في المعركة ضد أوكرانيا.. حملة دعائية مرتبطة بالانتخابات الأميركية

في المعركة ضد أوكرانيا.. حملة دعائية مرتبطة بالانتخابات الأميركية

د. زياد منصور

       بات من الواضح أنه مع كل انجاز عسكري تحققه روسيا في الميدان، ومع كل انجاز على المستوى الديبلوماسي والسياسي والاقتصادي، تنطلق أدوات الدعاية في الغرب، وينظم  الحلفاء الأقربين، كما الأبعدين حملات فيها الكثير من الخيال ، والأخبار الملفقة التي ترسم سيناريوهات بهدف تبديد هذه الانتصارات، وتقويض نتائجها، أو إعادتها إلى عوامل خارجية، وهي سياسة تقليدية متبعة منذ عقود طويلة، وتحمل في طياتها مكونات الدعاية الإعلامية والنفسية التي كانت تمارس على الاتحاد السوفييتي في عز الحرب الباردة، أو بالأحرى بعيد الانتصار الكبير في الحرب على النازية ودحرها .. هذه المرة دخلت العامل الكوري على الخط، من بوابة تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين البلدين، والاعتماد على أفلام مسربة حول انتقال أكثر من ثلاثة آلاف جندي كوري شمالي للمشاركة في الحرب على جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، حتى أن رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي حدد يوم الأحد القادم موعد بداية النشاط الحربي لهذه القوات وبالتحديد في كورسك

بداية فإن الجانب الروسي أظهر نوعًا من اللعب النظيف باستخدام أسلوب الصمت الذي يبعث على زيادة المزيد من الشكوك في هذه المسألة بالذات، وذهب إلى القول إن التعاون العسكري هو حق مشروع، وإن صحت الأخبار المتدفقة من شاشات التلفزة والمواقع الإخبارية، فإن خوة كهذه لا تتعارض مع القانون الدولي، بمعنى أنه أبقى الباب مشرعًا بقوة للمزيد من التكهنات والتحليلات، مع إمساك خفي بالواقع واستخدام هذه الورقة، كورقة مهمة ذات بعد سياسي وجيوبوليتيكي ونفسي ومعنوي، وهذا يعتبر من ضمن أصول اللعبة السياسية التي اكتسبتها روسيا خلال سنتين ونيف من بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا، حيث راكمت كمية هائلة من التكتيكات والأساليب المخادعة ، وأساليب التعامل المهني المحترف مع النشاط الدعائي الغربي، الذي تجلى منذ تفجير نورد ستريم 1، وجسر القرم، وقضية مسيرات شاهد الإيرانية ، والقذائف والمقذوفات والصواريخ الكورية القليلة التكلفة.

في كل حال ينفي الإعلام الروسي كما الجانب الروسي ومصادره هذه الدعابة الإعلامية، بحيث هناك الكثير من التعقيدات اللوجستية والجبهوية التي تعيق مشاركة الجيش الكوري الشمالي في المنطقة العسكرية، وفقًا لمصادر مطلعة، على الرغم من التسريبات الأخيرة في مجال المعلومات، فإن جيش كوريا الديمقراطية لا يشارك في المنطقة العسكرية الشمالية إلى جانب روسيا. وفي وقت سابق، قال رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة التابع لمجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أندريه كوفالينكو، إن كييف قتلت حتى العديد من الكوريين الشماليين الذين يُزعم أنهم قدَّموا المساعدة للقوات المسلحة الروسية في مجال سلاح المدفعية.

دون شك فإن شخصية هذا المتحدث جديرة بالملاحظة – فقد قام كوفالينكو نفسه، ومنذ فترة طويلة بتنظيم عمليات دعائية مختلفة في المجال الإعلامي. على سبيل المثال، كان في وقت ما مسؤولاً عن نشر الاستفزازات التي تهدف إلى بدء اشتباكات بين الأعراق والأديان في روسيا بعد الهجوم الإرهابي في كروكوس.

