المبادرات الخارجية تصطدم بإرباك داخلي ولا رئيس قريبا 

المبادرات الخارجية تصطدم بإرباك داخلي ولا رئيس قريبا 
 
أحمد مطر
      رسائل التراشق بين القوى السياسية، بقيت في الواجهة مجدداً، حول انتخابات الرئاسة الأولى، وانتظام ما يعرف بعمل المؤسسات بعد ملء الشغور الرئاسي، لتكر سبحة الحكومة، وجلسات الثقة، والتعيينات، والتشريع ، ولكن السؤال الاساسي كيفية العبور من حالة الفراغ، الذي يهدم الجمهورية ، الى حالة ملئ الفراغ الدستوري، والمؤسساتي، الذي يعيد بناء الجمهورية ودفعها إلى الأمام. 
وعلى ما يبدو ان المبادرة الفرنسية تعثرت، بعد تفرد الشانزليزيه متسرعاً بإعلانها، دون التشاور مع الشركاء الخمسة في لقاء باريس. كما انطفأت مساعي الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بعدما خرج عن حدود التكليف الذي حمله من اجتماع الدوحة الخماسي، وذهب بعيداً في تخبطه بالتعاطي مع الفرقاء اللبنانيين، الذين قابل معظمهم رسالته الساذجة للنواب بالرفض والتنديد. 
صحيح أن الاستراحة الرئاسية في الشهر الحالي طال أمدها، إلا أنها أظهرت بعد وقوع سلسلة الأحداث في البلد أن التفاهم على الرئيس العتيد لا يزال بعيدا، وأن الحل المنشود للشغور الرئاسي غير قائم لا من خلال الحوار أو غير ذلك. وفي القراءة الحالية للواقع المتصل بهذا الاستحقاق أن الداخل اللبناني ما زال منقسماً ومع مرور الأيام يزداد الانقسام، أما في الخارج فإن اللقاءات التي تعقد كما المحادثات تركز على العنوان الكبير حول إتمام الاستحقاق وتحمل القادة اللبنانيين المسؤولية فيه. هذه القراءة أصبح الجميع على معرفة بها وبالتالي من المستحيل إحداث الخرق المطلوب في التعاطي السائد. لقد اعتاد كثيرون على مراحل الشغور وسيعتادون على الشغور الحالي طالما أن المبادرات مفقودة وحتى وإن وجدت فمحكومة بالفشل.
بصريح العبارة ما من معطيات في الأفق الرئاسي، والمواقف الأخيرة عكست التوجه القائل أن القوى السياسية ترغب في المنازلة في هذا الملف حتى الرمق الأخير.
المعارضة تتحضر لجبهة أوسع وتعمل على التوحد، في حين يحاول فريق الممانعة التماسك وعدم التنازل عن مرشحه وهو على استعداد للمعركة، وإذا كان الفريق المنتمي إليه قد تحدث عن المواصفات وبرنامج الرئيس العتيد ردا على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان بطريقة تلمح إلى أنها تنطبق على الحليف الأول والأخير رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، فإن الفريق الأخر أي المعارضة لن يرسل أي جواب مكتفياً ببيانه الأخير.
وفي المعلومات المتوافرة فإن المعارضة اتخذت القرار بإنشاء جبهة أكبر من تلك القائمة حاليا، وهناك اتصالات تصب في هذا السياق، لكنها لا تزال في بداياتها على ما يبدو وهي ليست موجهة ضد حوار الحزب والتيار، إنما هدفها تجميع اكبر عدد من الأصوات عندما تعمد الى المطالبة بجلسات الانتخاب المفتوحة.
وهنا تفيد مصادر سياسية مطلعة أن هناك جدية في اتصالات المعارضة التي تشمل نوابا من كتل يملكون التوجُّه عينه، لكن المسألة مرهونة بخواتيمها، ولعل الرسالة الأبرز الكامنة وراء هذا التحرك هو ضمان الوقوف صفا واحدا لمواجهة فرض الرئيس من خلال اي إجراء فضلا عن أهمية العودة إلى كيفية الضغط في سياق الدعوة لجلسات الانتخاب كخطوة مقبلة، مشيرة إلى أن قراءة المعارضة بالنسبة إلى الحوار بين الحزب والتيار هي قراءة يصلح فيها القول أن الفريقين يقاتلان لإحياء تفاهمهما السابق وفق معطى جديد، لكن ليس واضحا ما إذا كان على القطعة أم لا .
وتؤكد هذه المصادر أن ما من خطط مسبقة في هذه المرحلة، وبالنسبة إلى قوى الممانعة فلا تزال مبادرة لودريان قائمة الى حين حصول العكس، كما أن الممتنعين عن تقديم إجابات رفضوا الشق المتصل بالحوار لكنهم لم يتحدثوا عن رفض أي طرح بديل في حال وجد، وهذه المسألة مناطة بالسيد لودريان وما قد تحمله زيارته المقبلة إلى بيروت الشهر المقبل.
وتعتبر أن ما من تحرك لباقي النواب أو الذين ابتعدوا عن التصويت للمرشحين الحاليين أي الوزير السابق جهاد ازعور والنائب السابق فرنجية، وهم لم يقرروا بعد الدخول في عملية مراجعة لخياراتهم كما أنهم في حالة انتظار مع العلم أن أصواتهم من شأنها إحداث الفرق في عملية التصويت، مشيرة إلى أن الستاتيكو الرئاسي باقٍ على حاله في ظل الفشل في أي نقاط مشتركة في المواصفات الرئاسية وبرنامج عمل الرئيس التي تعد بالنسبة إلى البعض ملهاة للوقت، لأن التركيز يجب أن يكون على انتخاب الرئيس فقط، في حين أن البعض الآخر يشدد على هاتين النقطتين بالتحديد كونهما المفتاح في هذا المسار.
إذاً عودة المعارضة إلى تنسيق الموقف وتوحيد تحركها وفق الثوابت التي أعلنتها قد يقابلها تمسك فريق الممانعة بمبدأ الحوار، وهذا الإصرار من الفريقين يعني أن الانتخابات الرئاسية بعيدة كل البعد عن التحقيق ختاماً بعد سلسلة الانتكاسات المتلاحقة التي أصابت الدور الفرنسي، أعاد الوهج إلى المركز الأصلي والفاعل للأزمة اللبنانية، ومحوره الرياض وواشنطن بشكل مباشر، وعلى مسافة واضحة طهران، التي سيتحدد دورها على ضوء زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى المملكة، حيث سيكون ملف لبنان حاضراً، إلى جانب الملفات الساخنة في المنطقة، وطبعاً بعد البحث في تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين الجارتين.
Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني