الثالثة ثابتة؟!
محمود القيسي
“أنا أزرع وردة بيضاء
في يوليو كما في يناير
للصديق المخلص
الذي يمدّني بيده بصراحة…
لا أزرع القرّاص ولا الأشواك
أزرع وردة بيضاء”
خوسيه جوليان مارتي
في خضم الصراع التدميري الدائر على الأرض الأوكرانية سلة غذاء العالم بين ناتو الولايات المتحدة الاميركية بالحجارة الأوكرانية من ناحية وبوتين أو قيصر روسيا الاتحادية وحلفائه من ناحية اخرى.. يتبادر إلى أذهان الجميع سؤال مركزي بديهي واحد أحد عن هوية المتسبب أو السبب في هذه القيامة الدموية والأسباب الحقيقية الكامنة والظاهرة وراء الأجندات السرية والعلنية للسبب والمتسبب و الجوكر وتوت حاوي اللعبة العالمية وورق اللعب وبلاع الموس كذلك.. كذلك قال كذلك. السؤال الذي ليس لديه أو أمامه سوى جواب موضوعي واحد.. جواب واحد احد يقول وينادي (على من تنادي) بصوت واحد ينادي: مصالح الولايات المتحدة الاميركية الكبرى، أو أزمات الولايات المتحدة العديدة والمتعددة الكبرى، في عصر الأقطاب العالمية المتنافسة الكبرى، التي أسقطت أممية وعولمة وعالمية بلاد سام الاحدية الكبرى، بالضربة القاضية الكبرى.. والنقاط كذلك.. كذلك قالت كذلك…!؟
نعم، أزمات الولايات المتحدة الاميركية المتراكمة تاريخيًا كمًا ونوعًا – ونوعًا وكمًا.. التراكمات الكمية والنوعية الديالكتيكية في تاريخ المادية – مادية الفلسفة السياسية العلمية.. أو الفلسفة المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية… نعم، أخطبوط الإمبريالية العالمية الأكبر هو السبب والمتسبب والنتيجة في إشعال واشتعال حرب أوكرانيا العالمية الكبرى.. بل حروب العالم الحديث المبتكرة الكبرى، والتي نيرانها أصبحت في طريقها المفتوح إلى أوروبا.. أو جيوبوليتيك الحرب العالمية الأولى تاريخيًا التي لم تقضي على هذا العالم نهائيًا.. وجيوبوليتيك الحرب العالمية الثانية التي كادت ان تقضي على هذا العالم نهائيًا.. والحرب العالمية “الثالثة ثابتة” التي نعيشها الان، وفي طريقها إلى وضع حجر اساس نهاية هذا العالم نهائيًا، بالضربة القاضية الكبرى وخصوصًا إذا ما زال الأميركي يعتقد ويؤمن بالنيات – وينوي حشر أنفه في مضيق تايوان الصينية.. تبقى العاقبة على المتقين.. والأعمال دائما بالنيات.. وقد قيل أن المثل الشعبي الثالثة ثابتة، مأخوذ عن حكاية إنجليزية عسكرية قديمة جديدة للتحذير من الهزائم والموت المباغت والنهايات التراجيدية الوجودية الكبرى..!
وعن مغزي الثالثة ثابتة، أو بالأحرى مغزى الثلاثة، يتفذلك أحدهم قائلاً: أن رقم ثلاثة هو رقم التحديد: وللتعبير عن الأجسام يلزم على الأقل ثلاثة أبعاد، ولتحديد المكان يلزم على الأقل ثلاثة محاور. وللمادة ثلاثة أحوال: صلبة، أو: سائلة، أو:غازية. والذرة تتكون من جزئيات ثلاث. والكائنات الحية: حيوانات، أو: أسماك، أو: نباتات. والإنسان كائن ثلاثي: جسد، ونفس، وروح.كمًا إن أكثر الأرقام تداولاً في جميع لغات الأرض هو الرقم: (ثلاثة)، الأمثلة تشرح: القراء ثلاثة: قارئ عادي – قارئ محترف – قارئ كاتب (حيدر حيدر). الخطأ ثلاثة: الخطأ يسبق الاعتذار – التهور يسبق الندم، والخطيئة تسبق التوبة. الخيانة ثلاث: خائن مضلّل، خائن تحت التمرين، وخائن مرفوع الراس بكل وقاحة. الأوفى على ثلاثة: لا توجد صداقة دائمة، ولا عداوة دائمة، بل مصالح دائمة كما قال يومًا ونستون تشرشل.
اما الخائفون ثلاثة: المدنيون يخافون العسكر، العسكر يخافون نقصاً في السلاح، والسلاح يخاف نقصاً في الحروب. التخطيط ثلاثة: إذا كنت تخطط لسنة، ازرع أرزاً، وإن كنت تخطط لعشر سنوات، ازرع شجراً، أما إذا كنت تخطط لمئة سنة، ارزع رجالاً (مثل صيني). ثلاث ثورات فاشلة: ثورات لا تشبه نفسها، ثورات لا تشبه شعبها، وثورات أنقصت وزنها. فائض الخطأ ثلاثة: فائض القوة أنتج النازية، وفائض التوسع أنتج الفاشية، وفائض العنصرية أنتج الصهيونية. العمل الناجح ثلاثي: أن نجتمع معاً هي البداية، وأن نبقى معاً هو التقدم، وأن نعمل معاً هو النجاح.. توزيع الخيانة: إذا خانك أحدهم مرة، فالذنب ذنبه، وإذا خانك مرتين فالذنب ذنبك… الموت واحد من ثلاثة: في نيكاراغوا: (أي شخص لا يموت من الجوع أو المرض أو من رصاصة، يموت من الضحك). دون ان يغيب عن وعينا الثلث المُعطّل في لبنان… الخطر ثلاثي الابعاد صناعة أمريكية بإمتياز ثلاثي الابعاد: (أمريكا تصنع الأسلحة.. وتصنع الحروب.. وتصنع الخوف)..!