وربما يعمل برنامجه الاستراتيجي هذه المرة على مهمة تحديث الصراع بالنسبة للولايات المتحدة، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان، من أجل زيادة مشاركتها الضعيفة من خلال محاكاة تهديد مزعوم من بيونغ يانغ. وبما أن المجموعة القياسية من الروايات المناهضة لروسيا أصبحت مملة بالفعل، تجري محاولة لخلق الانطباع بأن منافسي واشنطن الآخرين قد انضموا إلى حرب بالوكالة ضدها في مسرح العمليات الأوكراني، وهذا هو بيت القصيد، خصوصًا بعد فشل محاولات الجانب الأوكراني لجهة مطالبته المزمنة، والحاحها باستخدام صواريخ متوسطة المدى ستورم شادو البريطانية والفرنسية لقصف العمق الروسي، وأيضًا بعد مشاركة أمين عام الأمم المتحدة غوتيريس في قمة البريكس في قازان ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورفض زيلينسكي استقبال الأمين العام الذي كان أهم الضيوف في كييف منذ عام تقريبًا، بما يتعارض مع القانون الدولي، ويظهر مدى العصبية وقصر النظر الذي باتت تعاني منه النخبة الحاكمة في كييف، وشعورها بالمزيد من العزلة، وبداية مرحلة من التعاطي البارد معها في دول الغرب، وعودة البراغماتية والواقعية إلى الرؤوس الحامية في أوروبا وأميركا.

في الجهة المقابلة فإن استخدام مثل هذه الورقة، والعيون شاخصة على الانتخابات الأميركية، ونتائجها وارتعاب حكام كييف من نتائجها، تمكن الطرف المتوائم مع توجهات كييف من استخدام ورقة الحضور العسكري الكوري، كورقة انتخابية دسمة ومادة دعائية تظهر مدى المخاطر التي قد تصيب “العالم الحر” في حال فوز الجمهوريين الذين لديهم رؤية مختلفة للصراع، ولديهم رغبة في انهائه في أسرع وقت.

في كل حال على ما يبدو فغن هذا الجهد المضني الذي يبذله حكام كييف من اجل الاستمالة الدعائية والإعلامية والنفسية سيذهب سدى، كما ذهب غيره من قبل، مثل استخدام روسيا لصواريخ إيرانية، وتجنيد المتطرفين الأوزبيك للقيام بعملية كروكوس لتفتيت المجتمع الروسي وبعث الأحقاد الدفينة، وهو يتنافى في الأصل مع منطق ازدواجية المعايير   في التعاطي الأوكراني مع القضايا الدولية ، بحيث وإن سلمنا بصحة الأنباء الواردة من كييف حول الانتشار الكوري الشمالي ، فإن هذا أولا لن يغير في الأصل من النتائج العسكرية، ولن يستطيع الثلاثة آلاف جندي كوري شمالي تغيير أي شيء في الميدان، ولا يتناسب مع صمت كييف حول التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل ودفاع الولايات المتحدة عن أمنها ضمن منطق التعاون والشراكة، ولا يخفي البتة التعاون العسكري الإسرائيلي الأوكراني في ساحات القتال في أوكرانيا، ولا نشاط أكثر من خمسة عشر ألفا من الفيلق الأجنبي الذي يقاتل فيه سويديون، وفرنسيون، وجورجيون، وبولنديون وغيرهخم إلى جانب قوات كييف، ولا حتى تدفق السلاح والخبراء من كل حدب وصوب لتقديم المساعدات المباشرة، وصولاً إلى تدريب الطيارين على الأف 16 واستخدامها في المعارك الجوية الحاصلة.

تقارير عن إرسال قوات كورية جنوبية إلى أوكرانيا

    أفادت تقارير وكالة ريونهاب، وفقًا لمصدر حكومي، الذي أفاد بأن كوريا الجنوبية تفكر في إرسال مجموعة من المتخصصين إلى أوكرانيا لمراقبة الجيش الكوري الشمالي، والذي، وفقًا للرسائل غير المؤكدة، يُزعم أنه تم إرساله إلى منطقة النزاع في أوكرانيا.

في الوقت نفسه، صرح رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق، حول مسألة ما إذا كان يعترف باستخدام جيشه قوات من كوريا الديمقراطية، أجاب: “إن روسيا “لم تطلب من أي أحد هذا الأمر “، وهي لا تحتاج في الأصل إلى هذا الأمر. ووفقًا لرينهاب، رفض ممثل كوريا الشمالية في الأمم المتحدة يوم الاثنين اتهامات كوريا الجنوبية وأوكرانيا بزعم إرسال جنود للمشاركة في الصراع الأوكراني، واصفا الأمر بأنه “شائعات لا أساس لها”.

وقال مصدر لوكالة يونهاب للأنباء إن “هناك احتمالا لإرسال أفراد إلى أوكرانيا لمراقبة التكتيكات والقدرات القتالية للقوات الخاصة الكورية الشمالية المنتشرة لدعم روسيا، ومن المتوقع أن يتكون الفريق في حالة نشره من أفراد عسكريين”. من وحدات الاستخبارات التي يمكنها “تحليل التكتيكات القتالية لكوريا الشمالية” أو المشاركة في استجواب الكوريين الشماليين الأسرى.

لفت السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف، في تعليقه على شائعات حول الإرسال المزعوم لجيش كوريا الديمقراطية إلى المنطقة العسكرية الشمالية، الانتباه إلى عدم اتساق المعلومات حول هذا الأمر، عندما “تقول كوريا الجنوبية شيئًا واحدًا، ثم يعلن البنتاغون أن” ليس لديهم تأكيد لمثل هذه التصريحات”.

وتعتقد روسيا أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تتعارض مع التسوية، وتشرك دول حلف شمال الأطلسي بشكل مباشر في الصراع وهي بمثابة “لعب بالنار”. وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن أي شحنة تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستصبح هدفا مشروعا لروسيا. ووفقا له، فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي متورطان بشكل مباشر في الصراع ليس فقط من خلال توفير الأسلحة، ولكن أيضًا من خلال تدريب الأفراد في المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ودول أخرى. صرح الكرملين أن تزويد أوكرانيا بالأسلحة من الغرب لا يساهم في المفاوضات وسيكون له تأثير سلبي.

التعاون الروسي الكوري الشمالي ليس جديدًا

    غني عن القول إن التعاون بين روسيا وعشرات من الدول ليس جديدًا وخصوصًا في المجال العسكري، إذ يتلقى مئات الضباط التابعين لجيوش مختلفة، بما فيها ضباط من العالم العربي دورات تدريبية في المعاهد العسكرية الروسية، وكذا ضباط من الجيش الكوري والصيني وغيرهما في إطار الاتفاقيات حول التعاون العسكري وإجراء المناورات المشتركة، جريًا على التقليد المتبع منذ زمن الاتحاد السوفييتي، إضافة لتبادل الخبرات الدفاعية وغير ذلك، والتنسيق في مجالات عدة.

بالنسبة لكوريا الشمالية فإن للاتحاد السوفييتي وكوريا دورًا كبيرًا في حصولها على استقلالها، خصوصًا فإن يوم النصر في كوريا هو في 15 آب- أغسطس 1945. حيث استقبل سكان كوريا الموحدة آنذاك الجنود السوفييت. فبعد خمس وثلاثين عامًا من الاحتلال الياباني، هُزم جيش كوانتونغ، وأمر الإمبراطور هيروهيتو قواته عبر الراديو بوقف المقاومة. وسارع الأمريكيون للاستيلاء على قطعة النصر الخاصة بهم، وفي نفس الوقت الاستيلاء على كوريا. فهم لم يشاركوا في عملية التحرير، وتم إرسال القوات إلى شبه الجزيرة بعد ثلاثة أسابيع فقط، لكنهم أرادوا قبول استسلام القوات اليابانية مع الروس، وتقسيم مناطق المسؤولية إلى النصف على طول خط العرض 38. بحيث وافق ستالين على ذلك بسخاء ودون تردد.

عمليًّا لم يكن هناك خيار آخر، فبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، بدأت الحرب الباردة. فمناطق الوصاية تحولت إلى مناطق نفوذ. وفي آب- أغسطس 1948، أعلن الجنوبيون تشكيل حكومتهم. وردًا على ذلك ظهرت في 9 أيلول-سبتمبر  من نفس العام، جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.

حينها قاد كوريا الديمقراطية كيم سونغ جو البالغ من العمر 36 عاما، والمعروف باسم كيم إيل سونغ، والذي يعني “الشمس المشرقة”. وله أيضًا اسم آخر، وهو جينغ تشي تشينج، قائد الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية. كان اللواء الدولي الخاص به موجودًا في إقليم خاباروفسك، ولم يشارك في المعارك، ولكن لديه خبرة قتالية.

لقد كان قائد فرقة حزبية، وكان أحد آخر القادة الحزبيين الذين غادروا منشوريا إلى أراضي الاتحاد السوفيتي بعد أن دمر اليابانيون أو اشتروا كل شيء هناك.

          اتسم موقف بيونغ يانغ تجاه موسكو بالاحترام التام. في عام 1949، قام كيم إيل سونغ بزيارة ودية. وبحلول هذا الوقت، كان التوتر بين الشمال والجنوب يتزايد. فقد كانت هناك اشتباكات على الحدود، بما في ذلك استخدام للمدفعية والطيران. كان كيم إيل سونغ يتشاور باستمرار مع ستالين، ويطلب الضوء الأخضر للقيام بغزو واسع النطاق، لكنه لا يحصل عليه إلا في تموز – يوليوز 1950. لتبدأ الحرب الأهلية، على الرغم من أن السؤال مفتوح حول من الذي انقض وشرع بذلك أولاً.

          قد هزمت كوريا الشمالية الجيش الكوري الجنوبي وحررت عملياً كل كوريا الجنوبية. أي أن السؤال المطروح هو إنشاء دولة كورية موحدة. في هذه اللحظة، تظاهرت الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل التحريض على هذا الصراع على وجه التحديد، بأنها كانت تغادر شبه الجزيرة الكورية، واستدارت، وعادت وبدأت في قصف واسع النطاق. عمد الأمريكيون إلى تشكيل تحالف تحت رعاية الأمم المتحدة. والآن أصبحت بيونغ يانغ على وشك الهزيمة، ودخل الصينيون الحرب. وفقا لتقديرات مختلفة، تم إرسال من 1 إلى 2.5 مليون متطوع. لكن الأميركيين كانوا يسيطرون على الجو. وأرسلت موسكو، التي ساعدت في السابق بالأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي والمستشارين العسكريين، طائرات إلى كوريا. بشكل غير رسمي. كانت نسبة الخسائر كبيرة، بحيث أسقط الطيارون السوفييت ما يقرب من 1300 طائرة أمريكية، لكنهم خسروا أقل بأربع مرات”.

تمكن الشماليون من تصحيح الوضع وإعادة العدو إلى خط العرض 38. منذ عام 1951، أصبحت الحرب موضعية. امتلك التحالف الأمريكي التكنولوجيا الحديثة إلى جانبه، رغم إن بيونج يانج وحلفائها كانوا يفوقونهم عددًا بأربعة أضعاف. ولم يتم استخدام جميع الاحتياطيات. وفي الوقت نفسه، وعد ستالين الصينيين بتجهيز 60 فرقة بأسلحة سوفيتية متقدمة، الأمر الذي كان يمكن أن يغير ميزان القوى بشكل جذري.

وفي آذار-مارس 1953، توفي ستالين. وسرعان ما قرر المكتب السياسي، بعد أن تولى خروتشوف المسؤولية، قرر أن خط مواصلة الحرب خاطئ، فهو كان لا يفهم في التفاصيل. يدعي خروتشوف نفسه في مذكراته أنه كان لا يعرف شيئًا حقًا عن الوضع في كوريا.

