“كييف” تنتحر سعيا وراء إنهاء الحرب في منتصف 2025

“كييف” تنتحر سعيا وراء إنهاء الحرب في منتصف 2025

د. زياد منصور

       الجنون العاصف للتيار العسكريتاري المتخبط والمتخوف من المتغيرات الحاصلة جراء كثرة التواصل بين روسيا ودوائر القرار في أوروبا، بعيد الانتخابات الأميركية، يقوده هوس أعمى في هذه الأيام، جراء حدثين مهمين: أولهما، الاتصال الهاتفي الطويل بين بوتين والمستشار الألماني وبحث قضايا عميقة. والثاني اندفاع ماكرون الذي كان يريد إنزال جنوده في أوديسا، لمصافحة وزير الخارجية الروسية في لقاء دولي (قمة العشرين) والحاحه على فعل ذلك أمام عدسات الكاميرا، مما اثار استغرابا شديدا أمام كل من شاهد هذا الأمر..

إذن أوروبا تتحول، وحده المجمع العسكري في بعض دولها، يدفع في الأمور إلى الحد الأقصى، أي استمرار الحرب حتى آخر أوكراني، فيما يدرك زيلينسكي أنه بدأ يخسر الحرب، لكن الاعتراف بذلك يعني نهاية حلم رجل ظن انه أقوى من الجغرافيا والجيوبوليتيك، ولذلك جن جنونه وأرسل صبيحة هذا اليوم سبع وأربعون طائرة مسيرة نحو العاصمة موسكو ومدن روسية أخرى، وأعلن عن بدء إطلاق الصواريخ الغربية نحو العمق الروسي

فعليا فإنه من الناحية التقنية لا يمكن إطلاقا ‏لأوكرانيا ضرب العمق الروسي بدون قدرات حلف الناتو.. لماذا؟

لأن هذه الصواريخ تحتاج لأقمار صناعية لتوجيهها نحو أهدافها والتحكم بمساراتها، وقضايا إلكترونية ولوجستية كثيرة ومنظومة معقدة من الرصد والتجسس الخ، وكل هذه المذكورة لا تمتلكها أوكرانيا، وهي بحوزة الغرب وحده، ما يعني إن صواريخ ATACMS وHIMARS الأمريكيتين وStorm Shadow البريطانية، تحتاج لتشغيلها إلى خبراء غريبين، وقدرات استطلاعية فضائية هائلة ومعلومات دقيقة وغير ذلك، بمعنى آخر أن الحلف سيكون هو من يقود حربه ضد العمق الروسي وبإشراف مباشر..

رد الفعل الروسي لم ولن يكون متحفظا، فالعقيدة الروسية الدفاعية تبدلت، وتجيز استخدام الأسلحة النووية في حال التعدي على البلاد..

لقد تجاوزت أوكرانيا والغرب، هذه المرة أكثر من خط أحمر، والعبرة في الرد الروسي الذي كما اعتقد لن يكون نوويا، فلروسيا القدرة العسكرية على إسقاط كل الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، ولديها منظومة دفاع من الصواريخ الحديثة وذات الصيت، تتفوق على كل النماذج الغربية.

ولكن من وجهة نظر منطقية وموضوعية، فإن للقيادة الروسية بعد نظر، تعرف من خلاله كيف تتصرف بحكمة، وتفهم الصراع وأبعاده ونتائجه جيدا، وهي غير مستعجلة البتة.

أكثر ما يمكن أن تفعله روسيا، هو توسيع نطاق عمليتها العسكرية، واسقاط المزيد من المدن الأوكرانية الاستراتيجية والاستحواذ عليها لفرض شروط مذلة على الجانب الأوكراني..

بمعنى آخر فإن هذا توجيه إنذار حقيقي للغرب إذا تجاوز الحدود واستخدمت أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى ضد الأراضي الروسية، وهذه الصواريخ بعيدة المدى يتم برمجتها بواسطة خبراء من الناتو، لأن الخبراء الأوكرانيين يفتقرون إلى المعدات والخبرة اللازمة، ناهيك عن الطائرات التابعة للناتو والطائرات المسيرة الثقيلة التي توجه هذه الصواريخ، فسنكون مخولين بضرب المواقع التي تُطلق منها هذه الصواريخ

العنصر الثاني، وهو ما قد يحدث، وهو أن تعلن روسيا بأن أوكرانيا ومن يقف خلفها تجاوزوا “الستاتوس كو” المعمول به في حربهم، وتضرب بشكل موجع مراكز الخبراء والمستشارين الغربيين بشكل أكثر وضوحا وحدّة..

 ويعتقد خبراء كثر إن هذا بالضبط، ما ستقدم عليه روسيا لاحقا إذا تطورت الأمور، أي تدمير مراكز القرار في الدولة الأوكرانية، وهو ما حرصت أن  تتجنبه في السابق ، بما فيها اغتيال القادة في الموقعين السياسي والعسكري وصولا حتى الرئيس ومساعديه وخلفائه، وهذا أمر غير مستبعد، وهو حق مشروع في القانون الدولي، وتنتقل من استخدام الصيغة المعتمدة من قبلها أي “العملية العسكرية الخاصة”، إلى إعلان الحرب، مع ما يعنيه ذلك في القانون الدولي ويحمله من تغيير كلي في مسار الأمور ، مما يفسح في المجال لتغيير النهج العسكرية المتبع ومنح حقوق تصل إلى حد تصفية وحتى اعتقال رؤساء الدولة ووزرائها وجنرالاتها، وأيضا احتمال إطلاق عملية نوعية نحو اوديسا التي ظلت نسبيا بعيدة عن تأثيرات الحرب، فسقوط أوديسا يعني سقوطا لكل أركان الدولة الأوكرانية اقتصاديا بعد تدمير محطات الكهرباء ومصانع القطارات والمولدات، والإمساك بمراكز الطاقة والأراضي الزراعية السوداء الخصبة التي تغذي العالم قمحا .

روسيا تغير عقيدتها النووية:

     تتضمن العقيدة النووية الروسية الجديدة، تصريحًا باستخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت لهجوم من دولة غير نووية مدعومة من قوة نووية.

بهذا المعنى، فإن روسيا توجه تحذيرًا مباشرًا للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذين يزودون أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى ويدعون كييف لاستخدامها، ما يعني أنهم يشنون حربًا ضد روسيا بالوكالة”.

في المحصلة: الأمور تتدحرج نحو مفاوضات تبقي لروسيا مكتسباتها، ولن يكون هناك لجوء إلى استخدام النووي.

Visited 75 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي