العقيدة النووية الروسية: هل هي إعلان حرب عالمية جديدة؟!

العقيدة النووية الروسية: هل هي إعلان حرب عالمية جديدة؟!

سمير سكاف

 يمكن اعتبار العقيدة النووية الجديدة التي وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح اليوم بمثابة عقيدة ردع أكثر منها أمر عمليات وهجومأي أنها ردع لحرب عالمية جديدة وليس تشجيعاً لها!

 يعيد بوتين بهذه العقيدة التوازن بين قطبي القوى العظمى، وتوازن يشبه حرباً باردة جديدة، عسكرياً على الأقل. مؤكداً، من وجهة نظره، على حق روسيا في الدفاع عن نفسها وعن حلفائها، حتى بالاستعمال النووي.

وهو ما سيدفع بخصومه إلى التروي في تشجيع أوكرانيا على التمادي في الحرب، أو في استهداف العمق الروسي بالصواريخ البالستية.

يريد بوتين أن يؤكد للجميع أن روسيا لن تُهزم في الحرب. وأنه لن يسمح بذلك. فارضاً على الآخرين خيار التفاوض السياسي بالقوة النووية.

 ميدانياً، لم تتمكن أوكرانيا، على الرغم من عشرات مليارات الدولارات من المساعدات المالية والعسكرية التي تلقتها من الولايات المتحدة ومن الدول الأوروبية الغربية، وباستثناء الدخول لعدة كيلومترات في كورسك، لم تتمكن من تحقيق أي نجاح عسكري، حتى في ما اعتبرته منذ مدة الهجوم المضاد! وهو ما أدرك به حلف الناتو محدودية طموحاته العسكرية في روسيا!

 ومن الهام في هذه العقيدة النووية الروسية هو ما تذكره لجهة احتفاظ روسيا بحق الرد النووي على الاستهداف الباليستي. وهو تحذير لأوكرانيا ولحلف الناتو، وحتى للولايات المتحدة!

ومع ذلك، فإن عقيدة الردع هذه، معطوفة على وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من جديد يؤشران إلى التفاؤل، لا إلى التصادم!

 وتجدر الاشارة إلى أن ما اعتُبر السماح لأوكرانيا باستهداف الداخل الروسي بالصواريخ البالستية هو تقارير صحافية وليس إعلاناً لا من الإدارة الأميركية ولا من وزير دفاعها أو من وزير خارجيتها، ولا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

 وقد سارع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لتكذيب أي من هذه المعلومات، والتي كانت صحيفة الفيغارو الفرنسية قد نشرتها، قبل أن تعود وتحذفها.

 ومن أبرز المؤشرات الإيجابية أوروبياً هو مبادرة المستشار الألماني أولاف شولتز منذ يومين بالاتصال بالرئيس فلاديمير بوتين والتحدث إليه لمدة ساعة كاملة بعد انقطاع الحديث بينهما لسنتين. شولتز كان قد أخبر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بنيته بإجراء هذا الاتصال. وهو قد أجراه بالفعل على الرغم من معارضة زيلينسكي لهذا الانفتاح.

ولن يكون مفاجئاً السماع قريباً باتصال من الرئيس ماكرون بالرئيس بوتين. مع العلم، أنه من شبه المؤكد أن اتصال شولتز ببوتين كان منسقاً مع ماكرون! شولتز وماكرون يريدان المبادرة باتجاه بوتين قبل أن يفرضها عليهم ترامب قريباً!

 يبشر وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض بتهدئة الحروب الدولية. إذ أنه رجل أعمال، قبل أن يكون سياسياً، وهو يؤمن بالازدهار الاقتصادي لا بالحلول العسكرية.

وهذا ما سوف يحدث على الأرجح في العديد من المناطق في العالم، انطلاقاً من وقف الامداد المالي والتجهيز العسكري والذخيرة لأوكرانيا، ودفع الجميع للجلوس على طاولة التفاوض.

 الأوروبيون، انطلاقاً من المستشار شولتز والرئيس ماكرون والمفوض الأوروبي جوزيب باريل سيخضعون بالنهاية لإرادة ترامب من حهة، وللإرادة الشعبية وللرأي العام من جهة أخرى الذي لا يريد حرباً في أوروبا، ويريد بالتالي إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

 ويدرك الخبراء الاستراتيجيون أن خسارة شولتز وماكرون ومعظم قادة الدول الأوروبية في الانتخابات النيابية الداخلية كان مرده إلى تراجع القدرة الشرائية لمواطنيهم. ويعود ذلك إلى ارتفاع هائل في أسعار السلع والنفط والوقود بسبب مقاطعة الغاز الروسي.

 إن وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا بمباركة أميركية سيكون له انعكاس اقتصادي إيجابي، ليس فقط على الولايات المتحدة وأوروبا، بل على مختلف المناطق في العالم.

 للأسف أن هذا التفاؤل لن ينعكس على الشرق الأوسط في القسم الأول من العام 2025، على أمل أن يتحول إيجابياً في قسمه الثاني!

 ردع إيجابي مرحلي، على أمل العودة لاحقاً للبحث بوقف التسلح النووي، الذي يبقى تهديداً جدياً للبشرية.

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني