قصة قصيرة: كريستينا

قصة قصيرة: كريستينا

عزالدين الماعزي

     مجتمعين كانوا ليلة الاثنين التي تشبه ليلة العيد في منزل بنت (مريم).

– الأولى هذي والثانية هاذي..

يشير مصطفى بأصبعه إلى المتحلقين حوله حلقة نساء ورجال من الأهل والأصحاب. يلتفت إلى ابنه، يصرخ فيه..

– سير، اتْنيني (1) أنت، (انعس أحسن ليك البرْهوش)…

يصرخ الأطفال فيما بينهم..

– بْغينا الداودي.. والداودي ولا ماغا نعسوووووش!؟..

ينبري إبراهيم من بين الجمع ويغني المقطع :

(وعلاشْ يا قلبي فين غبتِ، انْسيتي راسك، ضايع بين الناس وانا وانا *..

ليتبعه الكل…

(اعلاه يا قلبي.. فين غبتِ، انسيتي راسك..

يهتف الجميع نريد المزيد.. يقاطعهم إبراهيم بلكنته :

– إخواني السهْره (ما زال عاد ابدات )، لن تبدأ السهرة بعد ؟، تصفيق حاد.. تنهض (شين) لتغني أغنية أصاله.. ويبدأ التصفيق من جديد..

ابراهيم في الغرفة الأخرى الآن ينادي على زوجته لكي تصلح من شأنه، يعود، يده خارج الجلباب الذي ارتداه ليُمسرح الجلسة واللحظة ويظهر حاملا طعريجة يُسلمها لأمي زهرا وعلى إيقاع الطعريجة وتحت وابل الضربات المتكررة يبدأ شكل آخر من الاحتفال بأغنية شعبية بلا ساس ولا راس، يلتفت إليّ، ويقدم لجنة التحكيم التي تتكلف بتنقيط الراقصات..

بجانبي يوجد زوج كريستينا الذي يبدو صامتا يبتسم لكل شيء وينضبط لأقل حركة فرحا و..

يمر أمامنا طابور من الراقصات شكّلَهُن مصطفى بالتساوي، كلّ يعرض لباسه ورقصته المحببة طالبا من الحضور التصفيق.

(جيم) طفل صغير حذق يقفز هناك رفقة (هاء) أما (حاء) فيثير الأرض غبارا كما تقول (عايشه) المرأة الوحيدة التي لا تحسن الرقص ولا النقر، تكتفي بالابتسام والقول :

  • ( حشومه، أويييلي.. الموصْطافا).. هذا عيبْ، ويلي ألمُصطفى..

ورغم ذلك فهو يرغمها على الوقوف أمامهن واستعراض بعض البقايا من جمالها وتحريك عجيزتها كما أرغم نسيبته على فعل نفس الشيء، عندما تدخلتُ بصفتي رئيس لجنة التحكيم..

قال :

  • إنهن خارج المسابقة ولا بدّ من إعطاء الوقت للنساء وإلا فشلت الخطة كلها.

إبراهيم يهمس في أذني قائلا إن أنصاره كُثر ولابد من الفوز واحتلال المراتب الأولى خاصة وأن كريستينا خرجت لتبديل ثيابها وللتزين..

شطحَ وردحَ الكلّ وانطلقت التعاليق والتصفيقات، وتمتع الحاضرون بأروع الرقصات والأرداف النحيلة والثقيلة وضحكات الحاجة (..) وأمي زهرا ولاله ومايْلوڤ (2)  (لالّه حُبي) كما يطلق عليها إبراهيم.. كُلهن استلقين على قفاهن.. من الضحك والنشاط..

 في زاوية الغرفة كنت منطويا أسجل بعض النقاط في ورقة سكر بيضاء. أتظاهر بأني أكتب أو أحنّشُ كما تقول (مريم) وهي تكرر:

  • اتركوا الأستاذ فهو لا يمكن إلا أن يكون محايدا..!؟

خرجتُ تحت تصفيقات وضربات الطعاريج لكي لا أعود..

منتظرين منّي دائما النتائج الكاملة كما يعتقدون…

في انتظار ذلك تخيل أيها القارئ -المتذوق- النتائج المنتظرة..

من تكون الأولى..؟

ومن تكون الثانية ومن التي في الصف الأخير، تخيلْ ذلك واكتبْ بوعي تام ما تسفر عنه انشغالاتك التامة في قصة أخرى، حتما ستُثيرنا جميعا..

هامش:

*أغنية شعبية.

1- بمعنى انعسْ ونمْ .    2-  my love

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عز الدين الماعزي

قاص مغربي