لبنان وفشل الحركة الدبلوماسية الخارجية
أحمد مطر
لم يعد اللبنانيون يعولون كثيراً على زيارات الموفدين الدوليين. وقد لا يحمل المبعوث الفرنسي لودريان جديداً يختلف عن سابق. بيد أن الرجل يأتي هذه المرة زاعماً حمل اقتراحات للتحاور، لكنها مغلّفة بأعذار يراد منها إجراء استطلاع ميداني حديث يضاف إلى حراك اللجنة الخماسية. وفي حقائب مبعوث الإليزيه ملفات تواصل بين بلاده والرياض وواشنطن وأجواء من إيران عقب مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي وقبل أسابيع من انتخاب رئيس إيراني جديد .
أشارت مصادر سياسية أن لا جدوى من زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إيف لودريان إلى لبنان هذه المرة في ظل عدم وجود متغيرات، تؤدي إلى استنباط الحلول لأزمة الانتخابات الرئاسية، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزّة، والحروب الثانوية المتفرعة عنها، إن كانت المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على جانبي الحدود الجنوبية اللبنانية أو في اليمن وعلى الحدود العراقية السورية.
وتوقعت المصادر أن يواجه لودريان في زيارته، سياسة الأبواب المغلقة أمام مهمته، من الثنائي الشيعي وحلفائهما، ما يعكس استمرار إمساك النظام الإيراني بقرار مصادرة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كالسابق، منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، أي قبل ما يقارب العام والنصف، تارة باشتراط إجراء حوار يسبق الانتخابات، وتارة أخرى بربط إجراء الانتخابات الرئاسية، بانتهاء حرب غزة، في حين يبدو موقف الولايات المتحدة الأميركية من مهمة لودريان ضبابيا، وغير حاسم للسير قدما بإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، لاعتبارات لها علاقة بالوضع المتوتر بالمنطقة، وعدم إنضاج التفاهمات والاتفاقات بين الإدارة الأميركية والنظام الإيراني حول الملفات والمواضيع المختلف عليها، والأوضاع في لبنان والانتخابات الرئاسية من بينها.
وتعتبر المصادر أنه لو كانت هناك جدية حقيقية من الولايات المتحدة الأميركية باتجاه اتمام الانتخابات الرئاسية في هذا الوقت بالذات، لكانت حركت المستشار الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين باتجاه لبنان وبقي على تواصل مع كل الأطراف المعنيين والجهات الإقليمية والدولية، حتى إجراء الانتخابات الرئاسية كما فعل خلال وساطته لإنهاء الخلاف على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولتلاقت جهوده مع زيارة لودريان على الأقل، للبحث عن الحل المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية.
وتوقعت المصادر أن تسجل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إيف لودريان إلى لبنان اليوم، على لائحة المبادرات والزيارات الفرنسية الفاشلة السابقة لمساعدة لبنان، والتي اصطدمت بعرقلة واضحة من قبل حزب الله تحديدا، بدءا من المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال زيارته الثانية إلى لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت، لتشكيل حكومة من الأخصائيين، تتولى مهمة إعادة النهوض بلبنان، وبعدها الوساطة الفرنسية المتواصلة لحل ازمة الانتخابات الرئاسية.
وتسجل المصادر أن أولى نتائج زيارة لودريان إلى لبنان قبل حصولها، عرقلة تنفيذ مضمون البيان الصادر عن اللجنة، وقطع الطريق على كل محاولات فصل إجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء الحرب على غزة، الأمر الذي يؤدي إلى تباينات وحساسية بين دول اللجنة والأطراف السياسة التي تولت تعطيل التنفيذ، والأصعب من كل ذلك بقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية لحين إنجاز التفاهمات والاتفاقات المرتقبة بين إيران وإسرائيل.
ختاماً، وفق هذه المعطيات انحصرت مهمة لودريان في لبنان في جس نبض الفرقاء اللبنانيين بشأن سيناريوهات محتملة، بما في ذلك الحوار في باريس واستطلاع مواقفها حيال التحولات الجارية في المنطقة والعالم. وفي ضوء الداتا التي سيجمعها ستعد باريس ملفها اللبناني وستسعى من جديد إلى تسويق آلية حل تحتاج إلى دعم خارجي لا يستثني أحداً، طالما أن فرنسا، وخصوصاً موفدها الذي بات خبيراً محنّكاً في الشأن اللبناني، تستنتج عقم التعويل على أي آليّة داخلية للخروج من النفق.
Visited 48 times, 1 visit(s) today