأن اللبنانيين لا يمكن أن يقبلوا بحصول هذا الأمر، مهما تعرضوا للضغوطات من جانب حزب الله والدائرين في فلكه. لكن في المقابل، فإن هناك من يرى أن مسار الأمور كما هي الآن، وبعدما أصبحت المواجهة محصورة بين أزعور وفرنجية، دون أن يتمكن أحدهما من تحقيق الفوز على الآخر، فإن الطريق قد تفتح أمام مرشح ثالث، سيتم البحث عنه بعد جلسة الرابع عشر من الجاري، وهذا ما يفتح الباب أمام عودة التدخل العربي والدولي، من أجل تهيئة المناخات أمام مرشح توافق، كخيار حتمي، للحؤول دون استمرار الشغور الرئاسي الذي يهدد البلد بعواقب وخيمة .
وهذا ما يزيد من فرص البحث عن الخيار التوافقي الذي يجسده قائد الجيش العماد جوزف عون أكثر من غيره، وهو الذي يحظى بدعم خليجي، وتحديداً من الجانب القطري الذي يتبنى ترشيحه، وقد أسر بذلك في الجلسات الخاصة أكثر من مرة .
ختاماً في ظل اجواء التوتر التي ستهيمن على الاجواء السياسية في لبنان خلال الاسابيع المقبلة، مع ما يترتب على ذلك من اخطار امنية، بات من الضرورة ان تصدر مبادرة جديدة عن اصدقاء لبنان الممثلة بالدول الخمس أن تجدد مساعيها للبحث عن صيغة توافقية تقضي باختيار مرشح مستقل جديد، له دوره وتجربته في العمل المؤسساتي والوطني، ولا ميول سياسية لديه تجعله محسوباً على هذا الفريق،أو ذاك، وقد أثبتت التجارب أن المعادلات الدقيقة التي تحكم قواعد العيش الواحد بين اللبنانيين لا تتحمل تفرد طرف معين، سواء كان طائفياً أو سياسياً أو حزبياً، مهما بلغت قوته ومكانته، بفرض خياراته وإرادته على الآخرين، لأن توازنات المعادلة الوطنية تُصاب سريعاً بالخلل، وتضع البلد أمام مخاطر أسوأ التقديرات احتمالاً
فلماذا لا تقوم القيادات السياسية والحزبية بإختصار جلجلة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين بسبب الإنهيارات المستمرة، وتُقدم على التوافق على شخصية الرئيس العتيد، ليكون عنوان مرحلة الإستقرار والإصلاح التي أحوج ما يكون البلد إليها، للخروج من قعر جهنم، ويمكن في مثل هذه الحالة ان تتوجه الانظار نحو اختيار قائد الجيش العماد جوزاف عون، مع كل ما يشكل هذا الاختيار من ضمانات لمختلف الاطراف السياسية بما فيها الثنائي الشيعي، ومحور الممانعة ، وهكذا يبقى السؤال هل بلغنا حالة النضج الوطني للبحث عن خيار ثالث كخطوة آمنة على طريق الخروج من المأزق وإعادة بناء الدولة.