يقال، أو قيل عن قال خوفًا من الوقوع في الكفر السياسي والعياذ بآلهة رب المال المالي: إن وجود القوات البحرية الأميركية في إحدى بقاع الأرض يعني إنهم على وشك سرقة موارد وثروات تلك البقاع أو إنتاج فوضى خلاقة وحرب استباقية على دين المحافظين القدماء والمحافظين الجدد.. الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال وليس الحصر، تحتل الان ثلث الأراضي السورية وأي ثلث هذا؟ إنه الثلث الذي يحتوى على النفط، في حين تعلو صيحات الإدانات الغربية العالية خصوصًا ضد بوتين لغزوه الأراضي الأوكرانية، سبحان ما فعل الثلث والاثلاث والمازوت والبنزين والغاز والرقم ثلاثة بنا.. نوضع في العصارة ثلاثة مرات كي يخرج منا النفط الثلاثي.. و نخبك نخبك نخبك يا وطن ثلاثة مرات.. لن يتشوه منك سوى الحجر والتراب واللحم الفاني، فالبعض يبيع اليابس والأخضر والأصفر، ووالله بالصدفه، بمحض الصدفة خرج التنغيم من فمي ثلاثيًا..!
اثبتت الأحداث والحروب والأزمات العالمية المتلاحقة والمتلاطمة إن الإمبريالية أعلى مراحل الاستعمار وثقافة الهيمنة والاستحواذ والتملك والامتلاك القسري.. وسياسة اليد السفلى واليد العليا على الشعوب وثقافاتها وتقاليدها.. واليد الطولى أو الطويلة في حقيقة الأمر على ممتلكات تلك الشعوب وثرواتها وحضاراتها بكل الوسائل والأدوات الغير قانونية والغير أخلاقية والغير إنسانية.. هي نوعاً من المسارات السلطوية والاقتصادية والثقافية التي تلحق الأذى بالكرامة الوطنية وأنماط الحياة والمستوى المعيشي لغالبية الشعوب الخاضعة للسيطرة الإمبريالية. وإذا كان اهتمام النخب الفكرية سابقًا بالإمبريالية نابعاً من محاولات تفسيرها للحروب التي تشنّها الدول الكبرى دفاعاً عن مصالح شركاتها الضخمة، فإنّ الإمبريالية الجديدة تترافق مع نشر السياسات النيوليبرالية التي تعيد هيكلة الاقتصادات الوطنية بما يخدم مصالح الدول الإمبريالية ومصالح فئة صغيرة مرتبطة بها..!
يعود دافع الضرائب الأميركي العادي إلى السؤال والتساؤل من جديد عن المستفيد من تلك الحروب وما تخفيه وتخلفه من مآسي وموت ودمار وخراب..!؟ سأخبرك الان يجيب عقله الباطني: “المجمع الصناعي العسكري” هو الذي ينهب من الشعب الاميركي مئات المليارات وتريليونات دافعي الضرائب.. كم مرة سمعنا في حياتنا وزير الدفاع الأميركي يقول: “لا نعرف مكان 2 تريليون دولار”، وهذا ما لم يحدث أكثر من مرة أو مرتين خلال الخمسة عقود الماضية… يعود ويسأل دافع الضرائب الأميركي نفسه مجددًا: لماذا لا يمكننا وقف هذه الحرب أو هذه الإبادة.. والوصول بنا جميعًا إلى النقطة – صفر؟ ومن يدير هذه الحرب؟ يجيب عقله الباطني إنها آلة وآلهة الحرب يا عزيزي، أصغر طفل في بلدان العالم الثالث يعلم ذلك..! من يدير هذه البلاد؟ أود معرفة من المسؤول عن هذه القرارات يتساءل المواطن الأميركي العادي؟! تجيب نفسه عليه مرة أخرى: جو بايدن نائم.. أو جو بايدن النائم كما يسمونه بالتأكيد غير مسؤول عن تلك القرارات وغير مسؤول عن نومه… حيث إن ( نام ينام نوما ) فعل “ثلاثي” مجرد بفعل اللغة وليس بمحض الصدفة.. ومصدر فعل نام: ( نوم – منام ).. واسم الفعل من فعل نام: بايدن “نائم”.. في حين اسم المفعول من فعل نام: بايدن “مُنوم”..!؟ ومن هي الجهة الفاعلة يسأل المواطن نفسه ويتساءل في حيرة وخوف؟ يجيب عقله الباطني، وهو يلتفت خائف ومذعور.. ذات اليمين وذات اليسار: “الدولة العميقة” يا أنا.. الدولة العميقة، يا نفسي أنا..!؟