مفاوضات بري لا دستورية وغير ميثاقية!

مفاوضات بري لا دستورية وغير ميثاقية!

حسان القطب 

       عند كل استحقاق دستوري، من انتخاب رئيس للجمهروية، إلىتكليف رئيس حكومة، وصولاً إلىتشكيل الحكومة، يطل علينا الثنائي الحاكم..(نبيه بري، وحزب الله) للقول بان لبنان بلد محكوم بالميثاقية التوافقية، وأن من الضروري، التوافق، والاتفاق بين المكونات اللبنانية، على الشخصية التي يجب انتخابها او تكليفها، او الوزارة التي ينبغي تشكيلها..

المفاوضات مع الدول والمؤسسات الدولية، هي مسؤولية وصلاحية السلطة التنفيذية، من خلال موقعها الرئاسي والحكومي والوزاري.. وليس من صلاحية أية جهة أخرى على الإطلاق، والمجلس النيابي مسؤوليته متابعة ومراقبة والموافقة أو الرفض لهذه الاتفاقات والمعاهدات.. 

ما نعيشه في لبنان منذ الترسيم البحري، هو أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالشراكة مع حزب الله، بالتفاوض والاتفاق والتصديق، دون العودة للسلطة التنفيذية أو مراجعة المجلس النيابي مجتمعا لاطلاعه وأخذ رأيه وموافقته وتصديقه القانوني والدستوري على أية اتفاقية أو معاهدة..

اليوم ولبنان يعيش حالة حربٍ مفتوحة، أخذ قرارها حزب الله منفرداً تحت عنوان وشعار المساندة والمشاغلة، واستغلت إسرائيل هذا التدخل العسكري والحربي من حزب الله، لإطلاق حرب مفتوحة تدميرية على لبنان والشعب اللبناني، وقتل الآلاف وجرحى أكثر من عشرة ألف لبناني في مختلف المناطق اللبنانية، ونتدمير القرى والبلدات والمدن اللبنانية، بذريعة رد هجمات حزب الله وحماية شمال إسرائيل من هذهذ الهجمات وتجريد القرى اللبنانية الحدودية من السلاح ومنع المسلحين من العودة إلى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة..؟؟

المفاوضات التي يتم الحديث عنها اليوم، مع المبعوث الاميركي (آموس هوكشتاين) يجب أن تتم بحضور لجنة مفاوضات لبنانية تمثل النسيج الوطني اللبناني، لأن ما يتم التفاوض عليه اليوم هو مستقبل لبنان وشعب لبنان، واستقرار لبنان… وليس مجرد حوار وتفاوض بين بلدين شقيقين أو بين حزبين يرسمان مستقبل علاقاتهما مع بعض…

واقع بهذا الحجم والخطورة، يجب أن يكون فريق التفاوض يمثل السلطة التنفيذية، وليس التشريعية، وإذا كان وجود بري ضرورياً ليمثل حليفه وشريكه حزب الله الذي لا يستطيع المشاركة لأسباب موضوعية.. فإن الوفد اللبناني يجب أن يتمثل برئيس الحكومة ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية، وقائدالجيش أو رئيس الأركان.. إضافة إلىوجود قاضٍ مختص بالقانون الدولي وآخر بالقانون الدستوري.. حتى يكون فريقاً متكاملاً يقوم بالتفاوض مع الوسيط حتى لا يتم الاتفاق على بنود أو القبول بشروط غير دستورية أو تمس بدور الجيش وسيادة لبنان واستقلاله..

 ولكن ما يجري حالياً هو العكس تماما.. هو أن نبيه بري يفاوض منفرداً دون وجود أي فريق مفاوض، ربما لتكرار فضيحة الترسيم البحري التي خسر فيها 2000 كلم مربع من منطقته الاقتصادية البحرية، وتم حجب مضمون ونص الاتفاق عن المجلس النيابي لمراجعته، كما للتصديق عليه.. يكفي أن الثنائي الحاكم (بري وحزب الله) موافق عليه.. ولكن التفاوض اليوم يجري حول موضوع أكثر خطورة وأهمية وجدية… إنه مستقبل لبنان الذي يتم التفاوض عليه…؟؟

 وكل ما نسمعه هو تسريبات ونصوص متعددة وبنود متفاوتة ومتضاربة.. وإيحاءات من بري بالتفاؤل أو التشاؤم، وكأن مصير لبنان واللبنانيين لا يستحق الالتزام بالدستور ونصوصه.. ومع الأسف هذه ليست المرة الأولى.. والفريق الحاكم والمتحكم يتمادى في ممارساته غير الدستورية.. وغير الميثاقية التي يتغنى بها أو يتمسك بها هذا الثنائي عندما يريد التعطيل ووقف تنفيذ الاستحقاقات الدستورية.. والمضحك أكثر أن بري كلف أحد مساعديه الذي لا صفة وزارية له بمتابعة التفاوض مع المبعوث الأميركي..؟؟؟؟؟

 المطلوب تصويب ما يجري من خرق للدستور ومن عدم احترام الأدوار المرسومة لكل سلطة دستورية وحكومية، خاصة وأن الدستور نص على الفصل بين السلطة وحدد أدوارها وصلاحياتها التي لم تحترم ممن يظنون أنهم فوق القانون وفوق الدستور..

 لذلك يمكن القول إن المفاوضات التي يجريها نبيه بري من موقعه كرئيس للمجلس النيابي هي غير دستورية وغير ميثاقية، وإذا كان يفاوض من موقعه كرئيس حركة أمل وشريك حزب الله في السلطة والتسلطة فإن هذا السلوك يقود لمزيد الانقسام العامودي بين اللبنانيين والشعور بأن سلاح هذه المجموعات التي تحتكر السلم والحرب والقفز فوق الدستور يحب أن يتم سحبه، وأن يتم تصويب الأمر بالعودة للاحتكام للدستور واحترام نصوصه.. لأن ما يجري، يقوم به فريق واحد، ولكن يتحمل نتيجته وتداعياته كل اللبنانيين ويتحمل تبعاته لبنان الوطن والكيان.

Visited 9 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. حسان القطب

مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات