أسئلة مطروحة على القضاء الواقف
مواطن “سانْدِكْ”
رفعتْ محامية لديها مكتبُها في الطابق العلوي للعمارة التي يمثل ساكنتها كاتب هذه السطور العبد الضعيف (بالعاصمة الرباط)، دعوى قضائية ضد السكان، من خلال ممثليتهم syndict، تطالبهم فيها، بتعويضٍ مالي مبلغُه يلامس حدود السبعة ملايين ستنيم، عما تعتبره أضرارا لحقت بمكتبها، جراء ما تصفُه تسرُّباً لمياه الأمطار من السطح إلى داخل المكتب، مما ألحق أضرارا بمحتوياته، كما ورد في دعواها القضائية.
إذا كان اليوم لزاما على جمعيتنا، دفع التعويضات المطلوبة من السيدة المحامية، بسبب ضرر، تقول إنه أصاب مكتبها بمفردها، ومع الملابسات المرافقة للملف المعد لطلب هذه التعويضات، وإذا أخذ تسليمها ما تطالب به من تعويضات صفة السابقة، فمن الذي يمنع غذا، أي ساكن من سكان الإقامة، من أن يزعم، تحت أي ذريعة، تعرُّضَ مسكنه هو الآخر لأضرار كبيرة، ويقوم هو أيضا، بإعداد ملف مشابه، ويطالب الجمعية بتعويضات توازي إن لم تفق ما تطالب به المشتكية الحالية؟ ومن أين تأتي الجمعية، ذات الإمكانيات الشحيحة، بالأموال اللازمة لتقدمها تعويضات لكل من يطمع فيها؟
تجدر الإشارة إلى أن سطح العمارة ليس فيه أي عيب، بدليل أن جيران المحامية في نفس الطابق، والسكان الذين كانوا قبلها في ذات الطابق وذات الشقة التي اشترتها منهم، قبل رحيلهم عنها، لم يسبق لهم أن اشتكوا من هذا التسرب الذي تتحدث عنه المحامية.
المثير في الأمر هو أن ممثلية السكان حين اتصلت ببعض المحامين من هيئة الرباط وعرضت عليهم المرافعة لصالحها في هذه النازلة، امتنعوا كلهم عن أداء هذه المهمة، والحجة هي أنهم لا يمكنهم الترافع ضد زميلة لهم في المهنة، وطلبوا من ممثل السكان البحث عن محام من خارج هيئة الرباط.
فلماذا لا يرافع محامي ضد زميلٍ له من نفس الهيئة؟ هل هذا موقف صائب؟ أين العيب في ترافعٍ من هذا القبيل؟ يفترض في المحامي أنه يُجسِّدُ صفة القضاء الواقف، إنه يرافع مدافعا عن قضية، وليس ضد شخصٍ آخر بصرف النظر عن هيئته وصفته. المحامي، باعتباره ممثلا للقضاء الواقف، يساعد القضاء الجالس على الوصول إلى الحق وإلى إقرار العدالة.
أما إذا تحاشى المحامي الترافع ضد زميل له في المهنة، وأجبر المواطن المشتكى به على السفر خارج المدينة التي يقطنها، بحثا عن محامٍ، ألا يكون في ذلك تعسيرٌ لحق هذا المواطن في الحصول، بيسرٍ وبساطة، على دفاعٍ قانوني عن نفسه في قضية قد يكون مظلوما فيها؟ بهذا الخيار، ألا يمكن للمحامي أن يضع نفسه في موقع من يناصر زميله المحامي، حتى إن كان ظالما وليس مظلوما؟
نطرح هذه الأسئلة للنقاش، والأمل معقود كلُّهُ على القضاء للفصل في هذه النازلة بنزاهة، سواء بمحام خارج هيئة الرباط أو بدونه…