بعد أن بقيتا دون دعم من موسكو، اتجهت الصين وكوريا الشمالية نحو المفاوضات. في تموز-ييوليوز 1953، تم الإعلان عن هدنة، لكنها لم تُوقع من قبل الجانب الكوري الجنوبي حتى الآن.

“في كوريا الشمالية، التي كان يبلغ عدد سكانها 9.8 مليون نسمة، لقي حوالي 1.5 مليون شخص حتفهم – الخسائر كانت فادحة. لم يبقَ أي مدينة سليمة تقريباً، حيث دُمِّر بيونغ يانغ بنسبة قد تصل إلى 85%”،

خصصت موسكو نحو مليار روبل لإعادة إعمار كوريا الشمالية، وهي كانت حينها مبلغًا ضخمًا. بدا ذلك وكأنه حجر إضافي في أساس الصداقة المتينة بين الاتحاد السوفيتي وكوريا. لكن كانت هناك مشكلة.

كانت قرارات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي وما تلاها من عملية نشطة لإزالة الستالينية في دول المعسكر الاشتراكي تواجه بشكل بالغ الحساسية. لم يكن لخروتشوف مكانة كبيرة في جنوب شرق آسيا؛ فلم تُعلَّق صوره بدلًا من صور ستالين.

بمجرد أن بدأت انتقادات ستالين في الاتحاد السوفيتي، أدرك كيم إيل سونغ بوضوح أن هذه الانتقادات تستهدفه أيضًا، لأنه كان بلا شك يقلد ستالين. في عام 1955، استخدم كيم إيل سونغ لأول مرة مصطلح “الجوتشي”، الذي يعني السيادة والاعتماد على الذات. لقد قال:””بلد تحريفي وخائن لأفكار الاشتراكية. الروس تحريفيون، الصينيون جامدون، أما نحن فنحن الأتقياء”.

وبعد عام واحد فقط، تعرض كيم إيل سونغ لمحاولة فاشلة للإطاحة به. شاركت في المؤامرة الحزبية الفصائل الموالية للسوفييت والصين. في الوقت ذاته، كانت اللجنة السياسية السوفيتية بقيادة خروتشوف في حيرة، إذ فضلت المراقبة على التدخل.

“كان ممثلو الفصيل السوفيتي يترددون باستمرار على السفارة السوفيتية، يشكون من عبادة الشخصية ويشيرون إلى بعض الخطط المستقبلية. في السفارة كانوا يستمعون لهم، يرسلون ملاحظات إلى موسكو، وموسكو كانت ترد بمتابعة الأمر.

في عام 1961، قام كيم إيل سونغ بزيارة أخرى إلى موسكو، ووقَّع مع خروتشوف اتفاقية صداقة وتعاون، لكن هذا لم ينقذ العلاقات؛ فقد انطلقت كوريا الشمالية في مسار مستقل.

لكن، كما يقول الكوريون، “لا تتعجل شرب حسائك الكيمتشي”، أي لكل شيء وقته. الأزمان تتغير. موسكو وبيونغ يانغ تقتربان مجددًا. في عام 2019، سافر كيم جونغ أون، حفيد كيم إيل سونغ والقائد الحالي لكوريا الشمالية، إلى روسيا بالقطار.

في يوم السبت 9 أيلول-سبتمبر، هنأ الرئيس الروسي زعيم كوريا الشمالية بالذكرى الـ 75 لتأسيس البلاد. هذه المناسبة تُحتفل بها هناك بفعالية كبيرة، ومن بين الفعاليات الرائجة في كوريا الشمالية حاليًا غناء الأغاني السوفيتية من سنوات الحرب. خلاصة القول إنه لربما لتحقيق انتصارات جديدة، لا بد أولًا من تذكر الانتصارات المشتركة السابقة. فهل حقًا يكتب تاريخ جديد على الأرض الأوكرانية، الأمر متروك لمدى صحة ما يتردد في الدعاية الغربية من أقوال.

Visited 61 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي